بينما نجحت مصر في تعويم الجنيه المصري وكانت هذه واحدة من شروط البنك الدولي للحصول على القرض المادي، فإن المغرب هو الآخر يتوجه نحو تحرير سعر صرف الدرهم المغربي وتعويمه وهذا بإلحاح من البنك نفسه والذي نجح في إقناع المملكة في نهاية المطاف.
ويكفي أن تتابع الشأن الإقتصادي المغرب لتعرف أن الحديث عن تعويم الدرهم المغربي هو موضوع أساسي وقضية فرضت نفسها على الساحة طيلة 2016 وستكون أكثر أهمية العام المقبل.
وزارة الاقتصاد المالية والبنك المركزي والسلطات المغربية المعنية قرروا وضع خطة منهجية لتعويم الدرهم المغربي ليتخلى عن نظام الصرف الثابت ويصبح واحدة من العملات الخاضعة لقانون العرض والطلب.
في هذا المقال سنتكلم بتفصيل كبير عن حقيقة هذه الخطوة ونتطرق إلى أجوبة عن الأسئلة التي يطرحها المغاربة حول هذه الخطوة وحيثياتها.
-
حاليا نظام سعر الصرف ثابث بالنسبة للدرهم المغربي
الدرهم المغربي كغيره من العملات العربية التي لم تخضع للتعويم فهي مرتبطة بالعملات الأساسية في العالم وهي الدولار غالبا أو اليورو.
بالنسبة للعملة المغربية فهي حاليا تعتمد في قيمتها بنسبة 60 في المئة على اليورو و 40 في المئة على الدولار الأمريكي.
والسبب في هذا هو أن المملكة لها روابط اقتصادية قوية مع الإتحاد الأوروبي أكثر من الولايات المتحدة الأمريكية فيما نجد أن 75 في المئة من المعاملات التجارية الخارجية للمغرب تتم باليورو.
-
ابتداء من النصف الثاني من عام 2017 تعويم الدرهم المغربي
بعد أن تمت تهيأت الأجواء لعملية التعويم وتحشيد وسائل الإعلام للدفاع عن هذه الخطوة وشرحها للمتابعين، فقد قررت المملكة العمل على تحرير سعر صرف الدرهم المغربي في النصف الثاني من 2017.
لا نعرف الموعد بالضبط لكن أصبح معلوما أن الفترة ما بين يونيو 2017 و ديسمبر من نفس العام سيتم الإعلان فيها عن هذه الخطوة التي ستراقبها الهيئات الإقتصادية المحلية منها البنك المركزي الذي سيشرف على العملية وأيضا البنك الدولي.
-
مراحل تحرير سعر صرف الدرهم المغربي
في المرحلة الأولى من عملية التعويم سيتم الأمر بالتدريج بحيث لا تخرج قيمة العملة المغربية تحث سيطرة البنك المركزي الذي سيظل يحدد القيمة الدنيا والعليا لقيمته.
وفي المرحلة الثانية سيتم الإنتقال إلى التعويم الكامل ومن المنتظر أن تتم بعد أشهر قليلة من بدء المرحلة الأولى وقد يحدث هذا في الأشهر الأخيرة من عام 2017 كما هو الحال مع الجنيه المصري 2016.
بعدها سيخضع الدرهم المغربي لقانون العرض والطلب الذي سيحدد قيمته ولن يكون بإمكان البنك المركزي تحديد سعر الصرف مجددا وينتظر أن يكون هذا ابتداء من بداية 2018.
-
لماذا وافق المغرب على تعويم الدرهم المغربي؟
رغم أن المملكة المغربية تعد بلدا جاذبا للسياحة والاستثمارات وتنعم بالأمن في وقت تعيش فيه الدول العربية المجاورة معضلة الإرهاب، إلا أن السياسة الإقتصادية ليست مثالية والبلد بشكل عام يعاني من مشاكل اقتصادية.
يكفي أن تعرف أنه في غضون 10 أشهر من هذا العام تراكم عجز الميزان التجاري الناتج عن اختلال بين تكاليف الواردات وقيمة الصادرات إلى 16 مليار دولار.
وفي ذات الوقت تم رفع الدعم على عدد من المواد الأساسية ليس بمشيئة رئيس الحكومة أو بقرار وطني لن بضغط من البنك الدولي الذي يرى أن الضغط الهائلة على الميزانية سلبي وأنه اذا استمر الحال على ما هو عليه سينهار الإقتصاد المغربي!
رفع الدعم ليس كافيا بل أيضا على الدولة أن لا تتدخل في دعم عملتها المحلية وتتركها للتداولات وللسوق هو من سيحدد قيمتها وهي لن تتحمل أي تكاليف بعد التعويم.
-
تأثيرات تحرير سعر صرف الدرهم المغربي على قيمة العملة.
من الطبيعي بعد الإعلان عن تحرير سعر صرف الدرهم المغربي والبدء فيه أن تنخفض قيمة الدرهم أمام الدولار والعملات الأساسية في العالم.
حاليا 1 دولار أمريكي = 10.1765 درهم مغربي وهذا السعر الرسمي اليوم 27 ديسمبر 2016 من البنك المركزي المغربي، ومن الطبيعي أن نرى الدولار بهذه القيمة بعد أن كان يساوي خلال السنوات الماضية 8 دراهم وهذا لأن الدولار ارتفعت قيمته لأعلى مستوى في 14 عاما.
لكن حسب توقعاتي فإن دولار واحد سيساوي خلال التعويم 15 درهما مغربيا وقد يسوء الحال لما هو أكثر أيضا.
نهاية المقال:
خلال النصف الثاني من 2017 ستكون الأنظار متجهة إلى أداء الدرهم المغربي بينما يعيش أولى مراحل التعويم المنتظر، وهذه العملية بدون شك ستكون مصيرية بالنسبة للملايين من المغاربة المنقسمين حاليا ما بين متشائم ومتفائل بهذه الخطوة التي فرضها البنك الدولي على المملكة كما فعل مع مصر.