حقيقة شراء بيل غيتس لأغلب الأراضي الزراعية في أمريكا

في 15 أبريل، طلبت صحيفة الغارديان أسئلة لإجراء مقابلة جماعية مع بيل غيتس، بالنظر إلى رؤية مجتمع نظرية المؤامرة لمؤسس مايكروسوفت باعتباره مهووسًا بالإبادة الجماعية ومصممًا على قتل المليارات من الناس عندما لا يتسكع مع جيفري إبستين، كانت الردود المرسلة عبر تويتر متوقعة.

تلقت التغريدة آلاف التفاعلات التي أرادت استجواب غيتس حول علاقته بإبستين، ودوره في التطعيم ضد فيروس كورونا، وما إذا كان يريد حقًا “تقليل عدد سكان العالم”.

كانت بعض الأسئلة الموجهة له في منصات أخرى مثل ريديت أكثر تعقيدا، حيث سألوا عما يود أن يأكله في السجن، حيث حصل على شهادة الطب (لم يدعي أبدًا أنه حاصل على واحدة)، وما مدى إعجابه بمذاق دم الإنسان، وكم من الوقت كان خادمًا للشيطان.

شبهات تطارد بيل غيتس منذ أزمة كورونا

لكن هناك خطًا آخر من الاستجواب أراد إجابات لشيء قد لا يعرف الكثير عنه حتى أكثر خبراء غيتس المخضرمين، اشترى بيل غيتس مؤخرًا كمية ضخمة من الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة كاستثمار شخصي، مع تقدير بعض المصادر أنها تصل إلى ربع مليون فدان في 19 ولاية.

إنه مبلغ كبير بما يكفي لجعله أكبر مالك للأراضي الزراعية في البلاد، والذي لا يبدو شيئًا جيدًا للأشخاص الذين يعتقدون بالفعل أن غيتس يريد تقليل عدد سكان الكوكب بشكل كبير.

من المستحيل فصل الكثير من الحديث حول غيتس عن نظريات المؤامرة، ولكن مثل كل شيء معه تقريبًا، فإن الحقيقة حول ما يفعله هي أقرب بكثير إلى إجابة مملة ومعقولة من إجابة مظلمة وفاخرة.

في حين أن صلاته بإبستين تظل غامضة (لكنها ربما كانت عاملاً في إنهاء زواجه)، لا يوجد دليل مقنع حتى الآن عن تورطه مع صديقه.

لقد قلل جيتس نفسه من أهمية صلاته بإبستين، واصفاً الشراكة الخيرية المحتملة بأنها “خطأ في الحكم”، وقد تم اختراع نظريات المؤامرة حول هندسة لقاحات غيتس لإعدام السكان أو بناءً على اقتباسات خارج السياق من محادثة TED في عام 2010 حيث تحدث جيتس عن الحاجة إلى إبطاء النمو السكاني في العالم النامي.

شراء بيل غيتس للأراضي الزراعية الأمريكية

هل شراء الأرض الزراعية جزء من مخططه الشرير ليصبح نوعًا من “قيصر الطعام” ويتحكم في ما يأكله الناس وكميته؟ لماذا لا أحد يتحدث عن ذلك؟

ليس من الواضح بالضبط مقدار الأراضي التي يمتلكها غيتس بشكل خاص لكنها كثيرة، تحدد معظم المصادر الرقم بحوالي 240.000-245.000 فدان بناءً على تقرير نُشر في أوائل عام 2021 من مدونة الزراعة Land Report، والتي تتبع المسار الورقي لشركة Cascade Investment، وهي شركة أسسها غيتس.

بدأت عمليات شراء الأراضي الزراعية التي قام بها غيتس، والتي تمت في الغالب في السنوات الخمس الماضية، في عام 2017 عندما اشترى 520 مليون دولار من الأراضي الزراعية موزعة على أكثر من خمسة عشر عقارًا من مجلس استثمار خطة المعاشات التقاعدية الكندية.

وجد تقرير الأرض أن جيتس يبدو أيضًا أنه يمتلك حوالي 24000 فدان من الأراضي “الانتقالية”، والتي يمكن استخدامها لبناء مناطق سكنية جديدة.

لكن فكرة أن جيتس يشتري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الأمريكية، ربما لأغراض شائنة ليست معروفة جيدًا ولديها بعض الحقيقة في ذلك.

وكثير من المعلقين الذين أتيحت لهم الفرصة لطرح سؤال فعليًا على غيتس، أرادوا ببساطة معرفة سبب شراء جيتس الكثير من الأراضي وما الذي كان ينوي فعله بها.

حصلت التغريدات السابقة التي تشكك في عمليات الشراء على عشرات الآلاف من الإعجابات، وأثار الموضوع مقالات من عدد من المنافذ الرئيسية، بما في ذلك صحيفة الغارديان نفسها التي كتبت عنها في عام 2021.

أكاذيب وحقائق حول أنشطة بيل غيتس في الأراضي الزراعية

العديد من تقارير الإنترنت حول الشراء هي أكثر تآمرًا، حيث تزعم أن النسبة المئوية للأراضي الزراعية الأمريكية التي يملكها هي “80٪” أو “كل الأراضي الزراعية” وتعلن أنها تشكل تهديدًا وجوديًا لحرية الأمريكيين في تناول الطعام الطبيعي.

إن مثل هذا الشراء “الضخم” من شأنه أن يضع غيتس مسؤولاً شخصياً عن الإمدادات الغذائية، كما يزعم منظرو المؤامرة، وهو ما سيسممه أو يمنحه لحلفائه الصينيين بينما يتضور الأمريكيون جوعاً.

أخيرًا يعتقد هؤلاء الأشخاص أن غيتس لديه خطة “لتغيير طريقة المزارع الأمريكية” وهي عبارة تُستخدم أيضًا في التقارير السائدة حول المشتريات ولا يمكن أن يكون ذلك جيدًا لأي شخص ليس جزءًا من عصابته العالمية.

وصحيح أنه الآن أكبر مالك للأراضي الزراعية في البلاد، في حين أنه من المثير للقلق أن شخصًا واحدًا يمكنه امتلاك ما يقرب من ربع مليون فدان من الأراضي الزراعية، فإن أي مساحة يمتلكها جيتس هي جزء بسيط من 911 مليون فدان من الأراضي الزراعية في الولايات الـ 48 المختلفة.

حتى بصفته أكبر مالك للأراضي في البلاد، فإن هذا يعني أن غيتس يمتلك أقل من 0.3٪ من جميع الأراضي الزراعية في الولايات المتحدة، وهذه نسبة قليلة في نهاية المطاف ولا يمكن أن تؤثر بشكل كبير على الأمن الغذائي في هذا البلد.

لكن، كما يتساءل المواطنون المهتمون، أليس غيتس غنيًا بما يكفي لشراء أكبر قدر من الأراضي كما يريد؟ ليس تماما.

حتى لو ضخ كل أمواله حيث قدرت فوربس ثروته بـ 134 مليار دولار، وذلك لشراء الأراضي الزراعية بمتوسط سعر فدان 2020 البالغ 4442 دولارًا، يمكن أن يشتري غيتس 34.6 مليون فدان فقط، أي حوالي 22٪.

كيف سيستغل بيل غيتس الأراضي الزراعية؟

لكن لماذا تملك ربع مليون فدان في المقام الأول؟ حتى لو لم تكن نواياه سيئة اتجاه البشرية فإن هذه المشتريات لا تزال كبيرة.

جاء اعتراف غيتس الأول بمشترياته من الأراضي الزراعية في Reddit في مارس 2021، وعندما سُئل عن سبب شرائه الكثير من الأراضي الزراعية، ادعى بيل غيتس أنه لم يكن مرتبطًا بتغير المناخ أو العمل الخيري (يتم التعامل مع هذه الأهداف من قبل منظمة غير ربحية تسمى Gates Ag One، التي تأسست عام 2020)، ولكنها استثمار في تقنيات الغذاء والوقود الناشئة.

كتب جيتس: “قطاع الزراعة مهم”، “ببذور أكثر إنتاجية يمكننا تجنب إزالة الغابات ومساعدة أفريقيا على التعامل مع صعوبة المناخ التي يواجهونها بالفعل، من غير الواضح كيف يمكن أن يكون الوقود الحيوي رخيصًا، لكن إذا كان رخيصًا فيمكنه حل انبعاثات الطائرات والشاحنات”.

كان غيتس من أشد المؤيدين لتقنية الوقود الحيوي، حيث رأى أنها أحد المفاتيح لمستقبل أكثر اخضرارًا واستدامة، لذا فإن شراء الأراضي لاختبار المحاصيل النامية لتشغيل مسارات الوقود الحيوي بأولوياته العامة لتقليل تأثير انبعاثات البنزين والاستفادة مبكرًا من تقنية مربحة محتملة.

تشير تقارير أخرى إلى أن أرض غيتس تزرع عددًا من المحاصيل الأساسية بخلاف تلك المخصصة للوقود الحيوي، مثل البطاطس والبصل والذرة كل بعض الأطعمة الأكثر شيوعًا في الولايات المتحدة.

في نهاية المطاف، تمثل مشتريات غيتس للأراضي طريقة قوية لتنمية ممتلكاته الخاصة، كما قال العديد من خبراء الاستثمار لموقع Yahoo في عام 2021.

تحقق الأراضي الزراعية أرباحًا أعلى من S&P 500، وهناك حاليًا فرصة كبيرة للحصول عليها بثمن بخس وقد يتم طرح مليون فدان للبيع في العقدين المقبلين، حيث يرغب المزارعون الأكبر سنًا في ترك العمل وعدم اهتمام أطفالهم بالبقاء في هذا المجال.

سيظل الطعام دائمًا حاجة أساسية، وبغض النظر عن الدلالات الشريرة التي يبدو أنها تتبع بيل غيتس دائمًا، يمكن النظر إلى المشتريات ببساطة على أنها استثمار جيد يتم شراؤه عندما يكون أقل تكلفة.

في النهاية، لكي يُنظر إلى غيتس على أنه “يتحكم في إمدادات الغذاء في أمريكا”، عليه أن يشتري ملايين الأفدنة ويأمل ألا يدرك أي شخص آخر ما يفعله أو يفعل أي شيء لمنعه.

إنها نظرية مؤامرة مغرية لإدراج مشتريات غيتس من الأراضي الزراعية بجانب اللقاحات وإبستين، ولكن في الوقت الحالي، يعد هذا استثمارًا جيدًا وليس مؤامرة.

تمت الإستعانة بمنصة جوجل لتدقيق الحقائق.