كنا أمس قد افتتحنا الحديث عن أزمات الشركات وإدارتها بالتعرف على دورة حياة الأزمات: ما هي الأزمة؟ وما مراحلها؟، وبالإجابة عن تلك الأسئلة سننشر المزيد من المقالات مستقبلا عن هذا الموضوع في قسم ريادة الأعمال.
وبالطبع نعلم جيدا أن كل الشركات والمؤسسات سواء العملاقة أو الكبيرة أو الصاعدة وحتى الشركات الناشئة معرضة لها، وهي إما أن تكون مرحلة حرجة تمهد لمرحلة أفضل في حياة الشركة وإما أن تمهد لنهايتها بشكل حاسم.
وسط فوضى الأزمة التي تعاني منها مؤسستك في المراحل المبكرة يتوجب عليك أن تتخذ بعض الخطوات المهمة تفاديا لتفاقمها وتطورها ومرورها نحو مراحل أسوأ يصعب فيها السيطرة عليها والقضاء عليها.
وتذكر أن التأجيل للمشاكل وانتظار انتهاءها بدون تدخل منك هو ضرب من الوهم والأسلوب الخطأ في التعامل مع هذه الأوقات الصعبة وبالتالي يتوجب عليك أن تتصرف دون المزيد من تأجيل هذا الموضوع.
لكن قبل الانتقال نحو التطبيق واتخاد قرارات من شأنها أن تقضي على الأزمة التي تعاني منها مؤسستك هناك خطوة يجهلها الكثير من الناس صراحة، ليس التخطيط بل التعرف على ما تواجهه مؤسستك بالطبع.
- لا يمكنك معالجة المرض دون التعرف عليه وكذلك الأزمات
في المجال الطبي لا يمكن للطبيب أن يصدر نصائح للمريض بتناول أدوية معينة أو إجراء عملية جراحية قبل القيام بفحص وتقييم حالة المريض والتعرف على ما يشكو منه.
القاعدة هي نفسها التي تطبق مع المشكلات والأزمات، لا يمكنك أن تنخرط مباشرة في رسم خطة دون التعرف على ما تواجهه فعلا إذ أن الاجراءات غالبا ما ستكون غير مفيدة لهذه الحالة التي أنت أمامها.
الشركة في هذه الأثناء تعاني من المرض “الأزمة” وأنت وشركائك فيها بمثابة “الطبيب”، ولا أحد يعرف المؤسسة أكثر من المسؤولين فيها والمؤسس في حالة كان هو الرئيس التنفيذي.
- توقف وخد نفسا عميقا أولا
الإندفاع والتسرع في انقاذ الشركة من الأزمة ليس الحل ولا ينفع، فأنت في هذه الحالة تشبه مقاتلا متهورا يجري بسرعة وهو داخل إلى حلبة القتال بدافع الانتقام وبدون أي علم بالمخاطر الموجودة فيها ما يعني أنك في هذه الحالة انتحاري ستلحق بالطرف الآخر ضررا لكن غالبا ستموت، بينما المقاتل القوي ذكي أيضا وعندما يدخل لساحة المعركة يكون على اطلاع مسبقا بطبيعتها ولديه القدرة على اكتشاف أية فخاخ من العدو.
نفس الأمر هنا، لا يمكنك مثلا أن تتسرع وتبيع بعض خدماتك أو تسرع نسبة من الموظفين في الشركة أو تلجأ للإقتراض والاستثمار في مشروع آخر من أجل زيادة الايرادات أو تستثمر من أموال الشركة في صفقة يخيل لك أنها ستكون الحل دون دراسة لهذه الأزمة والتعرف عليها كما قلنا سابقا.
فقط المطلوب منك الآن أنت والإدارة والمسؤولين أخد نفس عميق والتخلص من التوتر والاندفاع الزائد، الهدوء يساعدك على التركيز والتفكير السليم، والغضب يدفعك لإصدار قرارات خاطئة تساعد الأزمة ولا تقتلها.
- أحضر كل البيانات المهمة وحول الأرقام إلى الرسوم البيانية
من المهم أن تسجل شركتك المبيعات والأرباح وعدد الموظفين بمرور الأشهر والسنوات وأيضا تواريخ إطلاق الخدمات والمنتجات واصدار التحديثات واستحضار كل شيء في بيانات مفصلة رسومية
إذا كان يتعلق الأمر بتراجع المبيعات عليك طرح بعض الأسئلة المهمة ومنها، متى بدأ هذا التراجع بالطبع؟ ماذا كان آخر منتج تم إطلاقه؟ ما الذي حدث في السوق “إطلاق منتجات منافسة وتغير قواعد اللعبة”؟ ما الذي أدى لهذا التراجع “الروتين وعدم التجديد/طرح منتجات منافسة بأسعار مغرية وإمكانات أفضل …”؟
من خلال تلك البيانات ستعرف سبب الأزمة، هل هي قلة مبيعات المنتج الرئيسي؟ أو قلة ايرادات الاستثمارات في شركات أخرى تواجه تراجع المبيعات؟ أم تزايد التكاليف الإنتاجية وتراجع هامش الربحية؟ أم ماذا؟
هناك الكثير من الأسباب ولا تتعلق بالضرورة بالمبيعات والانتشار في السوق؟ بالنسبة لشركات الويب يمكن أن تكون تباطؤ في الزيارات والمستخدمين كما يحدث مع تويتر التي خسرت جزءا مهما من قيمتها السوقية لهذا السبب فهي بعد 10 سنوات من تأسيسها لم يتخطى عدد مستخدميها 320 مليون مستخدم منهم 140 مليون مستخدم نشيط يوميا فقط.
- الآن أصبحت تعرف ما هي المشكلة وحالة الشركة
الآن أصبح السبب معروفا للأزمة التي تعاني منها الشركة، وبالتالي سيسهل عليك ايجاد حلول لها وبناء خطة على هذا الأساس.
لكن هذا ليس كافيا لبناء خطة ناجحة، بل أيضا عليك اعادة قراءة نقاط القوة لمؤسستك ونقاط ضعفها والتعرف عليهما واستعراضهما.
من نقاط القوة يمكنك بناء خطة عبر التركيز مثلا على المنتجات التي تبلي جيدا والتي تعد نقطة القوة، فيما تقلل من الانفاق على الخدمات التي لم تعد مربحة أو اعادة تصميمها وتطويرها لتعود للمنافسة؟
عندما يكون لديك كل هذه البيانات والمعلومات فالصورة أصبحت واضحة أمامك والآن يمكنك أن تنتقل للتخطيط.
نهاية المقال:
الشركة في الأزمة مثل إنسان مريض يشكو من مرض معين، والمطلوب منك كمسؤول في الشركة “رئيس تنفيذي – مجلس الادارة” هو تشخيص حالة المؤسسة وما الذي تعاني منه والتعرف على حجم الخسائر ومتى ولدت الأزمة وكيف تتطور وما السبب وراء ذلك؟ وتعيد قراءة نقاط القوة وأيضا تدوين نقاط الضعف مقابلها وبناء على كل هذه البيانات يمكنك رسم خريطة طريق الخروج من الأزمة.