يريد المغاربة المتأثرين بالخطاب الإخواني والإيراني وحتى اليساري القومي، دفع المغرب إلى العداوة مع إسرائيل وقطع العلاقات المغربية الإسرائيلية ويغضبون من شعار تازة قبل غزة.
هذه التيارات الإسلامية واليسارية في المغرب تتحرش بالأمن القومي المغربي باستمرار من خلال إغضاب الشعب المغربي وتحميله مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة.
وكأن المظاهرات والإحتجاجات التي تحدث في المغرب كل يوم جمعة وأحد، تحظى أصلا بتغطية إعلامية عربية قوية أو حتى بقبول عربي، حيث الرأي العام في العالم العربي متفق على أن المغرب خائن للقضية الفلسطينية.
وبينما يسمح المغرب بهذه المظاهرات بكل حرية وتنظيم في مختلف المدن وبحضور الإعلام أيضا على عكس الجزائر التي تمنع هذه الإحتجاجات ورغم ذلك يفضل الفلسطينيين الجزائريين على المغاربة والشواهد كثيرة.
المشكلة الأخرى هي أن الأبواق الإعلامية الإسلامية واليسارية تحرض بشكل واضح ضد السلطات المغربية وعلى رأسها الملك محمد السادس وتعتبر شعار تازة قبل غزة خيانة.
وتستهدف تلك الأبواق الإخوانية الأمن القومي في عدد من الدول العربية وعلى رأسها المغرب والأردن ومصر والإمارات والسعودية، من خلال شيطنة القيادات والسلطات والجيوش العربية التي تعد “مرتدة” في الفكر الإخواني.
وقد أشرت منذ بداية حرب أكتوبر 2023 بين إسرائيل وغزة إلى أن الإخوان المسلمون يهددون الدول العربية المستقرة من خلال التحريض ضد الحكومات وتسخين الشعوب على الحكام.
وإلى الآن لم تتهور الشعوب العربية بسبب حرب غزة لكن هذا ممكن في نهاية المطاف خصوصا في مصر حيث الأزمة الإقتصادية صعبة وهي التي خسرت أكثر من 7 مليار دولار بسبب هجمات الحوثي على السفن التي تمر عبر قناة السويس.
في المغرب هناك أزمة اقتصادية تتجلى في الغلاء لكن لا يزال الوضع أفضل بكثير من مصر ودول أخرى، وتعيش المملكة فترة انتقالية تنفق فيه المليارات من الدولارات على البنية التحتية سواء لتنظيم كأس العالم 2030، أو ضمن الإصلاحات التي أطلقها الملك محمد السادس في أزمة كورونا.
الكثير من التحولات والتغييرات تحدث في هذا البلد الذي تتضرر من هجوم سيبراني على المواقع الحكومية وفضح هشاشة النظام الرقمي المغربي، وهذا بكل تأكيد سيدفع الحكومة لإصلاح هذه المشكلة وتسريع الرقمنة على أسس تأخذ أمان بيانات المواطنين في الإعتبار.
ويحرز المغرب تقدما في صراع الصحراء المغربية المستمر لعقود طويلة، حيث اعترفت كل من اسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة بمغربية الصحراء وتستعد بريطانيا لخطوة مماثلة، وفي الوقت نفسه يواصل المغرب بناء مدن الصحراء وجلب الإستثمارات إليها.
ورغم أنه تمكن من بناء صناعة السيارات والمركبات وأصبح أكبر منتج لها في أفريقيا، إلا أن طموحاته لا تتوقف عند هذا الحد حيث يسعى إلى الربح من خلال الصراع الصيني الأمريكي بجلب استثمارات ومصانع تصنع في المغرب ويتم شحن السلع منه إلى أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية التي تربطه به رسوم جمركية لا تتعدى 10 في المئة وهي الأقل عالميا.
ورغم أن إنجازات الملك محمد السادس في عهده المستمر منذ أكثر من 25 عاما كثيرة، إلا أن العاهل المغربي طموح ويريد تحقيق المزيد من الأمجاد في عهده.
ويحتاج المغرب إلى تحقيق طفرة تنموية أكبر سواء في السياحة حيث تجاوز مصر أخيرا، أو فلاحيا حيث لديه اكتفاء ذاتي من الخضروات والفواكه ولكنه خسر ميزة انتاج اللحوم محليا بسبب الأزمة الأوكرانية التي أثرت سلبا عليه والدول العربية.
وقد أطلقت الحكومة المغربية مبادرة خلق مليون فرصة عمل بحلول 2030، من شأنها أن ترفع من النمو الاقتصادي وتخفض معدلات البطالة وهي مشكلة مستعجلة يجب حلها.
يشهد المغرب زخما وحراكا كبيرا في السنوات الأخيرة سرعته أكثر جهوده من أجل تنظيم كأس العالم 2030 مع البرتغال واسبانيا وقد نرى مشاريع ضخمة تربط القارتين الأفريقية والأوروبية من خلاله.
كل هذا يحدث مع رفع الدعم الحكومي وبناء نظام دعم عادل يستهدف فقط الفقراء ولا يستفيد منه الأغنياء، وتعميم التغطية الصحية التي شملت حوالي 25 مليون مواطن مغربي.
ومن الضروري أيضا اصلاح سعر الصرف من خلال تعويمه، ما سيؤدي على انخفاض الدرهم المغربي مقابل الدولار وهو ما سيعطي الصادرات المغربية ميزة تنافسية في الأسواق ويسرع من استقطاب الشركات والمصانع العالمية.
كل هذه التحديات وعشرات البرامج التنموية وتوفير المساكن لضحايا زلزال 2023، وجهود القضاء على الفقر وإصلاح التعليم والقطاع الصحي يجعل تازة أهم من غزة بالنسبة للمغاربة العقلاء.
هذا لا يعني أننا ضد السلام في الشرق الأوسط وضد انهاء الصراع هناك، لكن آمالنا هناك لن تتحقق بدون أن يؤمن الفلسطيني والإسرائيلي بأن التعايش هو الحل ويتخلى كل واحد منهما عن خرافاته الدينية وأطماعه ورغبته في اقصاء الآخر.
بل إني شخصيا أريد انهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كي تركز الشعوب في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التنمية الإقتصادية والإزدهار والإستقرار لأن الحروب والثورات ستدمر بقية الدول المستقرة والعالم حاليا يعيش مرحلة انتقالية حيث ننتقل إلى عصر الذكاء الإصطناعي الذي لن يرحم كل ما هو قديم وبليد.