
عاد فيروس كورونا إلى الواجهة مجددا بعد أشهر من تراجع أهميته في وسائل الإعلام، وقد جعل متحور أوميكرون الإغلاق الشامل العالمي ممكنا أكثر من أي وقت مضى.
وهكذا فإن ورقة الإغلاق الشامل والحجر الشامل أصبحت متاحة مجددا لدى الحكومات التي يمكنها أن تلاحظ ارتفاعا قويا في الإصابات والوفيات والضغط على أنظمتها الصحية.
قال خبير الأمراض المعدية الأمريكي الدكتور أنتوني فاوتشي يوم الأحد إن الأمريكيين بحاجة لأن يكونوا مستعدين لفعل “أي شيء وكل شيء” لمحاربة متحور أوميكرون.
صنفت منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي أوميكرون على أنه “متغير مثير للقلق”، مما يعني أنه أكثر انتشارا حتى من دلتا وأكثر ضراوة أو أكثر مهارة في التهرب من تدابير الصحة العامة واللقاحات والعلاجات.
وظهر الفيروس في بوتسوانا وانتشر في جنوب أفريقيا، لتتحرك الحكومات نحو منع الرحلات الجوية مع تلك الدول الأفريقية، لكن المتحور قد وصل إلى المملكة المتحدة وإسرائيل وبلجيكا وهولندا وألمانيا وإيطاليا وأستراليا وهونغ كونغ وقد يكون أيضا في الولايات المتحدة الأمريكية.
المتحور الذي تم اكتشافه لأول مرة في جنوب إفريقيا، لديه العديد من الطفرات في البروتين الشائك الذي يسمح للفيروس بدخول الجسم، ويمكن أن تؤدي بعض هذه الطفرات إلى زيادة مقاومة الأجسام المضادة وزيادة قابلية الانتقال.
قامت السعودية بحظر رعايا 14 دولة من القدوم إليها، فيما حظرت إسرائيل والمغرب المسافرين من كافة دول العالم في خطوة أكثر صرامة.
في هذا الوقت تعيش النمسا حجرا صحيا شاملا يستمر لأيام على أمل أن تتمكن من تخفيض أرقام الإصابات والضغط على مستشفياتها.
وقالت الولايات المتحدة بالفعل إنها ستقيد سفر المواطنين غير الأمريكيين من جنوب إفريقيا وبوتسوانا وزيمبابوي وناميبيا وليسوتو وإسواتيني وموزمبيق وملاوي.
وتعيش صناعة الطيران حول العالم اضطرابا جديدا مع إلغاء آلاف الرحلات، وارتفاع أسعار التذاكر في بعض الدول إلى بعض الواجهات التي لا تزال متاحة.
ويطرح البعض سؤالا مهما: هل يمكن ان يعود الإغلاق الشامل العالمي كما حدث في بداية 2020 أو على الأقل نسخة مشابهة لها بتغييرات قليلة؟
والجواب في تقدير مجلة أمناي، أن هذا الإحتمال وارد الآن بقوة، ويمكن أن تختار دول العالم إيقاف رحلات الطيران في الفترة القادمة بشكل شامل وإبقاء التنقل للسلع والتبادل التجاري.
بالنسبة للدول التي تعاني من قلة نسب التلقيح والتطعيم ضد كورونا، فهي ستعاني من موجات سيئة، والأسوأ من ذلك ارتفاع الوفيات.
الحقيقة أن لقاح كورونا لا يمنع الشخص من الإصابة بالفيروس لكنه يقلل من احتمال الوفاة والضرر الذي يمكن أن يتعرض له، لكن بالنسبة لشخص لم يحصل على اللقاح ستكون اصابته بمتحور أوميكرون ضربة قوية له ربما ينتهي به المطاف نحو الوفاة.
غير أن الحكومات لا تنظر فقط للخسائر البشرية في حالة دراسة الإجراءات الإحترازية، فهي تنظر إلى أنظمتها الصحية، هل ستكون قادرة على استيعاب المئات من الأشخاص الجدد يوميا ممن هم بحاجة إلى الإنعاش؟ هذا في وقت هناك مرضى السرطان والأمراض الأخرى؟ وكيف سيتعاملون مع هذه المشكلة؟
في ألمانيا التي تسجل أرقاما قياسية في هذه الموجة لم يسبق لها أن سجلتها منذ بداية الوباء، لاحظ الخبراء والمراقبين أن نسبة الوفيات قليلة مقارنة بالموجات السابقة، وهنا تظهر أهمية التلقيح، مع العلم أن 68.3% من الشعب الألماني من حصلوا على جرعتين من اللقاح.
هذا يعني أن هناك نسبة مهمة ترفض التلقيح، ودون الحديث عن الجرعة الثالثة التي حصل عليها فقط 10 في المئة من السكان.
ترتفع الأصوات في هذا البلد الأوروبي والتي تطالب بالإغلاق الشامل، ويمكن أن يحدث ذلك في أي وقت مع تسجيل أعداد مهولة من الإصابات وارتفاع عدد الحالات الحرجة بسبب المتحور الجديد.
نسبة امتلاء المستشفيات هي العامل الذي تعتمد عليه السلطات في مختلف الدول للوصول إلى الحجر الشامل، ويختلف قوة النظام الصحي من دولة لأخرى لكن حتى أقوى الدول في العالم لن تحتمل آلاف الحالات الحرجة الإضافية يوميا.
الإغلاق الشامل العالمي بسبب متحور أوميكرون ممكن في نهاية المطاف، خصوصا وأن نسبة غير الملقحين لا تزال كبيرة عالميا، لكن الأمر هذه المرة قد يكون مختلفا، حيث سيتعرض غير الملقحين للتضييق أكثر وسيخسرون الكثير من الحقوق الأساسية.
تدرك الحكومات جيدا أن اغلاق شامل جديد مثل ما حدث في 2020 هو مؤلم للإقتصاد العالمي وسيزيد من ضخامة بحر التضخم، وقد تسقط الكثير من الدول فيه إلى مستويات فقر لم تعاني منها منذ الأزل، لكن الحسابات الصحية تطغى على الاقتصاد فأرواح الناس تبقى مهمة وكل دولة لا تريد أن تمنى بخسائر كبرى.
في الأسبوع الماضي، اعتبرت منظمة الصحة العالمية (WHO) أن أوميكرون متغير مثير للقلق، وفي تحديث لاحق في 28 نوفمبر قالت إنه يبدو أنه شديد العدوى.
ومع ذلك ليس من الواضح ما إذا كان الفيروس يظهر أعراض مرضية أكثر خطورة وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، حيث قال العديد من الأطباء في جنوب إفريقيا وإسرائيل لوسائل الإعلام أن المصابين بفيروس كورونا أوميكرون قد يكون لديهم أعراض أكثر اعتدالًا.
إقرأ أيضا:
سر تسمية أوميكرون وحقيقة جدول سلالات كورونا التي سيعلن عنها
السر وراء ظهور متحور كورونا الجديد ومشكلة اللقاح
تأثير متحور كورونا الجديد على النفط والأسهم وبيتكوين والذهب
فرصة كسب المال من أرباح شركات لقاح كورونا