في تصعيد غير متوقع للحرب التجارية بين كندا والولايات المتحدة، ظهر اقتراح قد يكون بمثابة “السلاح النووي” في الصراع الاقتصادي بين البلدين.
الفكرة جاءت من الكوميدي الكندي ماثيو بوزيتسكي، الذي اقترح فرض حظر على وصول الأمريكيين إلى موقع “بورن هاب”، أشهر منصة إباحية في العالم، والمملوك لشركة كندية مقرها مونتريال.
قد يبدو الاقتراح ساخرًا، لكنه يسلط الضوء على نقطة ضعف غير متوقعة لدى الأمريكيين، حيث تحظى المنصة بشعبية هائلة في الولايات المتحدة.
فهل يمكن لكندا بالفعل استخدام هذا السلاح غير التقليدي للضغط على واشنطن في المفاوضات التجارية؟ وكيف يمكن أن يؤثر هذا القرار على العلاقة بين البلدين؟
كيف تحول موقع إباحي إلى ورقة ضغط اقتصادية؟
في عالم السياسة والاقتصاد، غالبًا ما تكون أدوات الضغط التجاري محصورة في التعريفات الجمركية والعقوبات الاقتصادية، لكن اقتراح استخدام موقع إباحي شهير مثل “بورن هاب” كورقة ضغط يفتح بابًا جديدًا في الحرب التجارية.
بورن هاب ليس مجرد منصة عادية، بل هو أحد أكثر المواقع زيارة في العالم، ويتم تشغيله من قبل شركة “ميند جيك” الكندية، ما يمنح أوتاوا سلطة غير مباشرة على واحدة من أكثر الصناعات استهلاكًا في الولايات المتحدة.
وفقًا للإحصائيات، فإن نسبة كبيرة من زوار “بورن هاب” هم من الأمريكيين، مما يعني أن حجب المنصة عنهم قد يؤدي إلى استياء شريحة واسعة من الجمهور، وربما يخلق ضغطًا داخليًا على صناع القرار في واشنطن.
رغم أن الاقتراح جاء من كوميدي وليس مسؤولًا حكوميًا، إلا أن الفكرة تطرح تساؤلات مهمة حول قدرة الدول على استخدام المنصات الرقمية كأدوات ضغط اقتصادية، خاصة في عصر تهيمن فيه التكنولوجيا على حياة الأفراد.
هذا التحول غير التقليدي في أدوات الحرب التجارية قد يكون مجرد فكرة ساخرة اليوم، لكنه يفتح باب النقاش حول تأثير السيطرة الرقمية في العلاقات الدولية، فهل نشهد مستقبلًا صراعات تجارية تعتمد على النفوذ التكنولوجي بدلًا من الضرائب والرسوم الجمركية؟
لماذا يشكل حجب “بورن هاب” تهديدًا حقيقيًا؟
تُظهر الإحصائيات أن الولايات المتحدة هي أكبر سوق لموقع “بورن هاب”، حيث يأتي منها العدد الأكبر من الزوار يوميًا، نتحدث عن أكثر من 3 مليون زائر شهريا.
يعني ذلك أن ملايين الأمريكيين يعتمدون على المنصة كمصدر رئيسي للترفيه الجنسي، مما يجعل أي حظر عليها مؤثرًا للغاية.
بالنظر إلى مدى انتشار استهلاك المحتوى الإباحي في المجتمع الأمريكي، فإن قطع الوصول إلى “بورن هاب” يمكن أن يثير استياءً عامًا بين المستخدمين، وربما يؤدي إلى ضغوط شعبية على الحكومة لاتخاذ إجراءات ضد كندا في المقابل.
تعد صناعة الإباحية جزءًا ضخمًا من الاقتصاد الرقمي، و”بورن هاب” من أكثر المواقع تحقيقًا للأرباح من الإعلانات والاشتراكات.
أي اضطراب في تدفق المستخدمين الأمريكيين قد يؤثر على أرباح الشركات الإعلانية والمتاجر الرقمية المرتبطة بها، مما يخلق أزمة اقتصادية مصغرة في هذا القطاع.
إذا تم تنفيذ هذا الاقتراح، فسيكون أول استخدام لمنصة ترفيه رقمي كسلاح اقتصادي في صراع تجاري بين دولتين، وهذا يفتح الباب أمام احتمالات تصعيد الحروب التجارية إلى المجال الرقمي، حيث يمكن أن تبدأ الدول في استخدام نفوذها على المنصات الشهيرة لفرض ضغوط سياسية واقتصادية.
هل يمكن لكندا تنفيذ هذا التهديد فعلًا؟
قال الكوميدي الكندي لنيويورك بوست: “لو استطاعت كندا حظر بورن هب في الولايات المتحدة، لفزنا في الحرب التجارية. هذا كل شيء، لا حرب تجارية”.
أُطلقت عريضة منذ ذلك الحين تحث السلطات الكندية على حظر موقع بورن هب، كرد فعل “سلمي وقوي” على النزاع التجاري، إلا أن العريضة لم ترتقِ إلى مستوى الحدث بعد، حيث جمعت بضع عشرات من التوقيعات حتى الآن.
وقال مارك أوليمبو، من تورنتو، إن الكنديين يتوقعون أن يتغير هذا الوضع، لأن مواطنيه متحمسون جدًا للحرب التجارية.
في هذه الأثناء، شعر سكان نيويورك بالفزع من احتمال فقدان موقع بورن هب، الذي تملكه مجموعة أيلو الترفيهية، ومقرها مونتريال، والتي تمتلك اثني عشر موقعًا شهيرًا للمحتوى الإباحي.
موقع “بورن هاب” مملوك لشركة كندية مقرها مونتريال وبما أن الشركة تخضع للقوانين الكندية، فإنه من الناحية النظرية، يمكن للحكومة الكندية إجبار الشركة على فرض حظر جغرافي على المستخدمين الأمريكيين، كما تفعل بعض الدول مع منصات أخرى مثل تيك توك أو نتفليكس وفقًا للقوانين المحلية.