تحالف الصين مع طالبان وطريق الحرير الجديد

تحالف الصين مع حركة طالبان وطريق الحرير الجديد

بعد أن تمكنت حركة طالبان من السيطرة على كامل أراضي أفغانستان وهروب الرئيس وسقوط النظام، يقال أن الإنسحاب الأمريكي الذي مهد لذلك هو فخ لكل من الصين وايران ودول أخرى.

بالنسبة لبكين، تعلم جيدا أن الإنسحاب الأمريكي من أفغانستان، هي حركة منها للتركيز على مواجهة الصين وروسيا، وفي ذات الوقت ترك المنطقة تعاني من الحركات المسلحة التي يمكنها بالفعل أن تزحف إلى الدول المجاورة ومنها الصين.

حدود الصين مع أفغانستان:

تتشارك جمهورية الصين الشعبية حدودا طولها 76 كيلومترا مع أفغانستان، ويمكنها أن تكون مصدرا للجماعات المهاجمة والتي تشكل خطرا على الداخل الصيني.

ولأن أفغانستان أيضا منتج كبير للحشيش في العالم، فإنها مصدر مقلق بالمخدرات سواء للصين أو باكستان أو ايران على حد سواء.

وعززت الصين قواتها على هذه الحدود منذ سنوات طويلة، وكان التواجد الأمريكي في أفغانستان مقلقا لبكين، لكن أيضا كان بطريقة أخرى مفيدا لها حيث انشغلت الولايات المتحدة بمكافحة تلك الجماعات ومنعها من الحكم مدة 20 عاما، قتل فيها 2500 جندي أمريكي وخسر الإقتصاد الأمريكي تريليوني دولار.

وتتواجد أفغانستان في موقع مميز في آسيا، وهو ما جعلها مسرحا لحروب عسكرية كبرى من بريطانيا والإتحاد السوفياتي وأخيرا الولايات المتحدة الأمريكية.

موقف الصين من نظام طالبان في أفغانستان:

قالت الصين إنها مستعدة لتطوير علاقات ودية مع نظام طالبان في أفغانستان، يأتي ذلك بعد أن اقتحمت حركة طالبان العاصمة الأحد وسيطرت على البلاد.

نقلت فرانس بريس عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية هوا تشون ينغ قولها “إن الصين تحترم حق الشعب الأفغاني في تقرير مصيره بشكل مستقل ومستعدة لمواصلة تطوير … علاقات ودية وتعاونية مع أفغانستان”.

كانت الصين قد ألمحت في وقت سابق إلى أنها ستقبل نظام طالبان في أفغانستان، في 28 يوليو إلتقى وزير الخارجية الصيني وانغ يي رسميًا في تيانجين مع تسعة أعضاء من طالبان، وضم الوفد أيضا الملا عبد الغني بردار، المؤسس المشارك لطالبان ونائب زعيمها.

واعترف وانغ بالمجموعة باعتبارها “قوة عسكرية وسياسية حاسمة في أفغانستان من المتوقع أن تلعب دورًا مهمًا في عملية السلام والمصالحة وإعادة الإعمار في البلاد”.

ومع ذلك، فإن الفحص الدقيق لتفاصيل الاجتماع وسجل الحكومة الصينية في التعامل مع طالبان يكشف أن المسار المستقبلي للعلاقة غير مؤكد.

ليست فقط نهاية الصراع المسلح في أفغانستان غير محددة، هناك أيضًا تساؤلات حول مدى اعتدال طالبان على الإطلاق، الأمر الذي له تأثير هائل على تصور المسؤولين الصينيين للمنظمة والسياسة تجاهها.

احتضنت الحكومة الصينية على مضض حركة طالبان، لكنها تحوّطت أيضًا من خلال الاستمرار في التعامل دبلوماسيًا مع الحكومة الأفغانية.

إن الطبيعة الأصولية لطالبان، وارتباطهم بالقاعدة وإيوائهم لها، وعلاقتهم المشكوك فيها بمقاتلي الأويغور، كلها دفعت المسؤولين الصينيين إلى النظر إليهم بشكل سلبي في فترات متعددة خلال السنوات السابقة، لكن تقول حركة طالبان أنها أعادة النظر في العديد من مواقفها وهي لا تريد الإعتداء على الأجانب وتحترم حقوق المرأة بشرط أن تلبس الحجاب.

طريق الحرير الجديد وطموحات الصين في أفغانستان:

يمكن أن تلعب افغانستان دورًا مهمًا في مبادرة الحزام والطريق وكذلك في التكامل الاقتصادي الإقليمي مع باكستان وايران وهما من حلفاء بكين في المنطقة.

إذا اختارت طالبان الاستقرار والتعايش السلمي مع جيرانها فهذا ما تريده الصين بالضبط، وحينها سيكون بإمكان هذه الدولة المشاركة في عمليات الإعمار والتنمية وتقدم المشورة للحكومة أو نظام الحكم الجديد.

دعا بعض الخبراء الصينيين حركة طالبان إلى إجراء المزيد من التغييرات في سياساتها من أجل التحديث والسعي في اتجاه معتدل، إن قدرة طالبان ورغبتها في القيام بذلك ستحدد عمق واتساع مشاركة الصين معهم في المستقبل.

وتفضل بكين لغة الحوار والتفاوض عادة في الملفات السياسية الشائكة على الحرب والقتال العسكري الذي لا يأتي إلا بالخسائر المالية والإقتصادية.

رحبت طالبان علانية بالاستثمارات الصينية في إعادة إعمار أفغانستان وأشارت إلى أنها ستضمن سلامة المستثمرين والعاملين من الصين، ومع ذلك من غير المرجح أن تنغمس الصين في أفغانستان باستثمارات كبيرة في المستقبل المنظور.

كان هناك انفصال مستمر بين الخطاب الصيني بشأن الإمكانات الاقتصادية لأفغانستان والحجم الفعلي للمشاريع التجارية الصينية في البلاد.

في عام 2019، شدد السفير الصيني في أفغانستان على الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه أفغانستان في مبادرة الحزام والطريق الصينية وكذلك في التكامل الاقتصادي الإقليمي الصيني الباكستاني الأفغاني.

ومع ذلك، فإن تلك الصورة الوردية لا تدعمها البيانات الفعلية، خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2021، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أفغانستان 2.4 مليون دولار فقط، وبلغت قيمة عقود الخدمة الجديدة الموقعة 130 ألف دولار فقط.

يشير ذلك إلى أن عدد الشركات والعاملين الصينيين في أفغانستان آخذ في الانخفاض بشكل كبير، بالنسبة لعام 2020 بأكمله، بلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر الصيني في أفغانستان 4.4 مليون دولار، أي أقل من 3 في المائة من هذا النوع من الاستثمار الصيني في باكستان، والذي كان 110 ملايين دولار لنفس العام.

طالما ظلت البيئة الأمنية غير مستقرة فمن غير المرجح أن تطلق الصين مشروعات اقتصادية كبرى في أفغانستان، لم يكن وجود القوات الأمريكية هناك هو العامل الذي يعيق الأنشطة الاقتصادية الصينية، في الواقع استفادت الشركات الصينية من الاستقرار الذي وفرته القوات الأمريكية.

من غير المرجح أن يشجع الانسحاب الأمريكي الاستثمار الصيني الكبير، بل سلوك طالبان والتعامل الدولي مع هذه الجماعة التي يصنفها كثيرون على أنها إرهابية ومتشددة.

إقرا أيضا:

تأثير أزمة فيروس كورونا على طريق الحرير الجديد من الصين

كل شيء عن مبادرة الحزام والطريق أو طريق الحرير الجديد

انهيار اقتصاد باكستان بسبب التحالف مع الصين

هل يقضي اليوان الرقمي على الدولار الأمريكي أو اليورو؟

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز