أسوأ شيء يمكن أن تقوم به هو اقتراض النقود لتستثمرها في البورصة، إنها مخاطرة كبيرة تصل إلى درجة الحماقة، لأنه لا تعرض نفسك للخسارة فحسب بل أيضا للديون التي ستدمر حياتك وتحولك من شخص يعمل لحسابه الخاص إلى شخص يعمل لتسديد الديون المتراكمة عليه.
في ظل رالي دونالد ترامب المستمر منذ فوزه في الإنتخابات الأمريكية العام الماضي، أقدم المستثمرون في الشركات المدرجة ببورصة نيويورك على اقتراض السيولة المالية التي يستخدمونها في شراء الأسهم والاستثمار بالشركات، والأسوأ أن وثيرة هذا السلوك وصلت إلى مستويات مجنونة فعلا، شهدها العالم قبيل أزمة 2008 وتتكرر مجددا.
التاريخ يعيد نفسه والأخطاء نفسها تتكرر مجددا، والقطيع لم يتعلم ابدا الدروس السابقة، وفي ظل توقعاتي بانهيار أسواق المال العالمية خلال الفترة المقبلة، فإن هذه المشكلة تخدم هذا الإتجاه وتجعل الإنهيار مجرد مسألة وقت فقط.
أحدث البيانات الصادرة من بورصة نيويورك تؤكد وصول الأموال المقترضة إلى مستويات قياسية خطيرة، وهذا منذ بداية العالم الحالي.
فقد عمل المستثمرين خلال شهر يناير على اقتراض 513.3 مليار دولار والتي استثمروها بالفعل في شراء الأسهم وهو ما يوضح لنا الإرتفاع الجنوني للأسهم وتحطيم الأرقام القياسية بداية هذا العام.
ولم يختلف شهر فبراير حيث وصلت الأموال المقترضة إلى مستوى أكبر ونتحدث عن 528.2 مليار دولار تم اقتراضها خلال 28 يوما.
ونتحدث عن أكثر من تريليون دولار من الديون تم ضخها في البورصة من خلال شراء الأسهم وأيضا الإستثمار في العملات، وهي مربحة خلال الفترة الأخيرة.
وتأتي هذه البيانات لتؤكد مرة أخرى أن ما يحدث في اسواق المال على مدار الأشهر الماضية هي صناعة للفقاعات، وأن الاستثمار لدى الغالبية من المتداولين مبني على البحث عن الربح والشراء في هذه الأوقات دون فهم واضح لمشاكل وتحديات الشركات والعملات التي يستثمرون فيها.
ويعد التفاؤل بسياسات دونالد ترامب أكبر دافع للمستثمرين لضخ الأموال حاليا في الشركات، خصوصا وأنه ينتظر أن تستفيد جيدا من تخفيض الضرائب والتسهيلات التشريعية المنتظرة وتوفير فرص العمل وتعزيز قدرتها على المنافسة، ما سيعود على المستثمرين بعائدات كبيرة.
وفي حالة فشل الرئيس الأمريكي في تحقيق وعوده فإن الطامة الكبرى ستحدث وهي حركة بيع ضخمة مدفوعة بالتشاؤم وخيبة الأمل التي ستصيب هؤلاء.
-
اقتراض مدفوع بالتفاؤل وغير واقعي
يرى المستثمرين القطيع بالوقت الحالي أن شراء الأسهم بكثافة هي السياسة الأنجح، خصوصا وأن قيم المؤشرات والأسهم في تصاعد فكلما اشتريت مبكرا الأسهم كلما كان هامش الربحية والعائدات أكبر.
وبحكم التفاؤل بسياسات الرئيس الجديد يعتقدون أن هذه الموجة ستستمر وهي التي تواجه منذ مارس المنصرم تباطؤا وتراجعا أيضا خصوصا وأن هناك حركة بيع معاكسة جيدة في ظل تشاؤم الدببة وتخوفهم من الإنهيار الذي أصبح حديث الخبراء المتفقين على أننا في القمة ولا مجال لقمم أخرى، على عكس التيار الآخر الذي يرى أن مؤشر داو جونز الصناعي سيصل إلى 30000 نقطة خلال الأشهر القادمة، بينما هذا المؤشر الذي اقترب من 22000 نقطة تراجع خلال الأسابيع الأخيرة إلى 20600 نقطة على الأقل، ويمكن أن تكون هذه هي بداية السقوط من القمة التاريخية لهذا المؤشر.
التعليقات مغلقة.