دخلت اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية حيز التنفيذ الأحد الماضي، حيث انضمت أيضا نيجيريا إلى الإتفاق التاريخي في القمة الاستثنائية التي اختتمت أعمالها أمس الإثنين.
تم توقيع الإتفاقية من قبل 54 دولة وهذا لتتبادل فيما بينها البضائع والخدمات وتمارس التجارة بحرية وبأقل المعيقات والشروط الممكنة.
الإتفاق التاريخي ليس أشهر قليلة، بل إنه ثمرة من ثمار دروس استمرت لعقود وتعلمتها دول القارة السمراء التي تتمتع بأكثر من 1.2 مليار نسمة من السكان.
ومن المعلوم أن هذه القارة تتضمن الكثير من الدول والعديد منها لا ترتبط بعلاقات سياسية جديدة، في هذه القارة هناك الكثير من الحساسيات والخلافات الحدودية ولعل أشهرها قضية الصحراء المغربية التي يسميها البعض قضية الصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب والجزائر.
وضعت كل هذه الدول الخلافات جانبا وكانت جزءا من هذا المشهد التاريخي، فإلى جانب المغرب هناك الجزائر وهناك أيضا الكيان الذي يسمى “الجمهورية الصحراوية” والتي تتدعي أن الصحراء المغربية أرضها.
تخلى الجميع عن الحساسيات والخلافات السياسية وكانوا حاضرين للدفاع عن مصالحهم ومصالح القارة بأكملها، فلماذا لماذا اختارت دول أفريقيا الإتحاد والتجارة الحرة والعمل المشترك؟
-
ايقاف تدفق المهاجرين الأفارقة إلى الشمال
تعاني دول شمال أفريقيا من تدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء، فهناك في تونس لوحدها 60 ألف مهاجر، وهناك في المغرب أكثر من 100 ألف مهاجر والعدد في الجزائر وليبيا ومصر يتعدى هذه الأرقام بكثير.
هدف هؤلاء المهاجرين هو الوصول إلى أرض الأحلام، ونتحدث عن الإتحاد الأوروبي الغارق بالمهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط وشمال القارة السمراء أيضا.
يدفع الإتحاد الأوروبي الملايين من الدولارات سنويا لدول شمال أفريقيا لمنع المزيد من المهاجرين من الوصول إلى أوروبا، وتلك الأموال جزء منها يجب تخصيصه لتوفير فرص العمل لهم وادماجهم وتعليمهم أو حتى مساعدة الراغبين في العودة للعودة إلى بلدانهم.
فشلت هذه الخطة في ايقاف الزحف وتضاعفت الفاتورة التي يدفعها التكتل الأوروبي، واقتنعت دول شمال أفريقيا بأن التنمية الإقتصادية الشاملة هي الحل لمشكلة الهجرة المتزايدة.
تحرك المغرب وأقام المستشفيات والمعاهد والمدارس والمصانع واستغل الأمر لمصالحه التجارية أيضا ولشركاته الوطنية وتواجد في تلك الدول وانفتح على دول جنوب الصحراء.
لكن ذلك ليس كافيا، وهنا جاءت فكرة القيام بتنمية شاملة تفيد الشمال والجنوب والشرق والغرب في القارة، وهي التجارة الحرة وانتقال حر للأموال والتجارة.
-
محاربة الفقر والأزمات الإقتصادية
تتزايد ديون دول أفريقيا ولا توجد استثناءات في هذا الأمر، وفي المقابل يجد المزيد من الشباب المحلي صعوبات في الحصول على فرص عمل وينتشر الفقر والجريمة والهجرة السرية وأشكال أخرى من المشاكل التي تؤرق الحكومات.
اختارت دول أفريقيا الإتحاد والتجارة الحرة والعمل المشترك، لأن مشكلة الأزمات الإقتصادية التي لا تنتهي مشتركة بين الدول الأفريقية.
أدركت مختلف القوى في القارة أن الرخاء في بلد لوحده لا يمكن أن يستمر إن كان الجيران في أزمات ومشاكل اقتصادية.
-
ايقاف خسارة القوة البشرية
تخسر أفريقيا العقول والشباب الطموح بشكل مستمر لصالح كل من أوروبا وأمريكا وحتى دول آسيا المتقدمة.
وتتمتع القارة السمراء بالمواهب والشباب الناجح والنشيط، غير أن الخسارة المستمرة لهذه الموارد تجعل القارة مرتعا للجهل والتخلف والتأخر عن مسايرة التطورات.
لقد أدركت الحكومات أن هذا أمر فظيع وعليها أن توفر الحلول للشباب وإلا فإن البقية سينجرفون وراء الهجرة السرية وارتكاب الجرائم والتخريب.
-
انهاء عصر تصدير المواد الأولية
تعد أفريقيا مصدر للكثير من المواد الأولية التي تستخدم اليوم في المصانع الغربية والعالمية، وتعتمد الدول المحلية على عائدات بيعها وتصديرها.
غير أنه إذا استغلت تلك الموارد في التصنيع المحلي ومن ثم التصدير يمكن أن تكون الفوائد أكبر والأيدي العاملة التي سيتم توظيفها أكثر.
لا تريد أفريقيا أن تظل مصدرا للمواد الأولية بل يجب أن تصدر الخدمات والمنتجات وتنتشر فيها المصانع خصوصا وأنها تتمتع بالأيدي العاملة الرخيصة والقابلة للتعلم.
-
نفس التحديات ونفس المصير
يروج الإتحاد الأفريقي لهذه الفكرة الصحيحة، وهي أن مختلف دول هذه القارة تعاني من نفس المشاكل ونفس التحديات وهي تشترك أيضا في نفس المصير.
لهذا يجب توحيد الجهود والعمل على تجارة موحدة وأنظمة اقتصادية متكاملة وحل المشكلات بالتعاون معا وهذه طريق أسرع للتنمية والنجاح.
من المشاكل المشتركة لدى هذه الدول هي عرضتها لتشهد ثورات وانقلابات نتيجة الأزمات الإقتصادية التي تغضب الشعوب وتدفعها للمطالبة بتغيير النظام السياسي.
نهاية المقال:
هذه هي الأسباب والعوامل التي دفعت دول أفريقيا إلى الإتحاد والتجارة الحرة والعمل المشترك، لقد تعلمت دول القارة السمراء بأنه لا يمكن أن تتقدم دون اتحاد حقيقي وعمل مشترك وصادق.