عادة ما ينظر الكثير من الناس إلى ان ارتفاع الأسهم والبورصة في بلد ما دليل على أن الإقتصاد في نفس الوقت يسير بشكل صحيح.
والحقيقة أنه يمكن أن يكون ارتفاع الأسهم بمثابة تهيئة لانتعاش اقتصادي ويحدث هذا غالبا بعد الأزمة المالية التي تضرب النظام المالي وتخترق أيضا النظام الإقتصادي، ويبدأ الرخاء من النظام المالي وإن كان يستغرق مدة ليست بالقصيرة قبل أن تتحسن المؤشرات الاقتصادية.
لكن هذا لا يحدث دائما، في فترات معينة لا تعبر البورصة عن الاقتصاد وتتحول هي بنفسها إلى مركز للمضاربة والشراء على أساس التوقعات والمراهنات على أن المستقبل أفضل.
-
الحرص على كسب المال مستقبلا
إذا ارتفعت أسعار الأسهم فقد يكون المستثمرون أكثر حرصًا على المال في المستقبل من المال الآن، لا علاقة لذلك بالتفاؤل أو التشاؤم بشأن الإقتصاد.
إنها وظيفة معتقدات عقلانية (أو لا) لدى الناس حول مقدار الأموال التي يريدونها في المستقبل والمقدار الذي هم على استعداد لتركه الآن.
هذا يعني أن المستثمرين في الوقت الحالي يخصصون جزءا من أرباحهم لإعادة استثمارها ويرغبون في الربح والبيع مستقبلا، وهذه لعبة أساسية في البورصة.
أنت تشتري سهم شركة معينة لأنك تؤمن بأنه سيرتفع مستقبلا، وليس لأنك متفائل بمستقبل الاقتصاد المحلي أو العالمي.
-
الثقة بأرباح الشركات
يركز المستثمرين على أسهم الشركات التي يستثمرون بها، لذا إذا ارتفعت المبيعات والأرباح كان هؤلاء أكثر اندفاعا لشراء المزيد منها.
وارتفاع أرباح الشركات قد لا يعني بالضرورة أن الاقتصاد يتحسن، ربما تلك الشركات زادت مبيعاتها وأرباحها من أسواق خارجية، فيما تعاني من قلة المبيعات والأرباح في السوق المحلية.
من جهة أخرى ترتفع أرباح بعض الشركات بسبب سياسات التسعير وتحكمها في قطاعاتها والإستحواذ على المنافسين، وليس لأن الإستهلاك قد ازداد.
-
تأثير سعر الفائدة على الأسهم
عادة عندما يقوم البنك المركزي في بلد ما بخفض أسعار الفائدة، فهو بذلك يشجع المستثمرين والمدخرين على إنفاق أموالهم في الإستثمارات عالية المخاطرة وفي مقدمتها الأسهم.
في هذه الحالة يقبل المستثمرين على شراء الأسهم وترتفع البورصة وقد لا يكون لذلك تأثير كبير وفوري على الإقتصاد الفعلي.
منذ الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 توجه العالم إلى خفض أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبا، وهذا ساعد الشركات على زيادة الإقتراض والتوسع كما أعطى الضوء الأخضر لتصل البورصات العالمية وفي مقدمتها الأمريكية إلى مستويات غير مسبوقة على الإطلاق.
من جهة أخرى فإن بقاء الوضع على ما هو عليه يهدد بتزايد أسعار المنتجات والخدمات وبالتالي التضخم، وهو ما سيترجمه المستهلك إلى أزمة اقتصادية تهدده.
-
فقاعة الأسهم تنفجر في النهاية
مع خفض أسعار الفائدة يتوسع الاقتصاد وينشط الإقتراض وتتزايد الديون وتعمل الشركات على توظيف المزيد من الأشخاص والإستحواذ على الشركات المتعثرة.
لكن هذا الإتجاه يصل إلى قمته وحينها يصبح التوسع غير ممكن أكثر، ليرتفع التضخم ويتراجع الإستهلاك، وربما ترفض البورصة أي رفع لسعر الفائدة للسيطرة على التضخم وهنا تحدث موجات بيع قوية.
أبرز مثال على ذلك هو أنه عندما اتجه البنك المركزي الأمريكي إلى رفع سعر الفائدة نهاية 2018، رأينا بيعا كثيفا للأسهم الأمريكية خلال ديسمبر، لكن عندما تراجع عن ذلك تجاوزت الأسهم مجزرة أغسطس 2019 بسلام واستطاعت أن تعوض الخسائر وترتفع إلى مستويات جديدة خلال الأشهر الأخيرة.
يشكل هذا فقاعة حقيقية خصوصا إذا تسارع الإرتفاع كما حدث خلال الأسابيع الأخيرة وهذا يزيد من احتمال سقوط مفاجئ.
وكما نرى في الوقت الراهن فإن الأسهم الأمريكية ترتفع رغم أن أخبار فيروس كورونا تشير إلى ضرر محتمل على الاقتصاد العالمي برمته في الربع الحالي وليس فقط الصين وهناك شركات أمريكية كثيرة تضررت أعمالها في البلد الأسيوي العملاق.
نهاية المقال:
ارتفاع الأسهم والبورصة لا يعني دائما أن الإقتصاد سيصبح أفضل، أحيانا تنفصل عن الواقع ولا تعبر عن الاقتصاد الفعلي.