واجهت كوريا الجنوبية، المعروفة بنموها الإقتصادي الرائع والتقدم التكنولوجي، واحدة من أكثر الأوقات تحديًا في تاريخها في عام 1997.
انهارت عملة البلاد، الوون، مما أدى إلى أزمة مالية واسعة النطاق هددت بإعاقة الإقتصاد، نحن نعرف هذا الحدث باسم “الأزمة المالية الآسيوية” الناجمة عن مزيج من العوامل الداخلية والخارجية.
لماذا حصل هذا؟ نظرًا لأن العديد من بلدان العالم تواجه أزمات في العملة، يمكن أن تكون قصة كوريا الجنوبية جيدة وهي التي تجاوزت انهيار عملتها.
أسباب الأزمة الاقتصادية في كوريا الجنوبية عام 1997
في الستينيات، كانت كوريا الجنوبية واحدة من أفقر البلدان في العالم، حيث يعتمد اقتصادها إلى حد كبير على الزراعة، ومع ذلك، حولت البلاد نفسها إلى قوة اقتصادية من خلال السياسات الإقتصادية الطموحة والتدخل الحكومي.
بحلول التسعينيات، أصبحت كوريا الجنوبية تحتل المرتبة الحادية عشرة من حيث الاقتصاد في العالم، مع تركيز قوي على التصنيع والصادرات.
لكن الأزمة كانت تتفاقم ولم يكن أحد يتوقع حدوثها، كان أحد الأسباب الرئيسية وراء الأزمة الاقتصادية هو اعتماد البلاد الشديد على الاقتراض الخارجي قصير الأجل، مما يجعلها عرضة لتغيرات السوق المالية العالمية.
وفي الواقع أدى النمو الإقتصادي السريع للبلد إلى الإفراط في الإقتراض والإستثمار، مما تسبب في تراكم الديون، حدث هذا بسبب عدم رقابة الحكومة على القطاع المالي.
سمحت الحكومة للبنوك والمؤسسات المالية الأخرى بالعمل مع الحد الأدنى من التنظيم، مما أدى إلى ارتفاع مخاطر الاستثمار والمضاربة.
أيضا كان هناك سلسلة من الصدمات الخارجية، مثل انخفاض قيمة البات التايلندي، كان لها تأثير مضاعف على بلدان أخرى في المنطقة، بما في ذلك كوريا الجنوبية.
بدأ المستثمرون يفقدون الثقة في الإقتصاد الكوري، مما أدى إلى انخفاض حاد في قيمة الوون وتسبب في فشل العديد من الشركات.
اندلاع الأزمة الاقتصادية في كوريا الجنوبية عام 1997
بدأت الأزمة الإقتصادية الكورية التي كانت تتراكم أسبابها منذ سنوات تتكشف في صيف عام 1997، عندما بدأت العديد من الشركات الكورية الكبرى، بما في ذلك دايو وهيونداي، في مواجهة صعوبات مالية وأفلس الكثير منها.
حاولت الحكومة دعم هذه الشركات بالقروض الأمر الذي زاد من عبء ديون البلاد ومن ديونها الخارجية حينها والتي تسارع نموها.
مع تفاقم الأزمة، استمرت قيمة الوون في الإنخفاض، واضطرت العديد من الشركات الكورية إلى التخلف عن سداد قروضها.
ردت الحكومة برفع أسعار الفائدة وفرض إجراءات تقشفية، لكن هذه الإجراءات أدت إلى تفاقم الوضع، مما أدى إلى انتشار البطالة والإضطرابات الإجتماعية.
معالجة الأزمة الاقتصادية في كوريا الجنوبية عام 1997
ولتخفيف هذا الوضع، طبقت حكومة كوريا الجنوبية سلسلة من الإجراءات الجريئة، كانت إحدى الخطوات الأولى هي طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي (IMF)، الذي قدم حزمة إنقاذ بقيمة 57 مليار دولار أمريكي.
كما نفذت الحكومة إصلاحات هيكلية مختلفة لمعالجة القضايا الأساسية التي ساهمت في الأزمة، وتضمنت هذه الإصلاحات زيادة الشفافية والتنظيم في القطاع المالي، وتدابير لخفض ديون الشركات وتحسين ميزان المدفوعات.
في غضون عامين فقط بعد اندلاع الأزمة، نجحت كوريا الجنوبية في تحقيق الاستقرار في اقتصادها وخرجت من الأزمة بنجاح، وذلك بفضل الإجراءات التي جاءت في الوقت المناسب، بدأ الناتج المحلي الإجمالي للبلاد في الانتعاش في عام 1999 ونما بمعدل مثير للإعجاب في السنوات التالية.
ومع ذلك، كان للأزمة تأثير دائم على الاقتصاد والمجتمع الكوري، ظلت معدلات البطالة مرتفعة لعدة سنوات، واضطر العديد من الشركات والأفراد إلى إعلان إفلاسهم.
كما سلطت الأزمة الضوء على الحاجة إلى استمرار الإصلاح والرقابة في القطاع المالي لمنع وقوع أحداث مماثلة في المستقبل.
إقرأ أيضا:
معجزة انقاذ كوريا الجنوبية 1997 – 2001 برعاية صندوق النقد الدولي
قصة نجاح صندوق النقد الدولي في انقاذ ايرلندا
تجنب افلاس باكستان في يد الصين وصندوق النقد الدولي
صراع الجزائر مع صندوق النقد الدولي مضحك للغاية
العملة الرقمية SDRs: بديل الدولار من صندوق النقد الدولي
قرار البنك الدولي تعليق التعاون قد يسرع افلاس تونس
مؤامرة دولية للتخلي عن الدولار الأمريكي برعاية صندوق النقد الدولي
كيف يحصل صندوق النقد الدولي على الذهب ولماذا بالضبط؟