عندما ظهرت داعش 2013، كان شيوخ السلفية من أهل السنة والجماعة يحرضون الشباب على الجهاد في سوريا، وكان حديث لقد جئتكم بالذبح المنسوب للرسول متداولا وهو من الأحاديث التي اتفق أهل العلم على صحته خصوصا الألباني (المصدر).
لكن عندما انتشرت مقاطع القتل والذبح والسبي والتفجيرات، واتفق المجتمع الدولي على أن هذا هو الإرهاب، وبدأت الحرب الدولية على المنظمة الإرهابية بقيادة الولايات المتحدة، بدأت الأصوات تتعالى، بأن هذا ليس الإسلام وأن هؤلاء خوارج وذهب آخرين من المتأثرين بنظرية المؤامرة للقول بأن داعش صناعة أمريكية إسرائيلية.
نظرية أن داعش صناعة أمريكية انتشرت بقوة خصوصا وأن المواقع اليسارية روجت لها بقوة في إطار تصفيتها الحسابات مع الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من هؤلاء القوميون لا يدافعون عن الإسلام بل عن بشار الأسد ومحور ما يسمى المقاومة والذي يرفض التطبيع مع إسرائيل.
وقيل أيضا من المجتمعات العربية المحافظة أن داعش مؤامرة لإثبات تهمة الإرهاب على الدين الإسلامي، وقد تراجع الكثير من السلفيين عن الخوض في السياسة خصوصا مع سقوط الرئيس مرسي في مصر ومن ثم وصول آل سلمان إلى الحكم في السعودية.
بدأت في هذه المرحلة على الإسلام السياسي بكافة تياراته الموجودة على الساحة السياسية والعسكرية، وقد تعرض الكثير من رجال الدين للسجن بسبب اصرارهم على تلك الأفكار الراديكالية المتطرفة.
لكن لنواجه الحقيقة، داعش من أهل السنة السلفيين وليسوا حتى من الخوارج، ليسوا أشاعرة ولا اخوان ولا صوفيين، بل من السلفيين على قول الشيخ عادل الكلباني (المصدر بالفيديو).
إن تكفير الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الله ليس حكما حصريا لدى داعش، بل إنه حكم مشهور، وقد أكد عليه الشيخ محمد بن صالح العثيمين الذي كفرهم حتى وإن صلوا وصاموا (المصدر بالفيديو)، وبناء على ذلك دائما ما تصل التيارات الإسلامية وعلى رأسها داعش الدول الإسلامية باليوم بأنها دول كافرة لأنها تحكم بالقوانين الوضعية وليس القوانين الإسلامية.
إن ما جاء في هذا الفيديو بالصوت يعد صادما ويسقط في الواقع هيبة الدولة ويفتح الباب لتكفير الناس وفي النهاية هذا ما يولد العنف.
وبينما حذر رجال الدين من الخروج على الحاكم لما فيه مفسدة وفتنة وهرج ومرج، فإن هؤلاء يمارسون التقية، ما أن يسقط الحاكم السابق ويأتي جديد حتى يرضوا بالجديد وينكروا بيعة السابق.
وينبغي أن نفرق بين السلفية ونظيرتها الجهادية، الفرق الوحيد بينهما، هي أن الأولى تركز على العقيدة وتتجنب الخوض في السياسة والثانية لا ترضى بالصمت على حال الأمة وتلجأ إلى العنف لإحياء الخلافة.
لهذا لم يكن غريبا أن أغلبية الشباب الذين ذهبوا إلى سوريا للجهاد كانوا من السلفيين والمجتمع المحافظين وقد تم اغراؤهم بالجنة والحور العين وقصور النعيم، لكن قبل ذلك بالنساء السوريات الحسناوات وبحلم الخلافة الإسلامية الذي لطالما سوق له رجال الدين ونشروا حوله الكثير من الكتب والتنظيرات وصوروا لنا أن الخلافة كانت جنة، بينما في الواقع كان السلف الصالح على السلطة بعد وفاة الرسول واستبيحت مكة مرتين والمدينة المنورة وقتل آل البيت.
وتستدل داعش عادة بالفتاوى الخاصة بشيخ الإسلام ابن تيمية، الذي لطالما وضع المذنب والمخالف أمام أمرين عظيمين، الإستتابة أو القتل.
والمشاهد لمقاطع الفيديو الخاصة بهم وخطبهم يدرك أنهم يطبقون الإسلام الوهابي السلفي بحذافيره، حتى حصار عدد من القرى السورية والمناطق وابادة رجالها وسبي نسائها قادم من غزوة بني قريظة حيث تم قتل 700 رجل ومراهق.
وللأسف يرفض رجال الدين السلفيين اليوم مراجعة منهجهم خصوصا فيما يتلق بالأحاديث النبوية التي تحرض على العنف والتجديد في الدين الإسلامي خصوصا التفاسير القرآنية، لهذا فإن داعش وأمثالها ستعود إذا توفرت البيئة السياسية الملائمة لها.
لا يوجد دليل واحد على أن الولايات المتحدة هي التي تقف وراء داعش، تلك نظرية مؤامرة، لكن هناك عشرات الأدلة التي تؤكد أن داعش من أهل السنة والجماعة ومن السلفيين تحديدا.
إقرأ أيضا:
ازدهار القاعدة وداعش بفضل انسحاب فرنسا من مالي وانقلاب النيجر
تويتر منصة داعش والجماعات الإرهابية
القرآنيون: أسئلة وأجوبة حول أهل القرآن
ثورة الإلحاد وخروج المسلمين من الإسلام أفواجا
مؤامرة ماتريكس التي أنتجت فلسفة الريد بيل المتطرفة