تبني فيس بوك للخصوصية هراء وغرامة 5 مليارات دولار غير كافية

تتحدث فيس بوك على أن الشبكات الإجتماعية الخاصة هي المستقبل، وأن الخصوصية ستكون روح ومحور منصتها العملاقة ومنتجاتها وخدماتها.

تغير ايجابي في اللهجة ويأتي استجابة للضغوطات التي تتعرض لها الشركة طيلة الأزمة المستمرة منذ عدة سنوات.

حصلت الشركة على 56 مليار دولار في عام 2018، جزئياً من خلال تعقب الأشخاص داخل وخارج منصة الشركة ثم بيع الإعلانات المستهدفة بناءً على تلك المراقبة، والغريب أنه عندما أعلنت عن تحول إلى “منصة اتصالات تركز على الخصوصية” في مارس وكشف النقاب عن إعادة تصميم نحو المراسلة الخاصة في مؤتمر مطوري F8 يوم الثلاثاء، لم تنخفض قيمة أسهم الشركة، كيف يمكن أن يحدث ذلك إذا كان التعقب ضروريا لنموذج أعمال فيس بوك؟

هذا ما يجعلنا نطرح فرضية قوية: ربما كل هذا الحديث عن الخصوصية هراء، والمستثمرون يعرفون ذلك.

وفي الوقت نفسه، لا تتحرك لجنة التجارة الفيدرالية بالسرعة المطلوبة، وهي الوكالة المكلفة بحماية المستهلكين، بينما إمكانية فرضها لغرامة قوية على فيس بوك مجرد كلام.

على الرغم من أن مفاوضات التسوية التي أجرتها FTC مع فيس بوك سرية، فإن الوكالة تدرس تغريم الشركة الأمريكية من 3 مليارات إلى 5 مليارات دولار، وهو مبلغ يمكن أن يربحه فيس بوك خلال شهر واحد فقط.

يشير أحد التقارير إلى أن لجنة التجارة FTC لن تطلب من فيس بوك تغيير ممارسات معالجة البيانات الخاصة بها وستطلب من فيس بوك فقط إنشاء لجنة لمراقبة الخصوصية لتقديم تقرير إليها.

ومن المطلوب بالطبع أن ترسل فيس بوك تقارير الخصوصية إلى FTC بموجب اتفاق 2011، لكن لا تحمي أي من هذه الإجراءات المستهلكين بشكل كافٍ في ضوء انتهاكات الخصوصية المستمرة على فيس بوك.

بدأت لجنة التجارة FTC تحقيقها بعد فضيحة Cambridge Analytica، لكن منذ ذلك الحين تم الإبلاغ عن انتهاكات متعددة للخصوصية، مما أثر على ملايين المستخدمين.

  • شكوك إزاء خطة فيس بوك الجديدة

مع تحوله إلى الرسائل الخاصة، قد لا يتمكن فيس بوك بعد الآن من قراءة نص هذه الرسائل المشفرة، لكن الشركة لم تذكر أي خطط لإيقاف تعقب المستخدمين عبر ملايين المواقع أو التوقف عن مراقبة أشياء مثل سلوكياتهم واتصالاتهم وتفاعلاتهم أو المواقع أو الاهتمامات أو عمليات الشراء، مع العلم أن الطرق التي يتتبع بها فيس بوك المستخدمين دون علمهم لا تنتهي ولا تقتصر على الإطلاق على قراءة مشاركات المستخدمين.

بدلاً من ذلك، أعلن فيس بوك عن طرق جديدة ليعرف المزيد عن المستخدمين، مثل ميزة المواعدة الجديدة ودمج التسوق في انستقرام.

إن التحول إلى الخصوصية يعني أن فيس بوك سيجمع أقل من بياناتنا الشخصية وليس أكثر منها، ومع ذلك تعمل خطوط العمل الجديدة هذه أيضًا على تغذية استراتيجية فيس بوك المتمثلة في إبقاء المستخدمين على نظامها الأساسي، بدلاً من تطبيق مواعدة منفصل أو موقع ويب خاص بالعلامة التجارية، مما يسمح للشركة بجمع المزيد من البيانات، وعرض المزيد من الإعلانات وكسب المزيد من المال.

في الوقت نفسه تقريبا الذي أعلن فيه زوكربيرغ عن محور فيس بوك المفترض للخصوصية، دعا أيضًا إلى تنظيم حكومي “للمحتوى الضار ونزاهة الانتخابات والخصوصية ونقل البيانات”.

لكن نموذج أعمال الإعلان المستهدف القائم على الإستهداف هو المشكلة، الأضرار التي لحقت خصوصيتنا والانتخابات هي في أصلها قرارات شخصية.

إذا توقف فيس بوك عن برمجة خوارزمياته لإعطاء الأولوية للمشاركات التي تخدم أهدافه التجارية، فقد تتوقف الفوضى على هذه المنصة أو تتراجع بنسبة جيدة.

يعد تحديد أولويات المشاركة خيارًا تجاريًا، حيث إنه يُبقي المستخدمين على منصة فيس بوك لعرض إعلاناتهم وجمع بياناتهم.

إذا توقف فيس بوك عن جمع كميات هائلة من بيانات المستخدم لتغذية نموذج أعمال الإعلانات المستهدف، فلن يتمكن الوكلاء الأجانب من التدخل في الانتخابات من خلال استهداف مستخدمي المنصة، أولئك الذين يسعون للتأثير على الانتخابات والرأي العام الأمريكي وغيره ومنها الرأي العام المحلي يستخدمون بنية المراقبة على فيس بوك لتحديد المستخدمين الأكثر عرضة لرسائلهم.

بالطبع لا تريد الشركة أن تتخلص من سياساتها لجمع البيانات عن المستخدمين لأن هذا سيؤثر سلبا على أعمالها التجارية، وبالتالي فإن كلامها حول الخصوصية مجرد هراء.

  • الغرامة المتوقعة كبيرة لكنها غير كافية

فيس بوك مستعدة لتدفع الغرامة المالية في حالة أقرت لجنة التجارة ضدها ذلك، هي تستطيع أن تدفع 3 مليارات دولار إلى 5 مليارات دولار وربما أكثر بكثير.

الأمر سهل بالنسبة لها حيث تحقق أرباحا صافية كبيرة والمليارات القليلة ليست شيئا بالنسبة لهذه الشركة العملاقة التي ستدفع لتسوي القضية وتستأنف انتهاكات الخصوصية في صمت.

خسائرها المتوقعة ستعوضها في شهر واحد وربما في فترة أقل من شهر كما يقول مراقبون، بالتالي فهذه العقوبة ليست كافية ولن تكون رادعة.

لهذا يجب على الجنة أن لا تكتفي بغرامة كبيرة، بل يمكنها أن تحظر على فيس بوك أنواعًا معينة من البيانات التي يمكن جمعها.

قد يتطلب الأمر الانتقال من ممارستها الحالية المتمثلة في تتبع المستهلكين بطرق لا يتوقعونها أبدًا إلى شفافية جذرية، قد تتطلب لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) موافقة المستخدم التقنية لكل عملية جمع البيانات ستقوم بها المنصة مع إعطاء المستخدمين خيارًا حقيقيًا لعدم تتبعهم.

من جهة أخرى يجب أن تعمل لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) بالإعتراض على دمج انستقرام مع واتساب وماسنجر وكذلك فيس بوك والعمل على فصل هذه المنصات.

ستوفر المنافسة للمستهلكين والمعلنين القدرة على اختيار منصة تواصل اجتماعي بنموذج أعمال أقل انتهاكا لخصوصيتهم.

 

نهاية المقال:

أصبح واضحا أن خطة فيس بوك لتبني الخصوصية مجرد هراء، ولهذا يجب على لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) فرض غرامة قدرها 5 مليارات دولار على الأقل، ورفض دمج انستقرام مع واتساب وفيس بوك ماسنجر والفصل بينها.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز