في إسرائيل يعتقد اليهود المتدينين أن أنشطة الإستيطان ستسرع من قدوم المسيح وهم لا يعترفون بالمسيح عيسى، وفي العالم الإسلامي يؤمن المسلمين بأن الله سيساعدهم في إبادة اليهود، ولا ننسى الصراع الشيعي السني المستمر منذ الحروب الأهلية الإسلامية.
ولطالما استخدمت السلطات الدين في العالم الإسلامي والمنطقة من أجل الحفاظ على شرعيتها، واستخدام رجال الدين لحث الناس على القبول بظلم وجور الحكام واستبدادهم.
من خلال الإعتماد على منظار الدين في السياسة، تصبح الأمور والقضايا أعقد، ولا يمكن لأي طرف التراجع عن موقفه ما يؤدي في النهاية إلى الإصطدام، وهو ما يحصل حاليا مع بدء حماس هجوم واسع ضد اسرائيل وبشكل مفاجئ.
الشرق الأوسط هو موطن لثلاثة ديانات رئيسية على الأقل، وعشرات المذاهب والمدارس الدينية وحتى الديانات القديمة التي لا يزال لها أتباع، ولذلك لا بد من وجود ما يصاحب ذلك من تعايش سلمي بين جميع الأديان في المنطقة، ومعالجة المشاكل السياسية بشكل قانوني وبعيدا عن الأبعاد الدينية.
هناك نموذجان محتملان للعلمانية، في الحالة الأولى، هناك فصل كامل بين الدين والدولة إلى الحد الذي يوجد فيه “جدار لا يمكن اختراقه” بين الدين والمجالات العلمانية، في مثل هذا النموذج، لا يوجد تدخل للدولة في الشؤون الدينية، والعكس صحيح.
وفي النموذج الآخر، يجب أن تعامل الدولة جميع الأديان على قدم المساواة، بمعنى آخر، الدولة على مسافة متساوية من جميع الأديان، ويُشار إلى هذا النموذج أيضًا على أنه “غير تمييزي” ويرتبط بشكل خاص بالمجتمعات المتعددة الأديان.
وعلى النقيض من النموذج الأول، يسمح الأخير بتدخل الدولة لأسباب تتعلق بالنظام العام والعدالة الاجتماعية، تبنت الهند على سبيل المثال الشكل اللاحق للعلمانية.
إن مبدأ “العلمانية” كما هو مفهوم في الولايات المتحدة يعني أن الدولة والكنيسة تتعايشان في نفس المجتمع الإنساني دون الحاجة إلى فعل أي شيء مع بعضهما البعض.
في أوروبا، تطورت رؤية العلمانية باعتبارها إنكارًا لكل ما هو ديني، وخاصة في العمل السياسي، حيث يتم صباغة القوانين بناء على الوعي الجمعي وتتطور بما يخدم الجميع، وتحترم حرية المعتقد للجميع.
العلمانية لا تعني أن الدولة معادية للدين، والدولة ليست منحازة لأي دين، وهذا يساعد في الحفاظ على التعايش بين مختلف الطوائف الدينية.
ومع ذلك، إذا أصبح الدين يشكل تهديدًا للسلام والوئام في الأمة، يجوز للدولة التدخل في الشؤون الدينية والتصرف كجهة إصلاحية.
وبالمثل، قد يحمي القانون ويحافظ على بعض مبادئ الدين مثل الإنسانية والعمل الجماعي والوئام وما إلى ذلك. المجتمع هو الأرضية المشتركة لكل من الدين والدولة، ومن أجل التنمية المنظمة للمجتمع يجب تحقيق التوازن بين القيم التي يحافظ عليها الدين وتلك التي تحافظ عليها الدولة.
في ظل الدولة العلمانية لا توجد طائفة أو مذهب معين أو جهة دينية هي المفضلة من الحكومة ويتم تمويلها ودعمها على الأطراف الأخرى، ومن جهة أخرى تعتمد الدولة على القوانين المدنية والمجتمعية المتفق عليها.
من جهة أخرى فإن السياسات الخارجية في ظل العلمانية تخدم مصلحة الأمن القومي والدولة ومصالح الأمن الإقليمي وتكون العلاقات على أساس الإحترام وليس بناء على نصوص دينية تحث على الغزو العسكري وابادة المخالفين دينيا.
في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، هناك الكثير من القواسم المشتركة بين العلمانيين الإسرائيليين والعلمانيين الفلسطينيين، تماماً كما يوجد الكثير من القواسم المشتركة بين الإسرائيليين والفلسطينيين المتشددين.
الطرف الأول يشجع على التفاهم والتعايش وبناء دولتين ديمقراطيتين متفاهمتين، والطرف الثاني متطرف يدعو إلى اقصاء الآخر والقضاء عليه بشكل نهائي.
والمشكلة هو أنه في ظل حكم نتانياهو وسيطرة حماس على غزة وضعف الضفة الغربية، يبدو الطرف الثاني في موضع أقوى حاليا، حيث لغة الإقصاء لا تزال تسيطر على النقاشات والأفعال.
إقرأ أيضا:
طوفان الأقصى: ضربة إيرانية لجهود السعودية والإمارات
خرافة عودة المسيح وقدوم عيسى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
أهداف الولايات المتحدة من مشروع الممر الإقتصادي الجديد
شعب غزة يؤيد التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية
تفاصيل مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل المسربة
أهمية اعتراف دولة إسرائيل بمغربية الصحراء وتأثيره الدولي