يبدو أن حظر هواوي في الولايات المتحدة ومنعها من التعامل مع الشركات الأمريكية والذي سيدخل حيز التنفيذ أواخر أغسطس، ليس مجرد عقاب لأنها تتجسس لصالح الصين.
لم تقدم الإدارة الأمريكية أدلة كافية على أن اتهاماتها صحيحة، ورغم ذلك فهي تصعد بقوة ضد هذه الشركة التي تتصدر الشركات الصينية في القوة والنفوذ والحجم.
من جهة أخرى ستخسر الشركات الأمريكية الملايين من الدولارات بسبب منعها من التعامل مع هواوي، جوجل لوحدها ستخسر حوالي 500 مليون دولار في العام، وهو ما أشرنا إليه في مقال خسائر جوجل من حظر هواوي.
ولا ننسى الشركات الأخرى التي توفر لها المعدات والمكونات التي تستخدمها في صناعة معالجاتها وهواتفها الذكية وأجهزة تقنيات الإتصالات وشبكات الإتصال.
وفيما يؤكد الكثير من الخبراء أن التصعيد الأمريكي هو ورقة ضمن أوراق لعبة التفاوض التجاري مع بكين، وأنه في النهاية سيتوصل الطرفان إلى اتفاق يشمل كافة الملفات بما فيها ملف هواوي.
حتى دونالد ترامب لم يستبعد هو نفسه أن تكون الشركة الصينية جزء من الإتفاق مع الصين خلال الأشهر المقبلة.
لكن عندما يتكلم كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض، ونتحدث عن ستيف بانون الذي صنع نجاحات دونالد ترامب والذي يؤثر عليه فكريا، فيجب أن لا نستهين بكلماته.
-
الرغبة في قتل هواوي هو الهدف النهائي
يبدو أن التهمة بالتجسس وسرقة التكنولوجيا الأمريكية وانتهاك براءات الإختراع ما هي إلا تهم لفقتها الإدارة الأمريكية ضد هواوي.
قال ستيف بانون، كبير الاستراتيجيين السابق في البيت الأبيض، إن طرد شركة هواوي خارج الولايات المتحدة وأوروبا “أكثر أهمية بعشرة أضعاف” من عقد صفقة تجارية مع الصين.
وقال بانون في مقابلة عبر الهاتف يوم السبت مع صحيفة ساوث تشاينا مورنينج بوست: “إنها قضية أمنية قومية هائلة بالنسبة للغرب”.
“الأمر التنفيذي أكثر أهمية بعشر مرات من الابتعاد عن الصفقة التجارية، تشكل هواوي تهديدًا كبيرًا للأمن القومي، ليس فقط للولايات المتحدة بل لبقية العالم، لذا سنقوم بإغلاقها”.
لم يوضح بانون المخاطر الأمنية المحددة المفترضة لمنتجات هواوي، تحدت شركة التكنولوجيا الصينية علنا ادعاء الولايات المتحدة، وتدعمها بعض الدول الغربية الكبرى، مثل ألمانيا التي قالت إنها لم تر أدلة قوية تدعم المزاعم الأمريكية حتى الآن.
-
طرد الشركات الصينية من الأسواق العالمية
جاءت تصريحات بانون، المدافع القوي عن “حرب شاملة” ضد الصين، بعد أيام من توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على أمر تنفيذي يحظر فعليًا هواوي من السوق الأمريكية وقطع إمداداتها الحيوية عن المكونات.
وقال أيضا إنه سيكرس كل وقته لإغلاق الشركات الصينية خارج أسواق رأس المال الأمريكية، بعد حظرها واحدة تلو الأخرى.
وهذا يعني أنه سيعمل من خلال وسائل الإعلام اليمينية والأدوات الأخرى بتحريض القادة والسياسيين في بلدان أخرى على اتخاذ قرارات حازمة ضد هواوي وشركات صينية أخرى.
بالتالي لن تخسر فقط السوق الأمريكية بل الأسواق العالمية المختلفة، وفي هذا الصدد تطرقنا مؤخرا إلى أن حظر هواوي في الشرق الأوسط وأوروبا سيكون أسوأ من الحظر الأمريكي.
-
رغبة الولايات المتحدة في تدمير الصين أو التقليل من حجمها
مشكلة الولايات المتحدة الأمريكية مع الصين، هي أن هذه الأخيرة أصبحت أكبر منافس لها وتشكل التهديد رقم 1 لها.
والمشكلة أنها لا تسير وفق سياستها وهناك اختلافات جوهرية في الكثير من القضايا السياسية والإقتصادية وهناك من يرشح بأن تكون الصين هي القوة العظمى التالية بعد زمن أمريكا.
من جهة أخرى لا يمكن مواجهة الصين عسكريا لأنها دولة نووية، وليست في ذات الوقت منافسا سهلا لأنها تتوفر على اقتصاد قوي.
الحل إذن هو العمل على تدمير هذا البلد اقتصاديا أو دفعه لإجراء المزيد من الإصلاحات التي تجعله بلدا مفتوحا والشركات فيه أقل ارتباطا بالحكومة.
نهاية المقال:
يمكن أن تتجاوز هواوي مشكلتها مع الإدارة الأمريكية من خلال اتفاق شامل بين بكين وواشنطن، لكن قبل ذلك ستجرب الولايات المتحدة ما إذا كانت قادرة على قتل هذه الشركة.