يعتبر كثيرون تعويم العملة خبرا سيئا، مع العلم أن معظم الدول المتقدمة لديها عملات تم تعويمها منذ زمن، حتى تركيا التي يطبل الكثير لها عومت الليرة بالتعاون مع صندوق النقد الدولي في بداية الألفية الحالية.
يتحدث الناس عن أضرار تعويم العملة ويتجاهلون الفوائد والمكاسب من وراء ذلك، والتعويم هنا نقصد به فصل العملة المحلية عن الدولار الأمريكي المنفصل عن الذهب منذ أغسطس 1971.
منذ زمن انفصلت العملات النقدية عن الذهب، وارتبطت أغلبها بالدولار وبعضها مع اليورو، لذا يستهدف التعويم فك الإرتباط بهذه العملات النقدية.
ما هو معنى تعويم العملة:
تعويم العملة هو جعل سعر صرف هذه العملة محرراً بالكامل، بحيث لا تتدخل الحكومة أو البنك المركزي في تحديده بشكل مباشر.
تتقلب أسعار صرف العملات العائمة باستمرار مع كل تغيير في العرض والطلب على العملات الأجنبية، ويمكن أن تتغير عدة مرات في اليوم.
هناك عوامل تؤثر في أسعار الصرف بهذه الحالة وهي العرض والطلب وسعر الفائدة والسياسات النقدية للبلاد، بعد أن كان قبل التعويم يؤثر به سعر الفائدة والسياسة النقدية للبلاد وتحركات الدولار أو العملة المرتبطة به.
ما هو التعويم الخالص:
تحديد سعر الصرف متروك لقوى السوق وآلية العرض والطلب بالكامل، وتمتنع الدولة عن أي تدخل مباشر أو غير مباشر لإدارة العملة النقدية.
هذا النوع من التعويم هو الذي أدى إلى ظهور الفوركس أو سوق تبادل العملات النقدية والذي يشهد مليارات التعاملات يوميا ويؤثر على التجارة والسياحة والسفر.
ما هو التعويم الموجه:
يُترك تحديد سعر الصرف لقوى السوق وآلية العرض والطلب، ولكن تتدخل الدولة (من خلال بنكها المركزي) حسب الحاجة لتوجيه أسعار الصرف في اتجاهات معينة من خلال التأثير على حجم العرض أو الطلب للعملات الأجنبية.
تفضل العديد من الدول هذا النهج لأنه يسمح لها بالتدخل ومنع أي انزلاق خطير، بينما تستخدمه عدد من الحكومات كسياسة أولية قبل اعتماد التعويم الخالص.
فوائد التعويم والمدافعون عنه:
شكل التعويم أساس الفوركس والتجارة الدولية للعملات والتي تعد من أكبر المجالات التجارية المربحة في العالم ويعمل بها الكثير من المتداولين والمضاربين أيضا.
من جهة أخرى فإن تعويم العملة يساعد في القضاء على السوق السوداء ويكون هناك سعرا موحدا للعملة في البلاد مقابل الدولار وبقية العملات النقدية.
بالنسبة للدول النامية ساعدها التعويم على زيادة صادراتها وزيادة الإحتياطي النقدي، ونجاح منتجاتها وصادراتها في التنافسية الدولية.
المدافعون عن تحرير أسعار الصرف يؤكدون أن هذه السياسة ستجعل العملات تعكس الأساسيات الاقتصادية للبلدان المختلفة (النمو، الميزان التجاري، التضخم، أسعار الفائدة)، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى لإعادة التوازن في العلاقات التجارية والحسابات والمعاملات الجارية بشكل آلي ومستمر.
يقول هؤلاء أن تحرير جميع الأسعار بما فيها أسعار السلع والخدمات، وأسعار الفائدة، وأسعار العمالة (الأجور)، وأسعار الصرف الأجنبي (أسعار الصرف) وترك تصميمهم للأسواق دون أي تدخل أو اتجاه من الدولة يضمن الوصول دائمًا إلى حالة توازن حقيقي، كما أنه أساس الشفافية والمصداقية.
ويؤمن هؤلاء بكفاءة الأسواق، على الرغم من حقيقة أن الواقع الإقتصادي أثبت أكثر من مرة أن الأسواق في ظل غياب الرقابة يمكن أن تشهد الفوضى والمخالفات (أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة كنموذج).
ومن جهة أخرى فإن تحرير أسعار الصرف سيساعد الصادرات على الإنتعاش وسيزيد من الطلب على المنتجات المحلية في الأسواق الدولية.
رحب مؤيدو التعويم بشدة باعتماد أنظمة سعر الصرف العائم من قبل الإقتصادات الرئيسية في العالم، بعد انهيار اتفاقية بريتون وودز في السبعينيات، والتي كانت قد أنشأت سابقًا نظامًا نقديًا دوليًا قائمًا على أساس ثابت، أسعار الصرف بين العملات.
سياق تبني تعويم العملة:
انهار نظام بريتون وودز في أغسطس عام 1971 بعد أن تراجعت الولايات المتحدة رسميًا عن التزامها بتحويل جميع الدولارات المتداولة في العالم إلى ذهب، وفقًا للسعر الذي حددته الاتفاقية في عام 1944 (كل 35 دولارًا يعادل أونصة من الذهب).
تدهورت قيمة الدولار مقابل الذهب، ولم تعد العملة الخضراء مدعومة بالذهب وخاضعة حصريًا لحسابات السياسة النقدية الأمريكية دون أي اعتبار لمصالح بقية العالم وأصبح معيارًا دوليًا يثق به الجميع.
كما أصبح الحفاظ على سعر صرف ثابت مقابل الدولار أمرًا صعبًا للغاية للحكومات التي يجب أن توجه احتياطاتها ونقودها إلى أمور أكثر فائدة من مجرد تضييع المليارات في إبقاء سعر الصرف ثابتا عند نقطة محددة.
لذا بدأت الكثير من الحكومات في تبني أنظمة الصرف العائمة حيث تترك حرية تحديد قيمة العملات الأجنبية للسوق بناءً على قانون العرض والطلب.
أضرار تعويم العملة:
لقد عرفت الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بالإضافة إلى العديد من الدول النامية، عجزًا تجاريًا هيكليًا لعدة عقود. من ناحية أخرى، تشهد الصين وألمانيا واليابان والدول المصدرة للنفط فائضًا تجاريًا هيكليًا.
الدول المستفيدة من هذا الوضع هي تلك التي تصدر كثيرا وتعتمد على الصناعات التصديرية، مثل الصين وألمانيا واليابان وفيتنام.
بالنسبة للمواطنين في الدول النامية التي تبنت تعويم العملة فقد عانوا في بداية العملية من التضخم المتسارع، ثم مع تزايد الصادرات أصبحت تلك العملات مستقرة وأسعار صرفها ذات مصداقية أعلى.
إقرأ أيضا:
تعويم العملة أو سعر الصرف المرن هو المصير المشترك
صدمة نيكسون ونهاية عصر العملات المقومة بالذهب وحلول زمن التعويم
كيف يمكن حماية المال عند انهيار العملة المحلية؟
خطة تجنب خسائر تعويم الجنيه المصري دون الإضرار بالشركات والموظفين
طريق الجنيه المصري إلى سعر الصرف الحر
5 مشاكل يجب على البنك المركزي المصري حلها قبل 2025
ايجابيات وسلبيات تحرير سعر الصرف
مفهوم التعويم وأنواعه وفوائده وأضرار سعر الصرف المرن