تعد الإمارات العربية المتحدة واحدة من أفضل الدول استغلالا لأزمات النفط، وهي من الدول التي عرفت مبكرا أن العالم لن يبقى معتمدا على الذهب الأسود للأبد.
عوض البقاء كدولة خليجية مرتبطة بالنفط ومعتمدة عليها اعتمادا كاملا، فقد اهتمت بتنويع اقتصادها وعملت على تقليل مساهمة قطاع إنتاج النفط في الإقتصاد الوطني.
والحقيقة أن الفضل في ذلك يعود إلى استراتيجية الزعيم الإماراتي الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وهو من القادة العرب المعروفين بالحكمة والنظرة الطويلة الأمد.
-
التقليل من إنتاج النفط حفاظا عليه للأجل القادمة
كان الزعيم الراحل حريصا على عدم إرهاق حقول النفط بإنتاج كميات كبيرة، وهذا حفاظا عليه لأجل الأجيال القادمة.
وواحدة من أشهر أقواله: “إذا كان الله قد مَنَّ علينا بالثروة فإن الواجب علينا أن نسخر هذه الثروة لصالح الشعب”.
كان الشيخ زايد على يقين بأن هذه الثروة الباطنية لن تتوفر إلى الأبد، وربما كان أيضا على معرفة بأن هذه المادة لن تكون محورية مستقبلا في الصناعة وقطاع النقل، خصوصا وأن العالم يتسابق نحو الطاقات النظيفة والمتجددة.
ولهذا السبب عمل على تقليل الإنتاج وتفادي تحويل بلده إلى واحد من أكبر منتجي النفط في الشرق الأوسط والعالم.
-
استخدام عائدات النفط لتطوير الصناعة
يرى الزعيم الراحل أنه من الأفضل استخدام عائدات النفط ليس فقط لتطوير اقتصاد بلده وضمان رخاء شعبها والمقيمين فيها، ولكن أيضا على تطوير الصناعات المتطورة.
اعتماد الإمارات على مصدر دخل واحد هو أمر خطير ومتهور وللأسف العديد من البلدان حول العالم ظلت على سياسة العيش على مكاسب النفط، وقد رأينا دمار فنزويلا عندما تعرضت أسعار النفط للإنهيار خلال 2014.
وبناء على ذلك تأسست وزارة النفط والصناعة وشجع على تصنيع وإنتاج الغاز والاستفادة من صناعة النفط لتطوير وصناعة العديد من المنتجات المرتبطة بها.
وعلى العموم فقد وضعت سياساته أساسيات تحول الإمارات إلى مركز دولي في السفر والسياحة العالمية وتحولت إلى لؤلؤة الخليج حيث حطت العلامات التجارية الكبرى رحالها من خلال فروعها ومكاتبها.
وبالتدريج تحولت الإمارات من دولة صحراوية بدوية إلى دولة مدنية ذات مدن شاسعة وبنية تحتية قوية وتراجع النفط، حيث أصبحت هيمنة القطاع غير النفطي على الاقتصاد الوطني قد تجاوزت 70%.
-
الإمارات الأقل تضررا من تراجع النفط مقارنة بجيرانها
تتألم ايران والسعودية والكويت والعراق ودول أخرى من تراجع أسعار النفط إلى مستويات ضعيفة، وبالطبع تراجعت العائدات الإماراتية لكن حجم الضرر أقل من هذه الناحية لأن القطاعات النفطية هي المحرك الأساسي حاليا للإقتصاد الإماراتي، ولهذا السبب مع فتح الإقتصاد العالمي مجددا وتعافي السياحة سيتعافى الإقتصاد المحلي في أزمة كورونا.
التنويع الإقتصادي للدولة أكسبها مناعة وحصانة ضد الصدمات الإقتصادية الخارجية، وفي الحالة العادية بدون كورونا لن تؤثر أزمة النفط على الإمارات كثيرا.
عملت أبوظبي على زيادة قوة القطاع الخاص والانفتاح على التكنولوجيا منذ عقود، وقد تحولت إلى بلد مهم على خارطة الذكاء الإصطناعي وخدمات التكنولوجيا المالية.
أصبحت قطاعات أخرى مهمة في الدولة مهمة وهي الصناعة والسفر والسياحة وتجارة التجزئة والتشييد والعقارات.
وتستثمر الإمارات في صناعة الطاقة النظيفة والمتجددة، وهي استراتيجية مهمة خصوصا وأن السنوات القادمة ستكون عظيمة في مسيرة هذه الصناعة.
وتدرك أبوظبي أن النفط قد لا يختفي كليا لكن الأسعار الكبرى التي يصل إليها للبرميل مثل 100 دولار ستصبح صعبة المنال في السنوات القادمة.
ربما بعد الأزمة الحالية قد يتعافى النفط ويصل إلى 100 دولار للبرميل، لكن من المؤكد أنه خلال العقد القادم سيدرك الجميع أن مجد الذهب الأسود انتهى.
إقرأ أيضا:
تأثير فيروس كورونا وانهيار النفط على الإقتصاد السعودي
التخلي عن النفط مفتاح حل أزمة المناخ والتغير المناخي
هكذا تقودنا أزمة فيروس كورونا نحو نهاية عصر النفط
ماذا يعني انهيار أسعار النفط إلى تحث الصفر للأسواق؟
أزمة انهيار سعر النفط 2020 قد تستمر حتى بداية 2021