المتابع للشأن الجزائري يعرف جيدا أن اقتصاد الجزائر في مرحلة حرجة للغاية، وأن أكبر مشكلة تواجه هذا البلد هي الأزمة الإقتصادية والمالية وأدواتهما.
بدأ مسلسل انهيار اقتصاد الجزائر منذ 2014، العام الذي انهار فيه النفط وبدأت نهاية زمن النفط الأسود للأبد، وقد انهار اقتصاد فنزويلا سريعا للسبب نفسه.
البلد المترامي الأطراف في شمال أفريقيا يتخبط خارجيا وداخليا في الوقت الراهن، وقد تراجع حجم اقتصاد البلاد من من 213 مليار دولار عام 2014 إلى 170 مليار دولار عام 2019 ونحو الأسوأ في العام الحالي.
-
الجزائر على خطى فنزويلا بالضبط
الدول التي تعتمد على صادرات النفط والغاز تواجه خطرا كبيرا في السنوات القادمة، وهو أن مصدر دخلها الأساسي سيتراجع عاما بعد عام إلى مستويات ضعيفة جدا.
حدوث ذلك يعني انهيار الصادرات ومصدر العملات الصعبة وحجم الإقتصاد والعملة المحلية وسترتفع الديون الداخلية والخارجية، ويرتفع الفقر والبطالة وينهار المجتمع.
حدث هذا سريعا مع فنزويلا، وهو بلد يعتمد على صادرات النفط بنسبة 98% وعندما انهارت أسعار النفط عام 2014، انهارت الصادرات.
تحول البلد الذي يعيش أغلب مواطنيه في الطبقة المتوسطة والظروف المعيشية الجيدة، إلى بلد فقير وميؤوس منه، وهناك حوالي 4 مليون لاجئين فنزويليين موزعين في أمريكا اللاتينية.
في الجزائر يحدث هذا لكن بشكل تدريجي خصوصا وأنها تصدر الغاز، لكنها تواجه مشكلتين الأولى هي تراجع انتاج النفط مع نضوبه، وكذلك الأمر للغاز الطبيعي وتوقف الإستثمارات في البحث عن حقول جديدة.
تراجع احتياطي العملات لهذا البلد من 200 مليار دولار عام 2014 إلى 44 مليار دولار فقط في العام الجاري وهو يتناقص باستمرار.
وفيما لا تواجه الجزائر أي عقوبات أمريكية كما حدث مع فنزويلا وهو ما منعها من تصدير النفط مجددا بنفس الوضع السابق، فإن نضوب الغاز والنفط في الجزائر بحلول 2030 يحولها من مصدر إلى مستورد.
تعتمد الجزائر بنسبة 98% على النفط والمحروقات، وهي تطمح إلى تقليل النسبة نحو 80% بنهاية 2021، لكن لا تزال نسبة خطيرة جدا.
-
هل يمكن أن تكون الجزائر سوريا جديدة؟
تبحث الجزائر عن المشاكل في شمال أفريقيا منذ عقود طويلة، حيث تستضيف الإنفصاليين الذين يطالبون بدولة في الصحراء المغربية.
وقد ارتكب هذا البلد جريمة نكراء عندما طرد 350 ألف مغربي وفصلهم عن عائلاتهم الجزائرية وأخذ ممتلكاتهم ردا على المسيرة الخضراء 1975 التي استرجع فيها المغرب صحراءه من الإستعمار الإسباني.
وتبحث الدولة الجزائرية عن الوصول إلى المحيط الأطلسي، ولديها تحركات مختلفة على هذا المستوى كانت آخرها أزمة الكركرات التي انتهت بسيطرة المغرب على المعبر وتنميته وخسارة البوليساريو التعاطف الدولي.
الآن تعترض الجزائر على عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل ولديها موقف مضاد للخطوة الأمريكية، وهي تهدد بالحرب وتعتمد على روسيا في تسليحها.
قد يتعرض هذا البلد للعقوبات الأمريكية أو حرب اقتصادية في نهاية المطاف، خصوصا وأن هناك إشارات حقيقية على أن أصدقاء الأمس ونتحدث عن مصر وتونس يتراجعان نحو الحياد، ومن غير المستبعد أن تفتح مصر قنصليتها في مدينة العيون.
يحدث كل هذا مع سقوط 15 مليون جزائري تحث عتبة الفقر، ويزداد الغضب الشعبي من الأزمة الإقتصادية المشتعلة في البلاد، وقد يتحول البلد إلى ساحة للثورة ولصراع دولي جديد.
في حال اتضح أن السياسات الجزائرية الخارجية لن تتغير، وأنها تبحث عن المشاكل للمغرب وحلفائه فإن إسرائيل والإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى ستكون في الصف المعارض لها.
وقد رأينا سوريا التي تدافع كثيرا عن العروبة وشعارات التيار اليساري المناهض لإسرائيل ما الذي حدث معها، لقد تحولت إلى هدف أمريكي إسرائيلي قطري تركي لضربها ليمر الغاز القطري في الشمال السوري وضمان حكومة موالية لهم أيضا.
وصحيح أن هذه الدول قد فشلت في الملف السوري، إلا أن الحرب الأهلية قد دمرت البلاد وأصبح السوريين لاجئين بالملايين في شتى بقاع العالم.
-
فنزويلا أم سوريا جديدة؟
من خلال هذا التحليل، يمكنني القول بكل ثقة أن الجزائر تسير في طريق مظلم لتصبح فنزويلا بسبب الأزمة الإقتصادية أو سوريا جديدة بسبب الخلافات السياسية مع المغرب وحلفائه، أما احتمال النجاة فهو 0%.
إقرأ أيضا:
موعد نضوب النفط في الجزائر وبدء استيراد الغاز
أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا لقتل روسيا وخنق الجزائر
الجزائر المغرب: الواردات والصادرات والتبادل التجاري
كيف ينتقم المغرب من الجزائر حاليا؟
انهيار الدينار الجزائري سيستمر حتى 2023 على الأقل
خطر افلاس الشركة الجزائرية لتوزيع الكهرباء والغاز SADEG