احتجاجات، ديون ضخمة، احتياطيات نقدية متضائلة، إنها نتائج تحالف باكستان مع الصين، والتي ابتعدت كثيرا عن الولايات المتحدة الأمريكية في السنوات الأخيرة.
أصبحت اللعبة في هذه المنطقة من العالم واضحة جدا، الهند حليف مهم للغاية بالنسبة لواشنطن، أما باكستان فقد اختارت التحالف مع الصين، والأهم أن بكين وإسلام أباد يشتركان في العداوة للهند.
لقد افتتحت باكستان هذه العلاقة بوعود كبرى عندما حصلت على 60 مليار دولار من الصين في عام 2013، حينها تكلم الإعلام المحلي عن هذه العلاقة بأنها هي التي سترسم مستقبلا مزدهرا للبلاد وتحرر اسلام آباد من التبعية لواشنطن.
بفضل الأموال والخبرة الصينية، أضافت باكستان المزيد من الكهرباء إلى شبكتها المتعثرة وهي الآن تربط مدنها بشكل أفضل بالطرق وأنظمة النقل العام الجديدة.
نعم لقد حقق البلد الإسلامي الكبير تقدما بفضل هذه العلاقة، ولأنه أيضا يقع على طريق الحرير الجديد وضمن الإستراتيجية الصينية الكبرى.
على المستوى الداخلي هناك اجماع واضح حتى الآن أن السياسة الخارجية للبلاد جيدة وأن التقارب مع الصين في مصلحتهم، لكن هناك معارضين وأصوات تحذر من التبعية للتنين الأصفر.
استفادت بكين من هذه العلاقة في زيادة صادراتها إلى السوق الباكستانية، وحتى أيضا زيادة مبيعات أسلحتها لهذا البلد والتعاون العسكري بينهما.
أما اسلام أباد فقد أعلنت أنها ستتلقى “هدية” مقدارها 500 ألف جرعة من لقاح سينوفارم، وهي تجري حاليًا محادثات مع بكين لتأمين المزيد من جرعات اللقاح.
قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان العام الماضي: “نحن نقدر صداقتنا القوية وشراكتنا الاستراتيجية”، ويبدو أنه لن يعود إلى الوراء مجددا.
وفي وقت سابق قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن واشنطن ما زالت “قلقة من أن بعض مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني تفتقر إلى الشفافية وتفرض مستويات لا يمكن تحملها من الديون على باكستان، مع استفادة الشركات الصينية المملوكة للدولة بشكل غير متناسب”.
ويلاحظ بالفعل المزيد من الخبراء من داخل باكستان أن التحالف مع الصين بدايته جيدة ورائعة لكن مع مرور الوقت هناك ضغوط وتكاليف ومخاطرة بسمعتها.
ذكرت بلومبرج في وقت سابق من هذا الشهر أن الحكومة الباكستانية ستطلب من الصين إعفاءً من الديون على المشاريع المشتركة، بين عامي 2018 و 2020 أضافت باكستان 17 مليار دولار إلى ديونها الخارجية، بإجمالي 113 مليار دولار العام الماضي.
حتى في أفضل الأوقات، فإن الأوضاع المالية لباكستان معروفة بعدم الاستقرار، إنها حاليًا في إطار برنامج إنقاذ لصندوق النقد الدولي بقيمة 6 مليارات دولار – وهو البرنامج الثالث عشر – لكن حجم وشروط الاستثمار الصيني يعني أزمة نقدية أكبر في وقت يعاني فيه اقتصادها من ضغط جائحة فيروس كورونا، نتيجة لذلك ضخمت ديونها وانخفضت عملتها وارتفع التضخم بشكل كبير.
ويواجه الرئيس الباكستاني حاليا سلسلة من المظاهرات والإحتجاجات في البلاد ضد الغلاء وتزايد البطالة وغرق البلاد في كومة من الديون المتزايدة.
قد يقول قائل أن هذا هو وضع باكستان دائما، فهي رغم كونها دولة نووية إلا أنها ضعيفة اقتصادية، وتعاني دائما من مشكلة الديون ومن عدم اليقين.
هذا صحيح لكن حينها كانت تعاني مع صندوق النقد الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، وهما لا يستوليان على الموانئ والمرافق المهمة عندما تفشل الدول في تسديد ديونها، لكن الصين فعلت وهي تفعل ذلك، ولعل قصة ميناء هامبانتوتا السريلانكي أبرز مثال على ذلك.
يحذر الخبراء من أن ميناء جوادر، بالقرب من الحدود الباكستانية مع إيران، لديه القدرة على أن يصبح هامبانتوتا جديدا.
تم إيقاف العمل الأخير في بناء سياج حول الميناء مؤقتًا فقط بعد احتجاج السكان المحليين، ومن غير الواضح ما إذا كان أمر بنائه جاء من الحكومة الباكستانية أم بناءً على طلب الصين التي تشعر بالقلق إزاء القضايا الأمنية في المقاطعة.
لم تعزز المشاريع التوظيف المحلي أيضًا حيث تفضل شركات البناء الصينية شحن عمالها من الصين بدلاً من توظيف عمال محليين مما زاد من التوترات، بينما عززت تلك المشاريع في الواقع من الصادرات الصينية وتزايد نقل البضائع من الصين إلى السوق الباكستانية وأسواق قريبة منها أيضا.
إقرأ أيضا:
دبلوماسية فخ الديون سلاح الصين للسيطرة على العالم
أسباب افلاس 16 ناديا صينيا وانهيار فقاعة الدوري الصيني
8 مظاهر تؤكد تفوق أمريكا على الصين اقتصاديا وماليا
الصين تحاول منع الإنهيار المالي العالمي الذي نترقبه
هل حان وقت الإستثمار في الصين خلال 2021؟