التاريخ يعيد نفسه، ليس فقط في قصص الحضارات والسياسة والدول، لكن أيضا في مجال الإقتصاد والنظام المالي.
الأزمة المرتقبة ربما بدأت الآن مع ارتكاب دونالد ترامب لخطأ استراتيجي سينهي ما يتفاخر به، ارتفاع الأسهم وانتعاش وول ستريت بقوة في أول سنة له بولايته المثيرة.
تفاخره واضح من خلال التغريدات التي يكتبها حول البورصة والتي يؤكد بأنها نتيجة لسياساته الإقتصادية، بل إنه في منتدى دافوس الإقتصادي تفاخر بذلك أمام زعماء العالم.
الخطأ الفظيع الذي ارتكبه الرئيس الأمريكي لا يتعلق بالسياسة بل بالنظام المالي في بلده، فقد قرر أن لا يجدد للسيدة الرائعة يلين جانيت لتبقى على رأس البنك المركزي الأمريكي.
ببساطة قرر أن يعين شخصا آخر ألا وهو جيروم باول الذي استلم دفة القيادة ابتداء من 5 فبراير، وهو اليوم الذي شهد حدوث أكبر خسارة لمؤشر داو جونز في التاريخ!
نهاية ولاية يلين جانيت محبطة جدا للمستثمرين الذين يثقون بها، خصوصا وأنها في سنوات خدمتها تميزت بالأمانة والمصداقية وبسياسات متوازنة أنعشت أسواق المال الأمريكية وساعدت الإقتصاد الأمريكي على تحقيق النمو الكبير.
-
نفس حماقة رونالد ريغان قبل أزمة 1987
تولى بول فولكر خلال أغسطس 1979 رئاسة البنك المركزي الأمريكي في عهد الرئيس الديمقراطي جيمي كارتر، وقد نجح في التخلص من نتائج أزمة 1929، خصوصا التضخم لينتعش الإقتصاد الأمريكي بصورة كبيرة.
في ثمانينيات القرن الماضي ظل بول يقود دفة المركزي الأمريكي وبفضله انتعشت سوق الأسهم بقوة للغاية واستفاد الرئيس الأمريكي رونالد ريجان هو الآخر من سياساته ليفوز بولاية ثانية.
لكن رونالد ريغان قرر التخلي عنه في أغسطس 1987 لأنه غير ملتزم بتنفيذ خطط تخفيف القواعد التنظيمية المالية.
بعد شهرين فقط من هذه الحركة التي أغضبت أسواق المال الأمريكية اندلعت أزمة 1987، ويمكنك أن تتعرف على قصة الإثنين الأسود 1987 من هنا.
-
التاريخ يعيد نفسه
تولى جيروم باول رئاسة البنك المركزي الأمريكي وافتتح أول يوم عمل له بأكبر سقوط لمؤشر داو جونز في التاريخ.
ومن المعلوم أن تقرير الوظائف الأخير والبيانات الإقتصادية الأمريكية جيدة للغاية، وتؤكد أن الإقتصاد الأمريكي يتعافى وأن دونالد ترامب يسير في طريق تحقيق أهدافه الإقتصادية المعلنة.
كذلك كان الأمر قبل الإثنين الأسود 1987 حيث البطالة حينها منخفضة والاقتصاد يحقق نموا بوثيرة جيدة والبورصة كانت في حال ممتاز.
لكن بعد تغيير رئيس البنك المركزي الأمريكي تغير كل شيء، بأسابيع قليلة حدث الانهيار الخاطف ودخل الإقتصاد الأمريكي في نفق الأزمة مجددا.
-
أسبوع سيء للغاية وقلق هستيري في أسواق المال العالمية
خلال الاسبوع الحالي والذي ينتهي اليوم الجمعة بالنسبة للبورصة الأمريكية، عاشت أسواق المال العالمية على بيع مكثف للأسهم.
خسر داو جونز يوم الإثنين 1175 نقطة ثم حاول التعافي والتعويض ليخسر أمس الخميس مجددا 1033 نقطة، وبالطبع ليس هو المؤشر الوحيد الذي خسر الكثير فالوضع هو نفسه لبقية المؤشرات.
يدرك المستثمرين أن تغيير رئيس البنك المركزي يعني أن السياسات ستتغير وقد يتم الرفع من الفائدة وهو ما يخيف مجتمع المال الأمريكي وتطرقت إلى ذلك ضمن اسباب تهاوي البورصة الأمريكية خلال فبراير 2018.
اليوم الجمعة ورغم الافتتاح الايجابي والاتجاه نحو تقليص الخسائر عادت البورصة للبيع مجددا، وخسر داو جونز الآن أكثر من 300 نقطة إضافية وقد يتغير الحال كليا مع انتهاء تداولات اليوم.
ورغم الحديث عن تصحيح مؤقت سينتهي قريبا إلا أنني أشكك في صحة هذه النظرية وهو نفس موقف عدد من الخبراء والمحللين الذين يرون بأن ما يحدث ربما بداية أزمة مالية جديدة.
نهاية المقال:
دونالد ترامب الذي يتفاخر بارتفاع الأسهم في عهده ارتكب الإثنين الماضي نفس حماقة رونالد ريجان والتي بعدها بشهرين اندلعت أزمة 1987 … تهاوي الأسهم منذ 5 فبراير قد يكون بداية للأزمة التي انتظرتها طويلا!