البيانات الضخمة هي بديل النفط في السعودية

البيانات الضخمة هي بديل النفط في السعودية

قبل عقد من الزمن كانت شركات النفط هي التي تتصدر العالم على مستوى القيمة السوقية تتزاحم مع البنوك والمؤسسات المالية العالمية، لكن الوضع حاليا اختلف فقد تصدرت شركات البيانات الضخمة هذا المشهد.

عندما نتحدث عن شركات البيانات الضخمة نتحدث عن الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا والتي تجمع الكثير من البيانات عن المستخدمين، ونتحدث اليوم عن فيس بوك وجوجل وآبل ومايكروسوفت وأمازون ونتفليكس وعلي بابا.

كل تلك الشركات تستخدم تلك البيانات والمعلومات لتحسين منتجاتها وتقديم الخدمات المطلوبة والإحتفاظ بالعملاء والمستخدمين طيلة الوقت.

لا تزال شركات النفط والطاقة مهمة للغاية اليوم ولا تزال أرامكو تتصدر الشركات ذات القيمة السوقية الأكبر في العالم، لكن تدرك القيادة السعودية أنه لكي يكون لها وجود مهم في المستقبل يجب أن تستثمر في البيانات الضخمة وتستفيد منها.

ما هي البيانات الضخمة؟

البيانات الضخمة هي مجموعة من البيانات التي تتوفر بحجم ضخم نظرا لكثرتها وتفصيلها الدقيق، لكنها تنمو بشكل كبير بمرور الوقت.

إنها بيانات ذات حجم وتعقيد كبير جدًا بحيث لا يمكن لأي من أدوات إدارة البيانات التقليدية تخزينها أو معالجتها بكفاءة.

تولد بورصة نيويورك حوالي تيرابايت واحد من بيانات التجارة الجديدة يوميًا، فيما تُظهر الإحصائيات أن أكثر من 500 تيرابايت من البيانات الجديدة يتم استيعابها في قواعد بيانات موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك كل يوم، ويتم إنشاء هذه البيانات بشكل أساسي من حيث تحميل الصور والفيديو وتبادل الرسائل ووضع التعليقات وما إلى ذلك.

ويمكن لمحرك نفاث واحد أن يولد أكثر من 10 تيرابايت من البيانات في 30 دقيقة من زمن الرحلة، مع وجود آلاف الرحلات الجوية يوميًا يصل توليد بيانات ضخمة باستمرار.

يمكنك أن تلاحظ أن البيانات الضخمة ليست خاصة بشركات التكنولوجيا والإنترنت فحسب، لكنها موجودة في كافة المجالات ويمكن الإستفادة منها.

واقع البيانات الضخمة في السعودية:

ارتفع حجم سوق البيانات الضخمة في المملكة العربية السعودية من 0.92 مليار دولار أمريكي في عام 2013 إلى 0.85 مليار دولار أمريكي في عام 2018، بمعدل نمو سنوي مركب يقدر بـ 32.4٪.

تعد الزيادة السريعة في رقمنة وأتمتة الأنشطة التجارية أحد العوامل الرئيسية التي تدفع سوق البيانات الضخمة في المملكة العربية السعودية.

البيانات الضخمة هي مصطلح يستخدم لوصف عملية جمع وتنظيم وتحليل مجموعات كبيرة من البيانات الضخمة لاكتشاف الأنماط المخفية والارتباطات غير المعروفة والمعلومات المفيدة الأخرى.

تساعدك البيانات الضخمة على فهم المعلومات الواردة في البيانات، وتساعد على تحديد البيانات الأكثر أهمية لقرارات الأعمال التجارية المستقبلية.

لا يزال سوق البيانات الضخمة في المملكة العربية السعودية في مرحلته الأولى حيث أدركت المؤسسات حقيقة أن تحليلات البيانات الضخمة تدعم الاستخدام الأفضل للبيانات لاتخاذ قرارات تجارية فعالة، علاوة على ذلك، تطالب الخروقات المتزايدة للبيانات أيضًا بأمن المعلومات الهامة بالإضافة إلى تعظيم أداء الأنظمة الأخرى.

للتغلب على الخروقات الأمنية، يعقد القطاعان العام والخاص برامج لزيادة الوعي بمزايا استخدام حلول البيانات الضخمة. علاوة على ذلك يتم تنفيذ الاستثمار المستمر لتوليد الوعي حول تقنيات البيانات الضخمة للحصول على رؤى أفضل للأعمال.

اتجهت شركات مثل IBM و HP و Dell و Oracle و Teradata وجوجل وأمازون وعلي بابا لتقديم الخدمات السحابية وتخزين البيانات الضخمة ومعالجتها في السوق السعودية خلال السنوات الأخيرة.

ويبدو واضحا أن هناك نموا كبيرا في الإنفتاح على البيانات الضخمة في السعودية، حيث اتجهت شركة أرامكو وعدد من الشركات الأخرى الفاعلة في مجال الطاقة إلى استخدام البيانات الضخمة من أجل تحسين الإنتاج وجودة المنتجات واتخاذ القرارات الأفضل لزيادة هامش الربح وتلبية الطلبات وتسريع تلبية الطلب.

كيف ينظر أصحاب الشركات وصناع القرار في السعودية إلى البيانات الضخمة؟

أصدرت شركة EMC نتائج استطلاع سأل 976 من صانعي القرار في مجال تقنية المعلومات في المملكة العربية السعودية عن وجهة نظرهم حول التحديات والفرص التي يمكن أن تقدمها البيانات الضخمة وتحويل تكنولوجيا المعلومات والمهارات ذات الصلة لشركاتهم.

أدت البيانات الضخمة إلى تحسن ملحوظ في عملية صنع القرار ولها بالفعل تأثير كبير على التمايز التنافسي للشركات وقدرتها على تجنب المخاطر.

أفاد 88٪ من المشاركين في المملكة العربية السعودية أنه يمكن تحسين القرارات في مؤسساتهم من خلال استخدام أفضل للبيانات، ووافق 72٪ على أن فرقهم العليا تثق في رؤى البيانات الضخمة لاتخاذ قرارات تجارية تحويلية حقًا.

حقق 57٪ ميزة تنافسية نتيجة لتقنية تحليلات البيانات الضخمة ويعتقد 70٪ أن الصناعات التي تنجح ستكون هي نفسها التي تستخدم مثل هذه الأدوات.

يوافق 73٪ من المشاركين على أن تقنية البيانات الضخمة ستثبت أنها حيوية في تحديد الهجمات الإلكترونية والحماية منها وهو ما قد يكون حاسمًا لأن 72٪ فقط من المشاركين في المملكة العربية السعودية واثقون من قدرتهم على استرداد جميع بياناتهم بالكامل إذا احتاجوا إليها.

ورغم ذلك فقد وجد الإستطلاع أن 22٪ من الشركات التي شملها الاستطلاع ليس لديها خطط حالية لتطبيق تقنية البيانات الضخمة.

في حين أن الميزانية (54٪) كانت العامل الأكثر أهمية لاتخاذ قرارات الأعمال بشكل عام، فإن السبب الأكثر شيوعًا الذي تم الاستشهاد به كمثبط لاعتماد البيانات الضخمة لم يكن حالة عمل واضحة أو عائد استثمار (48٪).

أفاد 86٪ أن أعمالهم ترى أن الإستثمار في التكنولوجيا وسيلة استراتيجية لتحقيق أهدافها، يعتقد 81٪ أن امتلاك مهارات تواكب ابتكار تكنولوجيا المعلومات سيكون تحديًا خلال السنوات الثلاث المقبلة.

يعتقد حوالي 74٪ من المشاركين في المملكة العربية السعودية أن مؤسساتهم لديها المستوى الصحيح من المهارات والمعرفة لإكمال أولويات العمل بنجاح.

يتفق 81٪ من المشاركين في المملكة العربية السعودية على أن أكبر عائق أمام التعامل مع أولويات العمل هي الثقافة.

البيانات الضخمة ورؤية 2030 وبديل النفط:

تسعى القيادة السعودية من خلال رؤية 2030 إلى الإسراع نحو تنويع مصادر الدخل للملكة وتعزيز القطاع الخاص والإنتقال من اقتصاد نفطي إلى اقتصاد تكنولوجي معلوماتي متنوع.

الصناعة والطاقة النظيفة والسياحة والتكنولوجيا والخدمات هي من أهم المجالات التي تحرص المملكة حاليا على تنميتها والتفوق إقليميا وعالميا فيها.

توفر البيانات الضخمة حاليا مئات الوظائف في السعودية تقودها عادة الشركات العالمية التي بدأت تدخل السوق السعودية وتتوسع فيها، في المقابل تتزايد شركات تحليل البيانات الضخمة وتقديم خدمات التتبع وجمعها الناشئة السعودية في الظهور وتحظى بالمزيد من الاهتمام الإعلامي والإستثمارات من الداخل والخارج.

ما يحدث حاليا هو تحول جوهري ومهم في المملكة، حيث انتهى عصر الإعتماد على الذهب الأسود والقطاع العام، وحان وقت الإستفادة من إمكانيات التكنولوجيا لتطوير السياحة والخدمات والإبتكار وجعل القطاع الخاص فاعلا ومهما وقادرا على خلق الكثير من فرص العمل للشباب السعودي.

وستساعد البيانات الضخمة على تطوير تنظيم الحج وتأمينه وزيادة العائدات منه، إضافة إلى تطوير التعليم المحلي وتحسين الخدمات المحلية التي تقدمها الدولة للمواطنين، إضافة إلى مكافحة الإرهاب والهجرة السرية والجرائم.

في العام الماضي احتفلت الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA) بإطلاق هوية علامتها التجارية في عاصمة المملكة الرياض تحت شعار “البيانات هي نفط القرن الحادي والعشرين”.

ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الإصطناعي بما يقدر بنحو 135 مليار دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، بما يتوافق مع 12.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي الوطني.

تقدر قيمة بيانات الدولة واقتصاد الذكاء الاصطناعي حاليًا بما يتراوح بين 4 إلى 5 مليارات دولار أمريكي، مع وجود فرصة لتوليد إيرادات حكومية إضافية ووفورات تزيد عن 10 مليارات دولار أمريكي من خلال تسخير رؤى البيانات للمساعدة في توجيه قرارات الحكومة.

منذ إطلاق برنامج الرؤية السعودية 2030 في عام 2016، أحرزت المملكة العربية السعودية تقدمًا كبيرًا في إطلاق العنان لقيمة البيانات كأصل وطني مع ما يقرب من 70٪ من 96 هدفًا استراتيجيًا في إطار رؤية 2030 ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالبيانات والذكاء الاصطناعي.

كان إنشاء الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (SDAIA)، وهي هيئة مكلفة بقيادة البيانات الوطنية وأجندة الذكاء الاصطناعي لتحويل البلاد إلى اقتصاد رائد قائم على البيانات خطوة رئيسية في هذا الاتجاه.

علاوة على ذلك، ستستخدم البيانات التي تم تحليلها بواسطة الذكاء الإصطناعي للكشف عن الفرص التي يمكن أن تولد أكثر من 10 مليارات دولار من المدخرات الحكومية والإيرادات الإضافية، وتطوير بيانات طموحة ومبتكرة واستراتيجية الذكاء الإصطناعي للمملكة.

إقرأ أيضا:

كيف جعلت البيانات الضخمة ليفربول أقوى فريق أوروبي الآن؟

كي تنجح رؤية 2030 يجب على السعودية وقف حرب اليمن

كل شيء عن رؤية 2030 المملكة العربية السعودية

حلم السعودية الخضراء واختفاء صحراء شبه الجزيرة العربية

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز