هناك حرب خفية بين آبل و جوجل بدأت مؤخرا لتضاف إلى المنافسة المشتعلة بينهما منذ سنوات في أكثر من قطاع، و يبدو أنها ستكون حربا ضروسا سيتضرر منها أصحاب المواقع و الناشرين مع المدونين و منشئي المحتوى و مبرمجي تطبيقات المحمول.
نتحدث يا سادة عن خطوة آبل الصادمة، قيامها في iOS 9 بدعم تطبيقات منع الإعلانات و توفير الأدوات اللازمة لبرمجة الكثير من تطبيقات منع محتويات غير مرغوب فيها و أهمها الإعلانات التي تعد أفضل نموذج ربحي اليوم لمشاريع الإنترنت و مواقع الويب بما فيها الشبكات الإجتماعية و المجلات و الجرائد و المدونات.
و بالفعل مع إطلاق iOS 9 ووصوله إلى هواتف آيفون و لوحيات آيباد بدأت موجة التطبيقات التي توفر للمستخدمين هذه الخدمة تنتشر على آبل ستور أخيرا، لقد تجاوز عددها بضعة عشرات و مستقبلا ستشكل عددا غفيرا من التطبيقات، ما بين مدفوعة و أخرى مجانية.
و في الوقت الذي أكتب فيه هذا المقال، وجدت أن حصة iOS 9 قد وصلت إلى 41.48 في المئة و هي نسبة جيدة و متنامية و مستقبلا سيشكل هذا الإصدار الأغلبية الساحقة بنسبة تقارب 90 في المئة.
هذا يعني أن الملايين من مستخدمي آيفون و آيباد لديهم الحق في منع الإعلانات و تصفح المواقع دون معاينة هذه الإعلانات أو التفاعل معها، و هو بمثابة انتصار سخيف بالنسبة لهؤلاء الذين لا يفهمون جيدا كيف يمكن لهذه الإضافات أن تدمر الويب و أن تحوله من مكان للخدمات الناجحة و المحتويات العالية الجودة إلى عالم من الشركات و المواقع المتوقفة إلى جانب المزيد الخدمات و الجرائد التي تتطلب منك الدفع للاستفادة منها.
هذا القرار خطير جدا و يبدو أن آبل تريد ضرب جوجل التي تعتمد على مداخيل الإعلانات بصفة رئيسية و معها يتضرر بعض منافسيها و منهم مايكروسوفت و أمازون و جهات لا تكن لها عداء أو منافسة و منها الناشرين و أصحاب المحتوى و المطورين الذين بذلوا جهدا كبيرا في إغناء متجر آبل ستور.
نحن سنتطرق في هذا المقال إلى تأثيرات انتشار تطبيقات و اضافات منع الإعلانات على منصة iOS 9.
- انخفاض أرباح جوجل بشكل ملحوظ
هناك الكثير من التحديات التي تشكل تهديدا فعليا لوجود جوجل كنا قد تطرقنا إليها، لكن لم يكن أبدا تحدي انتشار تطبيقات و اضافات منع الاعلانات على iOS 9.
هذه مشكلة إضافية للشركة و سيكون لها تأثيرا سيئا على إيرادات و أرباح هذه الشركة التي تعتمد في غالبية مداخيلها على الإعلانات.
جوجل تربح من الإعلانات التي تظهر على نتائج البحث الخاصة بمحرك بحثها إلى جانب مشاركتها للأرباح مع الاف المواقع و المدونات و المجالات التي تعتمد على برنامجها الإعلاني لنشر الإعلانات على مواقعهم و اظهارها ضمن بنرات كتابية و مرئية.
جوجل تكسب أيضا من تطبيقات المحمول حيث تتيح للمطورين الربح من تطبيقاتهم من خلال اظهار الإعلانات عليها للمستخدمين و لديها أيضا العديد من التطبيقات التي تكسب منها بهذه الطريقة.
خلال العام الماضي حققت جوجل 11.8 مليار دولار من الإعلانات على الموبايل 75 في المئة منها مصدرها نظام Ios من آبل، و هذه النسبة هي نفسها التي تحققها جوجل هذا العام مع تغير طفيف و هو ما يعني ضربة كبيرة لأرباح جوجل في حالة انتشرت تطبيقات و إضافات منع الإعلانات على الأجهزة العاملة بهذا النظام.
الإحصائيات تؤكد لنا أيضا أن الاقبال على هذه النوعية من التطبيقات و الأدوات قد تجاوز نسبة 41 في المئة و هناك ثقافة خاطئة بخصوص الإعلانات تنتشر بقوة هذه الأيام.
- مايكروسوفت، فيس بوك و أمازون سيتضررون بصورة متفاوتة
لدى مايكروسوفت سلسلة من التطبيقات التي تعرض فيها الإعلانات منها تطبيقات MSN المتنوعة و التي تقدم المحتوى الاخباري في شتى المجالات و لديها أيضا محرك بحث بينج الذي يعرض نتائج إعلانية.
فيس بوك هو الآخر يملك منصة إعلانية نشيطة تظهر الإعلانات على التطبيقات في الهواتف الذكية إلى جانب تلك التي تظهر على المنصة الاجتماعية و تستغل تطبيقاتها و أبرزها انستغرام لجني المال منها، بلا شك هذا العملاق أيضا سيتضرر مع انتشار تطبيقات منع الإعلانات على iOS 9 حيث تعد هواتف آيفون و لوحيات آيباد مهمة جدا له خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية.
أمازون ليس بعيدا عن النتائج الكارثية لهذا القرار، العديد من تطبيقات منع الإعلانات ستمنع الإعلانات النصية و المرئية الخاصة به و التي تظهر في المراجعات و المقالات و المدونات التي تتحدث عن مختلف المنتجات.
- أصحاب التطبيقات هم انفسهم سيتضررون كثيرا
الأرباح التي يجنيها أصحاب التطبيقات من أجهزة آبل ليست بالقليلة أبدا، سواء بالنسبة لمن يجنون الأرباح من التحميلات أو من خلال الإعلانات التي تظهر للمستخدمين.
أصحاب التطبيقات الذين يعولون على النسخ المجانية من تطبيقاتهم لجني المال من الإعلانات سيلاحظون خلال الأشهر القادمة تدني الأرباح و تراجعها و السبب سيكون حثما هي التطبيقات التي تعمل على منع الإعلانات بشكل نهائي في جميع المحتويات سواء بالمتصفحات أو التطبيقات.
- ستنتشر أكثر التطبيقات المدفوعة
أبرز الأسماء المتوفرة حاليا على آبل ستور من تطبيقات منع الإعلانات هي مدفوعة، إذا كنت مستعدا لدفع تكلفتها لإيقاف الإعلانات فعليك ان تستعد خلال الأشهر القادمة للدفع مقابل استخدام بقية التطبيقات و مع انتشار التطبيقات المدفوعة سيعاني المستخدمين من الانفاق على تحميلها.
أخشى أن يحدث ذلك و لكنها النتيجة الطبيعية لإزالة هذا العنصر من التطبيقات المجانية، لأن المطورين و أصحاب التطبيقات سيرون في هذه الخطوة الحل لإنقاذ أرباحهم من التراجع.
- ستنتشر المواقع التي تطلب منك تعطيل منع الإعلانات أو الإشتراك المدفوع.
العديد من المواقع العالمية بدأت بالفعل الآن منع المتصفحين من مشاهدة الفيديوهات و التصفح بشكل حر ما داموا يستخدمون اضافات أد بلوك و التطبيقات التي تعمل على تعطيل الإعلانات.
فإذا كان المستخدم مصرا على عدم القيام بذلك تطلب منه تلك المواقع الاشتراك الأسبوعي أو الشهري لتصفحها دون إعلانات.
و مع هذه الثورة لتعطيل الإعلانات على iOS 9، الناشرين و أصحاب المواقع و المدونين سيتشجعون أكثر لاتخاد هذه التدابير لحماية أعمالهم و ضمان استمراريتهم.
نهاية المقال:
ستخسر جوجل الكثير من الأموال في هذه الحرب التي تقودها آبل و للأسف ستتضرر مايكروسوفت و أمازون مع فيس بوك كمنافسين يعتمدون على الإعلانات كل حسب ما تشكله من أهمية ضمن ايراداته، من جهة أخرى سيتضرر أيضا اصحاب المواقع و الناشرين و مطوري التطبيقات من هذه الخطوة.
فوضى عارمة قد بدأت بسبب حرب ضروس بين عملاقين و الأهم أن هذا سيؤثر بشكل سلبي على المستخدم الذي لن يجد أمامه في المستقبل سوى التطبيقات المدفوعة و الاشتراك المدفوع في كل موقع يزوره ليستمر في تصفحه أو ليعطل الإضافة التي يستخدمها كي تكون تكلفة تصفحه أقل و شبه مجانية.