
من وقت لآخر نسمع عن مؤامرة تحاك ضد البشرية لقتل الملايين من البشر وتخفيض عدد سكان الأرض، والحقيقة أن عدد سكان الأرض انتقل من مليار نسمة عام 1804 إلى 7.6 مليار نسمة في 2021 فأين المؤامرة؟
ونعم سعت حكومات مختلفة خلال العقود الماضية من أجل توعية النساء والآباء بأن الكيف أهم من الكم، وانجاب وتربية طفل واحد بشكل جيد أفضل من انجاب 10 معظمهم جهلة ومواطنين غير صالحين.
ولم يحدث هذا الإنفجار السكاني إلا لأن الطب تطور وأصبح ممكنا علاج الكثير من الامراض والحصول على رعاية صحية أفضل، هذا إضافة إلى تطور الزراعة وإنتاج الأغذية.
ولا يقلق الإنفجار السكاني الكثير من الدول بل هناك دول تدفع ماديا من أجل تشجيع الإنجاب خصوصا تلك التي تعاني من ارتفاع الشيخوخة وقلة الخصوبة وتراجع معدلات الإنجاب، هذا في وقت نجد فيه دول أخرى تعتبر الإنفجار السكاني مشكلة لأنه عندما يرتفع الإنجاب بقوة وعلى فترات طويلة يصبح بالفعل مشكلة لموارد الدولة وتنميتها.
إنها معادلة صعبة، لكن الشركات والتجارة العالمية وصناعة الأغذية والتجارة الإلكترونية والخدمات كلها تنظر إلى الإنفجار السكاني بشكل إيجابي.
الإنفجار السكاني يعني المزيد من المستهلكين:
تنظر الشركات إلى أن كل فرد يعيش على هذه الأرض هو عميل محتمل، إنه مستهلك وشخص ينبغي الوصول إلى جيبه، وعلى هذا الأساس قامت هذه الإمبراطوريات مثل سامسونج وآبل وأمازون وتيسلا ومايكروسوفت وماكدونالدز.
هناك 7.6 مليار شخص أو عميل محتمل لكل علامة تجارية تمارس أعمالها عالميا ولها وجود في معظم الأسواق، وهي لا تسعى للبيع لهم مرة أخرى ولكن بشكل متتابع ومستمر.
ليس لدى هذه المؤسسات أي مشكلة في أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليار نسمة قريبا، ولهذا السبب تمول فيس بوك وجوجل وشركات أخرى حول العالم مشاريع نشر الإنترنت المجاني ورفع نسبة المستخدمين حول العالم إلى 100 في المئة، وحينها سنتحدث عن شركات قيمتها مئات التريليونات الدولارات.
وليس مهما ما تقدمه الشركة سواء منتجات أو خدمات أو حلول أو محتوى تعرض به الإعلانات، المهم أن شريحة أكبر من العملاء المحتملين تعني قاعدة عملاء أكبر ومبيعات اكثر وعائدات أكبر.
هل من المنطقي إذن أن تدعم هذه الشركات سواء في قطاع التكنولوجيا أو الصناعات الغذائية أو حتى صناعات الأدوية واللقاحات أي مبادرات لخفض عدد سكان الأرض؟
ازدهار العقارات والسكن التجاري:
سيؤدي تزايد عدد السكان أيضًا إلى تحفيز الاقتصاد عبر عدد من القطاعات، لا سيما الإسكان والبنية التحتية، مع وجود المزيد من السكان سيكون هناك طلب أكبر على العقارات السكنية.
وهذا يعني ارتفاع أسعار الأراضي والعقارات بشكل مستمر وتكاليف الإيجار وبالتالي العائدات التي تحققها الشركات العاملة في هذا المجال.
لقد رأينا في بلدات إيطالية وأخرى أوروبية عروض لشراء عقارات ببعض دولارات، فقط لأن تلك البلدات أصبحت خاوية على عروشها وتريد البلديات والمقاطعات استقطاب الناس إليها، وهي تشترط إصلاحها والإقامة هناك ودفع الضرائب.
تجارة البنية التحتية:
وبفضل الإنفجار السكاني ستحتاج الحكومات إلى تلبية احتياجات البنية التحتية المتزايدة من خلال الاستثمار في المشاريع الكبرى مثل الطرق والمواصلات العامة والمدارس والمستشفيات.
وهذا يعني عائدات لها بطرق مباشرة وغير مباشرة من الضرائب وتكاليف الأوراق الرسمية والإجراءات الحكومية وكذلك التكاليف في الطرق السريعة والحافلات العامة والنقل العمومي.
نعم تستمر الحكومات مبالغ كبرى في هذه المشاريع وتحقق عائدات وأموال منها لتطوير المدن ولجعل الأمور أفضل بالنسبة للساكنة ودفع أجور الموظفين والعمال.
ويشارك القطاع الخاص من خلال شركات اصلاح الطرق والبناء والعقارات والتنظيف وهي كلها تحقق أرباحا من الصفقات والعروض التي تحصل عليها من البلديات والمقاطعات والحكومات.
سيؤدي النمو السكاني إلى زيادة الطلب على الاستثمار في الإسكان والإنفاق الحكومي على البنية التحتية، وستظل هذه القطاعات من المساهمين الرئيسيين في النمو الاقتصادي للدول.
المزيد من دافعي الضرائب والمنتجين:
لا إنتاج ولا ضرائب إذن نتحدث عن دولة منهارة وفاشلة، ولا توجد أي دولة في العالم تريد أن يكون وضعها سيئا لهذا الحد.
لهذا مزيدا من السكان يعني مزيدا من الأنشطة التجارية والإنتاج الصناعي والخدماتي وبالتالي تجارة داخلية وخارجية متنامية، وأموال تأتي وتخرج وضرائب تتحصل عليها الحكومة في الإستيراد والتصدير والإستهلاك وتحويل الأموال وفي صفقات شراء العقارات والأراضي وما على غير ذلك.
انهيار النمو السكاني يصبح مخيفا للحكومة، لأن هذا يعني مزيدا من الشيخوخة، وعليها أن تدفع لهم التقاعد والرعاية الصحية من الأموال التي جمعتها منهم عندما كانوا منتجين.
كما أنه إذا أصبحت الشيخوخة هي الأكبر في البلد مقابل المنتجين يختل التوازن وتواجه الحكومة مشاكل اقتصادية كبرى وهذا ما رأيناه في إيطاليا واليابان وتخشاه الصين.
إقرأ أيضا:
إيلون ماسك يدافع عن الإنجاب من أجل استعمار المريخ
هل تتبنى مصر سياسة الطفل الواحد لإنجاح التنمية؟
أهداف حرب الصين ضد الدروس الخصوصية والتعليم الخاص
كوارث سياسة الطفل الواحد في الصين