أخيرا اختار المغرب طريق تعويم عملته الدرهم المغربي بعد 6 أشهر من التأجيلات والدراسات المكثفة وهي العملة التي لطالما تحكم في قيمتها ووضعها كل من الدولار واليورو.
ومن المعلوم أن العملات النقدية حول العالم قد فكت ارتباطها بالذهب منذ وقت طويل كنتيجة مباشرة لتعويم الدولار الأمريكي الذي أصبح هو الآخر من حينها خاضعا في قيمتها للعرض والطلب.
بينما العملات النقدية في العالم العربي ارتبط أغلبها بالدولار فيما نجد بالمغرب ارتباطا بكل من اليورو بنسبة 60 في المئة وبالدولار بنسبة 40 في المئة.
وقررت وزارة الإقتصاد والمالية المغربية بالتعاون مع بنك المغرب وهو البنك المركزي، البدء في تحرير صرف الدرهم المغربي وتعويمه، بعد أن هدأ الحديث عن هذه القضية بل وتم الترويج لخبر مفاده أنه لن يحدث ذلك.
ومن الأكيد أن الصورة قد اتضحت لنا الآن ويتبين لنا أيضا حجم الاختلاف عن تعويم الجنيه المصري.
-
تعويم الدرهم المغربي سيستغرق 10 أعوام إلى 15 عاما
عوض التعويم الكلي والسريع كما حدث في مصر التي تعاني من أزمة اقتصادية ومالية خانقة، فرضت عليها الإقدام على تلك الخطوة التي كانت تؤجلها منذ 2003، فإن المغرب الذي يوجد في وضع أفضل مقارنة مع دول شمال أفريقيا قد اختار التعويم التدريجي لعملته.
من الممكن أن يستغرق التعويم عدة سنوات إلى 10 سنوات وقد تصل آخر فصوله إلى 15 عاما، وهذا بغية أن لا تقفز أسعار المنتجات وتكاليف الحياة بصورة صاروخية كما حدث في مصر نتيجة تراجع الجنيه بصورة كبيرة مقابل العملات الرئيسية في العالم.
ويفترض أن تتراجع قيمة الدرهم المغربي بنسبة قليلة وبتدريج بطيء تسمح للمؤسسات والشركات المحلية بالمنافسة بقوة في الأسواق العالمية وزيادة التصدير بالتوازي مع تشغيل المزيد من اليد العاملة.
-
البداية من الاثنين 15 يناير 2018
من المنتظر أن يبدأ المغرب في تعويم الدرهم المغربي ابتداء من الاثنين 15 يناير 2018 حيث سينتقل المغرب إلى أول مرحلة سيحدد فيها سعر صرف الدرهم داخل نطاق تقلب نسبته +2.5 بالمئة و -2.5 بالمئة، وذلك عوض +0.3 بالمئة و -0.3 بالمئة المعمول بها حاليا.
-
البنك المركزي يراقب ويتدخل بناء على التطورات
من المنتظر أن يعمل البنك المركزي المغربي على مراقبة سعر صرف الدرهم المغربي مقارنة مع بقية العملات وأيضا مراقبة أي مضاربة ومتابعة الجهات التي تساهم فيها لمنعها ومكافحتها.
وسيتدخل البنك المركزي لدعم الدرهم المغربي في مقابل العملات الرئيسية في أي ظرف يرى أنه من الواجب عليه التدخل.
هذا يعني أن سيطرة البنك المركزي ستستمر على العملة المغربية لفترة قد تصل إلى 15 عاما في نهاية المطاف.
وبالطبع بالإنتقال إلى المرحلة القادمة بعد أشهر من الآن سيتم زيادة نطاق تقلب سعر صرف الدرهم، وفي كل مرحلة سيتم زيادتها حتى الوصول إلى التعويم الكلي.
-
تعويم الدرهم المغربي مختلف كليا عن تعويم الجنيه المصري
أصبحت العملات النقدية المحلية في الوطن العربي مطالبة بفك ارتباطها بالعملات الرئيسية في العالم والانفتاح على الاقتصاد العالمي، والاستقلال بذاتها عن أدوات الاستعمار.
تعويم الدرهم المغربي من شأنه أن يخلق نظاما ماليا مستقلا لا يتأثر بشكل مباشر بالأزمات التي يمكن أن تعصف باليورو والدولار خلال الفترة القادمة.
العملات النقدية حول العالم تحولت إلى سلع يتحكم بسعرها قاعدة العرض والطلب، وارتباط العملة النقدية المغربية بالدولار واليورو يكشف عن هشاشة النظام المالي في البلاد وعجزه عن الاعتماد على نفسه وموارده.
مصر انتهت من التعويم وهذا يجعلها قوية على مستوى التصدير والمنافسة العالمية وكان ذلك السبب الرئيسي في استقطاب الاستثمارات القوية للبورصة والسياحة ومجالات الصناعة لولا أن ما يعيق التعافي السريع هو الإرهاب الذي يهدد هذا البلد.
المغرب في المقابل تمكن من الانفتاح على محيطه الأفريقي وتعزيز العلاقات مع الصين وروسيا ودول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية ليخرج نفسه من الصراعات والتحزبات السياسية إلى بلد يهمه نفوذه الاقتصادي واعتراف العالم بشرعية قضية صحرائه.
وفي مقابل هذا الانفتاح القوي يحتاج المغرب إلى خلق نظام مالي منفتح وقوي يوفر للشعب المغربي الرخاء ويحول البلاد إلى قوة اقتصادية مؤثرة.
التدريج والتدرج هو ما يميز تعويم الدرهم المغربي و الإنتقال نحو الرؤية التي يحلم بها المغرب تحتاج إلى وقت ولن يحدث هذا بين ليلة وضحاها.
ويفترض أن لا ترتفع الأسعار ويقفز التضخم وتنهار القدرة الشرائية للمغاربة في ظل الانتقال إلى نظام صرف حر.
نهاية المقال:
كما أيدنا تعويم الجنيه المصري نؤيد تعويم الدرهم المغربي وفق معادلة مختلفة تعتمد التدريج أساس الإنتقال من نظام الصرف المنغلق على ذاته والذي يتحكم فيه اليورو والدولار إلى نظام الصرف الحر المستقل عن أدوات الاستعمار.
أقرأ ايضا:
5 أسباب تجعل تعويم الدرهم المغربي أفضل من تعويم الجنيه المصري
كيف يمكن للأفراد حماية أنفسهم من انهيار العملة المحلية بسبب التعويم أو أي سبب آخر؟
10 قطاعات ستستفيد من تعويم الدرهم المغربي وتراجع قيمته
من مصر إلى المغرب: 3 أسباب لتبني تعويم الدرهم المغربي وتجنب التأجيل المؤلم
كيف يستغل المضاربون تعويم الدرهم المغربي لمضاعفة ثرواتهم المالية؟
أسباب تأجيل تعويم وتحرير سعر صرف الدرهم المغربي