أسباب تبني الإمارات شعار الإقتصاد أولا ودور السعودية وقطر

أسباب تبني الإمارات شعار الإقتصاد أولا ودور السعودية وقطر

المتابع للسياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة سيلاحظ تغييرا مهما، يضع الإقتصاد في المقام الأول ويركز على الشراكة مع قوى منافسة وأبرزها إسرائيل وتركيا وايران.

هذا التغيير لم يحصل من فراغ، فالتطورات التي حصلت في السنوات الأخيرة أظهرت لقيادة هذا البلد أن الحروب والخلافات السياسية مكلفة ويمكنها أن تؤدي إلى خسائر فادحة.

وتحتاج الدول في زمن كورونا إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز التعاون والشراكات عوض الدخول في صراع لن يخرج منه أحد فائزا.

ومن المعلوم أن الشرق الأوسط هي من أكثر المناطق سخونة في العالم وتوترا، وسط منافسة شديدة بين القوى المختلفة على النفوذ، حتى أصبحنا نرى 3 محاور أو أكثر في ملفات عديدة.

حرب اليمن المكلفة وتهديد دبي

تستمر حرب اليمن منذ سنوات وسط خسائر فادحة لمختلف الأطراف المشاركة فيها وهي حقيقة لا يمكن أن ينكرها إلا شخص غير واقعي.

وتحولت اليمن إلى ساحة حرب بالوكالة في المنطقة وتضم أيضا إلى جانب الحوثيين جماعات مختلفة منهم السلفيين والإخوان وداعش وكلهم في قتال مع بعضهم البعض.

مع ضرب منشآت أرامكو قبل أشهر وتزايد تهديد الحوثيين لدول الخليج بصواريخ بعيدة المدى، أدركت دبي أن ما قامت ببنائه في عقود سيذهب في لحظة.

إذا تعرضت هذه المدينة الإستراتيجية في الخليج لقصف معين، ستتحول من منطقة آمنة، إلى منطقة خطيرة وهو ما سيدفع المستثمرين إلى بيع العقارات والإنسحاب وستخسر الإمارات اقتصاديا الكثير.

يلاحظ السعوديين أن دور الإمارات قد تراجع في اليمن كثيرا، وهم يسيطرون على بعض المناطق الآمنة، وهذا التراجع يخيف بعضهم، لكن هذا لا يعني أن الإمارات تخلت على الرياض، لكنها أصبحت برغماتية وتنظر إلى مصلحتها وهذا من حقها.

الإنسحاب الأمريكي ودرس أفغانستان

عندما انسحبت القوات الأمريكية من أفغانستان، عادت طالبان بقوة إلى الواجهة، واتضح لحلفائها جميعا أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تنظر إلى في مصلحتها.

عودة هؤلاء المتشددين إلى الحكم في هذا البلد يهدد ايران وأفغانستان والصين وباكستان، لكن الأسوأ هو دخول داعش على الخط وهو التنظيم الذي يحلم بالخلافة الإسلامية.

تنظر الولايات المتحدة إلى انسحابها على انه القرار الصحيح، وعلى الدول المجاورة لأفغانستان تدبر حالهم، وهي رسالة سلبية للإمارات ودول أخرى كانت تطالب بأن يكون الانسحاب أكثر تنظيما مع ضمان عدم عودة المتشددين إلى الحكم.

وتخشى الإمارات أن يحدث مثل هذا في العراق وسوريا وان يكون لداعش عودة أقوى الفترة القادمة مع انسحاب التحالف الأمريكي من المنطقة.

لذا فهي ترى أنه ينبغي أن تتعاون مع حكومات هذه الدول مثل الحكومة في دمشق بسوريا، من أجل تمكين التنمية الإقتصادية وتحسين حياة الشعوب وهي الطريقة الوحيدة والأفضل لمنع الثورات والفوضى وسقوط الدول.

المنافسة المتصاعدة من السعودية

هناك تحول عميق ومتسارع يحدث في السعودية ولها القدرة على استقطاب الكثير من الشركات والمستثمرين لتطبيق رؤية 2030.

تقدم السعودية الرياض على أنها بديل دبي وتعمل أيضا على نيوم والعديد من المشاريع الضخمة والتي يمكنها أن تجعل من الدولة الخليجية الأكبر هي الجاذبة رقم 1 للشركات.

ويهدد هذا دور دبي وأهميتها لهذا فهي بحاجة إلى التعاون مع قوى مختلفة، واستقطاب الشركات وهي تقدم بالفعل تخفيضات ضريبية واعفاءات جيدة، ولدى الإمارات أكبر عدد من المناطق الحرة مقارنة بأي دولة أخرى في العالم العربي.

قبل زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان لتركيا كان هناك جناح تركي في معرض دبي إكسبو، وقد أبدت العشرات من الشركات التركية اهتمامها للتواجد في السوق الإماراتية.

العودة إلى اصل نجاح دبي والإمارات

قال جيم كرين مؤلف كتاب “مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية” في تصريحات له: “إنهم يعودون إلى الأساسيات، إلى فلسفة دبي التقليدية بعدم التدخل والحيادية ومقاربة أن الأولوية للنشاط التجاري… كانت سياسة أبوظبي، في اختيار طرف على آخر ودخول صراعات، ضارة اقتصادياً، أدركوا أن تبني هذه الإستراتيجية لم يكن ناجحاً”.

بسبب مقاطعة قطر خسرت الأخيرة الكثير لكن أيضا خسرت الإمارات 3.5 مليار دولار من تجارتها الخارجية، وحرمت من فرص التجارة في ظل تجهيز جارتها لاستضافة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022 وتشييدها الملاعب والفنادق والطرق.

كانت الدوحة تشتري المواد الأساسية للبناء من الإمارات، لكن هذا لم يعد يحدث مع توجيه هذه الزيارة إلى سلطنة عمان ودول أخرى مثل تركيا.

أيضا بسبب تأييد أبوظبي لإلغاء الاتفاق النووي تراجع التبادل التجاري مع إيران بما يزيد عن النصف ليصل إلى 5 مليارات دولار في عام 2019.

رغم كل التقدم الذي حققته دبي إلا أنها تضررت على مستوى العقارات والإستثمارات بسبب مشاركة ابوظبي في حرب سياسية وعسكرية خارجية.

انتصار السياسة الإماراتية الخارجية رغم التكاليف

حاربت الإمارات التيارات الإسلامية التي تستغل الدين للوصول إلى السلطة، وتمكنت سياستها بالفعل من الإنتصار بعد سقوط الإخوان في تونس والمغرب ومصر والسودان وليبيا وفشلهم في الأردن وانتصار نظام الأسد في سوريا وانكسار داعش والجماعات السلفية.

الآن تركز هذه السياسة على دعم وحدة العرب واستعادة سوريا إلى الجامعة العربية، والإنفتاح على إسرائيل وايران وتركيا، وانهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ودخلت المنطقة زمن التسوية الشاملة حيث يمكن لأكثر الأعداء والخصوم الإتفاق على تطبيع علاقتهما، وهذا كي تستفيد المنطقة من التجارة الدولية وتواجه التغير المناخي وتعيد الاستقرار للمنطقة وهي أمور تدعمها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي.

وعلى ما يبدو فإن الصراع سينتقل إلى جنوب شرق آسيا، أو في أحسن الأحوال سنرى عصر المنافسة الاقتصادية وتوازن الردع العسكري وحروب إلكترونية محدودة.

إقرأ أيضا:

زيارة محمد بن زايد لتركيا على خريطة الإقتصاد والتسوية الشاملة

قناة السويس ستخسر التجارة بين الإمارات وتركيا لصالح ايران

أسباب رفض الإمارات وإسرائيل والدول العربية محاربة الصين

الإمارات القوة الإقتصادية رقم 1 بحلول 2071

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز