أحدث المقالات

كيف تقضين يوم ترفيهي رائع في أبوظبي؟

أبوظبي، عاصمة الإمارات العربية المتحدة، هي واحدة من أبرز...

اغلاق قناة الحرة انتكاسة للإعلام الحر والتنوير العربي

من الممكن أن نشهد في العام الحالي اغلاق قناة...

الليرة التركية تنهار أسرع من الجنيه المصري ويقتربان من التعادل

في مشهد اقتصادي متسارع ومثير للقلق، تواصل الليرة التركية...

من هو مخترع بطاريات الليثيوم؟ نهاية كذبة رشيد اليزمي

في السنوات الأخيرة نشرت وسائل الإعلام المغربية وحتى العربية...

أصل سكان تونس والجزائر: التونسيين والجزائريين أبناء أوروبا

في تقرير نشرته مجلة Nature حول "الحمض النووي القديم...

الماسونية الدمشقية 1868-1965 من تحرير سوريا مرتين إلى حظرها

الماسونية الدمشقية 1868-1965 من تحرير سوريا مرتين إلى حظرها

لا توجد في المناهج الدراسية العربية إسهامات الماسونية في تحرر الدول العربية من الإمبريالية التركية ثم كفاحهم ضد الإستعمار الأوروبي ولعل الماسونية الدمشقية من الأخويات المظلومة إعلاميا.

لكن الماسونية عانت في الدول العربية من حرب إعلامية وثقافية شنها المحافظون الذين ربطوها بالصهيونية والمؤامرة للتحكم في العالم ولهذا السبب لا يوجد من يعترف بها.

تتمتع الماسونية في دمشق بتاريخ غني ومعقد، وخاصة من عام 1868 إلى عام 1965، والذي تميز بإنشاء العديد من المحافل وتأثيرها الكبير على المجتمع والسياسة السورية.

تأسيس الماسونية الدمشقية

وصلت الماسونية إلى دمشق 1868 عبر ماسوني أمريكي يدعى، روبرت موريس وهو أحد الشخصيات البارزة في تاريخ الماسونية، وقد لعب دورًا مهمًا في نشر الماسونية في منطقة الشرق الأوسط.

في أبريل 1868، زار موريس دمشق كجزء من رحلته في المنطقة، والتي كانت تهدف إلى استكشاف الجذور التاريخية للماسونية ونشر أفكارها.

يُعتبر أيضًا واحدًا من الشخصيات التي ساهمت في تعزيز الروابط بين المحافل الماسونية في الغرب والشرق، وينسب إليه الفضل في ابتكار “وسام نجمة الشرق”، وهو مجموعة تعليمات وشروط اعتمدتها بعض الهيئات التابعة للمحافل الماسونية.

خلال زيارته لدمشق، عمل موريس على تأسيس علاقات مع السكان المحليين وسعى إلى نشر الماسونية كجزء من رؤيته لنشر التنوير.

وكان الأمر طبيعيا بالنظر إلى أن التنوير هو الذي صنع بلدا صاعدا وعظيما حينها وهي الولايات المتحدة الأمريكية، التي طبقت فيها الفلسفات الأعظم في التاريخ ومنها الليبرالية والعلمانية كما أن عدد من المؤسسين لها ماسونيين ويؤمنون بالمهندس الأعظم للكون.

إنجازات الماسونية الدمشقية 1868-1965

في الكتاب الثمين “شرق الجامع الأموي: الماسونية الدمشقية 1868-1965″، الصادر عن دار رياض الريس في بيروت، وضع المؤرخ سامي مروان مبيض أمام المهتمين بتلك الحقبة الخفية من تاريخ الزعامات الشامية.

الكتاب من تأليف المؤرخ الذي يشكك فيما ينسب إلى الماسونية من مؤامرات وما يقال عنها، خصوصا وهناك شخصين من عائلته هما من الماسونيين، هما جده القاضي أحمد عزت الأستاذ، وعم جدته عبد الرحمن باشا اليوسف، والذي كان يشغل منصب أمير الحج الدمشقي، ورئيس مجلس الشورى.

وصل جده إلى مرتبة أستاذ في محفل أمية الكبير، أما عم جدته فقد كان عضوا في الماسونية العثمانية، ومن خلال معرفته بهما كانت سيرتهما جيدة للغاية.

يطرح المؤرخ سامي مروان مبيض اسئلة في بداية رحلته البحثية، ومنها هل الماسونية كانت موضعة حينها وانتهت؟ هل جده وعم جدته خائنين للوطن؟

وفي رحلته إلتقى بالدكتور جورج لاذقاني، وهو ماسوني من “محفل سوريا ولبنان”، وقد تجاوز الرجل المئة عاما حينها، وقد طرح عليه أسئلة عديدة ولقي الإجابات.

من الأجوبة أن الماسونية هي التي أعلنت استقلال سوريا مرتين، الأولى عن الدولة العثمانية التركية والثانية عن فرنسا التي حلت محل الخلافة المتهالكة.

لماذا دمشق في غاية الأهمية بالنسبة للماسونية؟

عن موريس يقول مبيض: “جاء إلى دمشق حاملاً تحية أخوة من نصف مليون ماسوني أمريكي، ومعه ألف دولار أمريكي لتأسيس أول محفل فيها، ولتعريب الماسونية عبر أبنائها”.

من الدوافع التي جعلت الأمريكي مهتما بإقامة محفل للماسونية في دمشق، نجد أنه يؤمن بأن جميع أسرار وقيم العالم القديم موجودة في دمشق وهو ما أكده في بعض كتاباته.

لقي موريس استقبالا حارا من محمد رشيد باشا، والي العثمانيين على دمشق والذي “كان ماسونياً بدوره”، ما يقودنا إلى استنتاج أن دمشق كانت فيها الماسونية متجذرة قبل قدومه لكن لم يكن لديهم محفلا رسميا.

كان الأدباء والكتاب والمفكرين الذين يرفضون الإستعمار التركي ومن ثم الإستعمار الفرنسي ماسونيين، حيث يدافعون عن أفكار الماسونية التي تؤكد على أن الشعوب تستحق التحرر من الإستعمار وحارب رموزها العبودية ولم تعجب أفكارهم التحررية الكنيسة والحكومات التي ترفض التخلي عن تجارة الرق لأنها مربحة ومن جهة أخرى العبيد هم امتياز منحه الرب للأحرار.

من أجل تشغيل محفل دمشق الماسوني أرسل موريس طلبا للمحفل الأعظم الإنكليزي ووقع عليه الأميران محمد ومحيي الدين الجزائري، ابنا الثائر الجزائري الأمير عبد القادر ونائب القنصل الأمريكي في دمشق ناصيف مشاقة، ومحمد علي محاسن، أحد أعيان المسلمين العاملين في المحكمة العثمانية العليا

لماذا الهجوم على الماسونية في سوريا؟

وعلى الرغم من بروزها، واجهت الماسونية معارضة، وخاصة من الجماعات الدينية مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي اعتبرتها أعداء علمانيين.

وفي أعقاب استقلال سوريا في عام 1946، تراجعت شعبية الماسونية، وخاصة بعد حرب فلسطين (1948-1949)، مما دفع العديد من الأعضاء إلى إخفاء انتماءاتهم.

وحدثت آخر الأنشطة الماسونية المهمة حتى عام 1965 عندما تم حظر الماسونية رسميًا في سوريا، لكن المحافل أغلقت قبلها بسنوات.

اتهم الكتاب اليساريين الملحدين المتعصبين لعبد الناصر وكذلك الإسلاميين من الإخوان والسلفيين الماسونيين بأنهم خونة وأذناب اليهود والغرب في العالم العربي والإسلامي.

ومع تصاعد معاداة السامية واليهود في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بسبب الهزائم العربية المتتالية في حروبهم ضد إسرائيل وطرد الملايين من اليهود الموجودين في الدول العربية إلى إسرائيل نفسها تعرضت الماسونية للحرب وتم حظرها في الجزائر ودول أخرى حيث كانت موجودة وكافحت الإستعمار الغربي.

هل الماسونية الدمشقية متآمرة ضد سوريا؟

أما بخصوص الإتهامات التي يتم الترويج لها فقد أجاب الدكتور بالقول: “عليك أن تقرأ أكثر يا بني لكي تعرف الحقيقة”،

ويقول الكاتب: “بعد اثنين وعشرين عاماً من ذلك اللقاء، أحاول الإجابة عن بعض تلك الأسئلة في هذا الكتاب، المزود بالكثير من الوثائق والمستندات التي قمت بجمعها خلال السنوات الطويلة الماضية، بعضها مأخوذ من أرشيف المحافل العالمية نفسها، دون الدخول بأي استنتاجات، لا دفاعاً عن الماسون ولا تحقيراً لهم، لأننا في الحقيقة ما زلنا حتى اليوم لا نملك إلا نصف الحقيقة في هذا الموضوع، والنصف الآخر هو عبارة عن مجرد تكهنات”.

ويضيف في احدى صفحات الكتاب: “إنصافاً للتاريخ، لا ينبغي أن نحمّل الماسونية الدمشقية المحلية أكثر مما تتحمل دون معرفة الشرط التاريخي والظروف المحيطة بأعضائها، علماً أنها هي مَن خلعت السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1909″، دون أن يفرد معلومات أكثر عن هذا الحدث التاريخي.

لطالما استغرب المؤرخ سامي مروان من عدم رد الماسونية على ما ينسب إليها من شرور ومؤامرات، وسيكتشف في الأخير أن الماسونيين يرتقون فوق الشبهات من خلال تجنبها وأن الماسونية تعلم المنتسبين إليها التسامح والكرم والأخلاق التي تجعلهم في غنى عن الرد على أشخاص غارقون في الجهل، أو ربما لم يصلوا بعد إلى النضج الكافي لفهم العالم.

الفساد في الماسونية الدمشقية

في احدى مقالاته قال الماسوني وجيه بيضون، صاحب مطبعة ابن زيدون، عام 1937: أن “عدداً كبيراً من محافلها يعمل بنحو غير قانوني، والكثير من مدّعي الماسونية هم مرتزقة ونصابون، ولتستمر الماسونية عليها أن تتخلص منهم”.

بالطبع كانت الماسونية لا تصنع المشاهير والكتاب بل هم من يلجؤون إليها لأنها تجمعهم بالمفكرين والمؤثرين والسياسيين الذين لديهم نفس الأهداف ومنها أن يكونوا أشخاصا أفضل وأكثر فائدة للعالم.

لكن رغم ذلك تسلل إليها في سوريا والعالم العربي الكثير من الأشخاص الذين لا يحملون أفكارها، وكانوا يريدون استغلالها للوصول إلى مناسب سياسية رفيعة.

لكن محافل سوريا كانت علنية، ومرخصة ومسجلة في الدولة، وتدفع الضرائب وتعلن عن ميزانيتها حسب المؤرخ سامي مروان، وربما قصد وجيه بيضون في تلك المقالة المحافل السرية غير المرخصة.

أبرز الماسونيين السوريين

ويضيف المؤرخ: “لا تقل قائمة الماسونيين وقتذاك إبهاراً عن نظيرتها في لندن وواشنطن وباريس، فقبل مئة عام كانت الماسونية ذات شعبية كبيرة في سوريا، وضمت في صفوفها معظم الآباء المؤسسين للدولة السورية”.

ونجد أن 11 من رؤساء الوزارات السورية في عهد الانتداب والاستقلال كانوا من الماسونيين ومنهم جميل مردم بيك، فارس الخوري، عبد الرحمن الشهبندر، حقي العظم، فوزي سلو، أديب الشيشكلي، جميل الألشي، عطا الأيوبي، حسن الحكيم، سعيد الغزي، صبحي بركات، أحمد نامي، لطفي الحفار، بهيج الخطيب.

خلال 100 عاما من وجودها في سوريا انضم إليها الأدباء والتجار ورجال الأعمال والسياسيين، من المسلمين والدروز والبهائيين والمسيحيين.

وكان الماسونيين يفتخرون بذلك ويعلقون اللوحات والشواهد التي يحصلون عليها من المحفل الدمشقي أو غيره من المحافل الأخرى التي كانت منتشرة.

ويؤكد المؤرخ أن من دخل الماسونية دخلها لأنه من النخبة سواء بتجارته أو عمله أو منصبه السياسي أو كتاباته وليس العكس.

ضعف الماسونية الدمشقية

رغم أن الماسونية الدمشقية هي التي أعلنت استقلال سوريا مرتين، إلا أن نفوذها الحقيقي لم يكن عالميا وهو ما يؤكد أنهم ليسوا مرتبطين بحكومة الظل العالمية التي تتحدث عنها بعض نظريات المؤامرة.

ويتبين ذلك من عدم قدرة رئيس الحكومة السوري الماسوني جميل مردم بك، “في الحفاظ على لواء إسكندرون وعدم سلخه ليُضمّ إلى تركيا عام 1939، وإخفاقه مرة أخرى في الدفاع عن فلسطين في زمن حكومته الخامسة”.

كذلك يقول المؤرخ سامي مروان مبيض “الأمر ذاته ينسحب على عبد الرحمن الشهبندر، وزير الخارجية السوري الماسوني وعرّاب الثورة السورية الكبرى، الذي قضى اغتيالاً، وكذلك خسارة الماسوني حقي العظم رئيس الحكومة، لانتخابات الرئاسة مرتين متتاليتين”.

أيضا يقول: “الأمر ذاته ينسحب على عبد الرحمن الشهبندر، وزير الخارجية السوري الماسوني وعرّاب الثورة السورية الكبرى، الذي قضى اغتيالاً، وكذلك خسارة الماسوني حقي العظم رئيس الحكومة، لانتخابات الرئاسة مرتين متتاليتين”.

عانت الماسونية من حرب شرسة خصوصا بعد الانتداب البريطاني في فلسطين وظهور فكرة الدولة اليهودية في المنطقة، حيث يرفض العرب والمسلمين دولة للشعب الأصيل في المنطقة.

بعد أن أيقن الماسونيين أن الحرب الإعلامية تهدد سلامتهم وهم على علم بتاريخ الحزب المناهض للماسونية في الولايات المتحدة والذي حرض ضد الماسونيين وشجع على قتلهم وسجنهم، قرر هؤلاء حل محافلهم وانهاء العمل بها.

في النهاية صدر مرسوم موقع من قبل رئيس الجمهورية أمين الحافظ، عام 1965، يقضي بحظر الماسونية في البلد واغلاق كافة محافلها.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

تابعنا على فيسبوك 

تابعنا على اكس (تويتر سابقا)