نتابع هذه الأيام القمة السعودية الصينية وكذلك القمة العربية الصينية في الرياض في ظل انفتاح الدول العربية على القوى الصاعدة وعلى رأسها الصين وعدم رغبتهم في الإنحياز إلى أي طرف ضد آخر.
وبالطبع كانت هاتين القمتين فرصتين لتستعرض الرياض فيها أهميتها سواء للصين أو حتى بالنسبة للولايات المتحدة وللعالم وكيف أن الدول العربية غالبيتها تدعمها وهي بوابة العالم الإسلامي الواسع.
ويواجه مسلمي الأويغور فظائع جماعية إن لم تكن إبادة جماعية، على يد الحزب الشيوعي الصيني، ومع زيارة الرئيس شي جين بينغ للمملكة العربية السعودية هذا الأسبوع للقاء القادة العرب، فإن هذه الدول ذات الأغلبية المسلمة لديها فرصة للدفاع عن المسلمين المضطهدين ويحتاج إخوانهم المؤمنون في الصين إلى مساعدتهم.
تم توثيق إساءة معاملة الصين لمسلمي الأويغور بشكل جيد، ولكن لسوء الحظ التزمت معظم الدول ذات الأغلبية المسلمة الصمت.
وثقت أدلة لا جدال فيها من الأمم المتحدة حربًا ضد العقيدة الإسلامية لدى هذه الشريحة من المسلمين في الصين في أغسطس 2022، أصدر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (OHCHR) تقييماً لحقوق الإنسان في شينجيانغ.
في حين أنه لم يذهب إلى حد وصف الوضع بأنه “إبادة جماعية”، إلا أنه كان تقييمًا دامغًا لمعاملة الأويغور بسبب دينهم وعرقهم، وتوثيق الاعتقالات الجماعية، وحظر الصلاة، والاعتداءات الجنسية، والانفصال الأسري، وأشكال أخرى من الاضطهاد.
تظهر وثائق أخرى كشف عنها نشطاء كيف دفع شي السياسات لتدمير الإسلام في ولاية شينجيانغ الغربية، حيث يعيش 12 مليون من الأويغور المسلمين.
في حملة التدمير هذه تدفع الحكومة مئات الآلاف إلى معسكرات “إعادة التأهيل”، العائلات تتفكك، وادعاءات التعذيب والاغتصاب شائعة، بالإضافة إلى ذلك عانى البوذيون التبتيون والمسيحيون وغيرهم بشدة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الحقائق، فقد تحدث عدد قليل جدًا من الحكومات الإسلامية، يجادل النشطاء بأنهم تخلوا عن الأويغور.
شعر الكثيرون بخيبة أمل بسبب عدم قدرة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على الموافقة على مناقشة بسيطة حول تقرير الأمم المتحدة عن اضطهاد الأويغور في الصين.
جاءت النتيجة عندما لم تصوت أمة ذات أغلبية مسلمة لصالحها، صوتت كل من إندونيسيا وكازاخستان وموريتانيا وباكستان والسودان والإمارات العربية المتحدة وأوزبكستان بـ “لا”، تغييران فقط كانا سيحدثان فرقًا.
في المقابل، شجبت الدول الإسلامية بحق اضطهاد بورما لمسلمي الروهينجا والسياسات التمييزية في أوروبا وأمريكا الشمالية، لكن في مواجهة الإبادة الجماعية المعاصرة في الصين فهم صامتون تجاه سياسات بكين.
والجدير بالذكر أن الصمت بدلاً من الدعوة لا يقتصر على العالم الإسلامي، كما تخضع العديد من الحكومات غير الإسلامية لترهيب الصين ودبلوماسية الدولار، امتنعت ديمقراطيات مثل الأرجنتين والبرازيل والهند عن التصويت على تقرير الأويغور في مجلس حقوق الإنسان، ومنعت المجر انتقاد الاتحاد الأوروبي للصين.
ومع ذلك تتخذ الولايات المتحدة وكندا والعديد من الدول الأوروبية خطوات ضد الصين، بما فيها التحدث علانية وفك الارتباط اقتصاديًا وتقنيًا بسبب الإبادة الجماعية وقمع الحقوق، لا يمكن أن تكون هذه معركة الغرب وحده.
الدول الإسلامية التي تتحدث علانية من شأنها أن تحدث فرقا، تخشى الصين خسارة العالم العربي وهو ما يمنح الدول العربية ورقة ضغط قوية ضد الصين.
في أكتوبر وصف وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، المملكة العربية السعودية بأنها “أولوية” في استراتيجيتها الدبلوماسية الإقليمية، وحقيقة أن المملكة العربية السعودية هي أكبر مصدر للنفط إلى الصين هي سبب مهم، وبالتالي فإن القادة الذين اجتمعوا مع شي في المملكة العربية السعودية لديهم نفوذ وربما أكثر مما يدركون.
إن انضمام الدول الإسلامية ككتلة مع الانتقادات الغربية من شأنه أن يصدم بكين، من المحتمل أن يتسبب ذلك في تغيير الصين لمسارها والسماح لمسلمي الأويغور بالعيش بسلام.
الصين تستجيب للقوة وهناك قوة في العدد، ما ينقص هو صوت الحكومات التي تمثل الدول ذات الأغلبية المسلمة، نحن نعلم أن انتقاد الغرب وحده لا يجدي نفعا.
يواجه مسلمو الأويغور التعذيب وسوء المعاملة وحتى الموت، يمثل الوضع المزري في الصين فرصة للدول ذات الأغلبية المسلمة لإظهار التزامها تجاه إخوانها في الدين والكرامة الإنسانية الأساسية.
لكن للأسف تفضل حكومات الدول العربية تجاهل القضية باعتبارها شأنا داخليا صينيا، في المقابل تلتزم الصين أيضا بعدم التدخل في الشؤون العربية، غير أن حقيقة مشاركتها في تشييد سد النهضة الذي يهدد مصر ودعمها لإيران التي تهدد دول الخليج العربي وغموض موقفها من الصحراء المغربية قد يجعل الشراكة القوية معها على المدى الطويل محل شك.
إقرأ أيضا:
الإسلام مرض عقلي تحاربه الصين بقيادة شي جين بينغ
افلاس آلاف المستشفيات الصينية الخاصة بسبب كورونا
ما هي دروس الرعاية الصحية الكبيرة من وباء كورونا؟
مجاعة شنغهاي في الصين بسبب فيروس كورونا
ثمن وباء كورونا الذي ستدفعه: بريطانيا نموذجا
أسباب افلاس سريلانكا ودور أزمة كورونا
ارتفاع الإصابات لا يعني فشل لقاح كورونا