إن الإتفاق التاريخي بشأن “ممر الهند والشرق الأوسط وأوروبا” الذي تم التوصل إليه خلال قمة مجموعة العشرين في دلهي يمثل مناسبة بالغة الأهمية بالنسبة للهند، ومن جهة أخرى تشارك فيه اسرائيل الدولة التي تقترب من التطبيع مع السعودية.
لا يوفر الممر طريق نقل بديل للأسواق المزدهرة في الشرق الأوسط وأوروبا فحسب، بل يوسع أيضًا نطاق الهند إلى شمال أفريقيا وأمريكا الشمالية.
إن الدعم القوي والحماس الذي أظهرته القيادة العليا للدول الثماني المشاركة خلال حفل التوقيع يبشر بالخير للهند والمنطقة الأوراسية بأكملها، ومن المتوقع أن يؤدي هذا الممر إلى تقليل وقت وتكلفة نقل البضائع الهندية إلى أوروبا بنسبة 40 في المائة و30 في المائة على التوالي، والعكس صحيح.
وتشعر الدول الأعضاء بالتفاؤل إزاء تعزيز الكفاءة اللوجستية، وخفض تكاليف الأعمال، وتعزيز الوحدة الاقتصادية، وخلق فرص العمل، والحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، وتعزيز التكامل التحويلي في جميع أنحاء آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
يتألف الممر الإقتصادي من طريقين متميزين، الممر الشرقي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط والممر الشمالي الذي يربط الشرق الأوسط بأوروبا، تدمج هذه الشبكة الواسعة ممرًا للسكك الحديدية وخط أنابيب الهيدروجين وكابلات الألياف الضوئية عالية الكثافة.
بمجرد اكتماله، سيتم إنشاء نظام نقل موثوق وفعال من حيث التكلفة من السفينة إلى السكك الحديدية لحركة السلع والخدمات عبر الحدود، وهو ينافس طرق النقل البحري والسكك الحديدية الحالية، مثل قناة السويس، وممر النقل بين الشمال والجنوب، وطريق الحرير في الصين، مما يسهل العبور السلس بين الهند والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل وأوروبا.
ومن المرجح أن تحصل شركة السكك الحديدية الهندية، بخبرتها المؤكدة في بناء شبكات السكك الحديدية في الصحاري، على حصة كبيرة من العقود في هذا الممر المقترح.
تبلغ التكلفة المتوقعة للممر المقترح 20 مليار دولار أمريكي لإنشاء شبكة سكك حديدية مخصصة، مدعومة بشكل متواصل بشبكة ألياف ضوئية حديثة وخط أنابيب للهيدروجين.
في البداية، سيتم تشغيل شبكة السكك الحديدية الحالية بين الإمارات والسعودية وعمان مع إنشاء شبكة إضافية بطول 300 كيلومتر تربط عمان بميناء حيفا في إسرائيل.
وبما أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتوقع تحقيق أرباح تجارية كبيرة من هذا المشروع، فهي على استعداد لتمويل الامتداد المتبقي البالغ 300 كيلومتر على أساس الأولوية.
ستدعم الشبكة الحركة السلسة للبضائع بموجب وثيقة تجارية رقمية وموحدة، وقواعد نقل منسقة، وستكون أرخص بكثير من الناحية التشغيلية من طريق قناة السويس، مع الأخذ في الاعتبار الرسوم المرتفعة لقطر السفن، وخدمات القطر، والإرشاد، ورسوم العبور وما إلى ذلك.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن مشروع الممر الاقتصادي تطوير ثلاثة ممرات صناعية وهي الغذاء والطاقة الخضراء واقتصاد المعرفة.
ينعكس إلتزام البلدان المشاركة في تعهدها المشترك بالالتزام بالصياغة الدقيقة لخطة عمل لمصادر التمويل ومسار الشبكة والمحاذاة والتصميم والتخطيط وتخصيص العمل بين البلدان المشاركة خلال 60 يومًا القادمة من تاريخ التوقيع من مذكرة التفاهم.
وستعمل شبكات الكابلات المخصصة على إنشاء شبكة للطاقة الشمسية والمعلومات والاتصال الرقمي، مما يطلق العنان لنافذة من الفرص للهنود في قطاع تكنولوجيا المعلومات واقتصاد المعرفة في الشرق الأوسط وأوروبا.
هناك تعاون قوي بين الهند وإسرائيل في قطاع المعرفة والابتكار، وسيتم التركيز على إنشاء ممر معرفي للصناعة 4.0، كما ان هناك اقتراح لإنشاء خط أنابيب مخصص للهيدروجين إلى جانب الإستفادة من المصادر الأخرى للطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لتعزيز أمن الطاقة في المنطقة.
هذا يعني أن التكنولوجيا الإسرائيلية العالية الجودة ستكون متاحة أيضا ومشاركة بقوة في هذه المشاريع حيث تتعاون أيضا تل أبيب مع أبوظبي في مجالات تكنولوجيا كثيرة منذ التطبيع خلال أغسطس 2020.
من جهة أخرى ستكون إسرائيل هي بوابة الخروج والدخول للسلع إلى الإتحاد الأوروبي، حيث ميناء حيفا سيكتسب أهمية متزايدة وتمر منه التجارة العالمية بين الهند ودول أوروبا.
إقرأ ايضا:
الممر الإقتصادي الجديد يحول الهند إلى مصنع العالم بدلا من الصين
هل الممر الاقتصادي مشروع محمد بن سلمان أم محمد بن زايد؟
خطة ربط إسرائيل بالمملكة العربية السعودية عن طريق السكك الحديدية
شعب غزة يؤيد التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية
تفاصيل مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل المسربة
مشكلة روسيا مع 147 مليار دولار من الروبية الهندية عديمة الفائدة
الصين والهند تفشلان مشروع البرازيل لإصدار عملة بريكس