ياهو على أبواب الموت وهي تستحق هذه النهاية!

أزمة ياهو
مسألة أيام وأسابيع فقط

قد يوحي لك العنوان بأنني حاقد على ياهو وبيننا خلاف وعداوة، لكن مثلها مثل كل الشركات هنا، نصفق لها عندما تتقدم وننتقدها بشكل صريح عندما تخطئ وتصر على الخطأ، أملا في خلق مجتمع تقني أفضل تتنافس فيه الشركات على تقديم الأفضل.

لكن ياهو لم يعد لديها وقت كثير لتبقى كشركة مستقلة وعلامة تجارية مميزة ومنافسة في السوق، فهي الآن تحتضر بعد سنوات من الأزمة تأكد الآن انها قاتلة ونسبة نجاحها في تجاوزها قليل جدا، هذا إن لم اخبرك بالحقيقة كما هي، ياهو بمعطيات اليوم ستموت ولا وجود لها في المستقبل.

لقد كانت هذه الشركة التي أسست عام 1995 رمزا للإبداع والعطاء والتفوق والتي يعرفها الداني والقاصي وكانت رمزا للويب لدى الملايين من البشر، ثم فجأة ظهر جوجل الذي طور من البحث الإلكتروني وأطاح بها في هذا القطاع ولتستمر الشركة في منافسة طويلة على اكثر من صعيد منها البريد الإلكتروني والأخبار، قبل أن تظهر الشبكات الإجتماعية خصوصا فيس بوك وتندلع ثورة الموبايل التي عمقت من جراحها، كيف لا وهي من الشركات التي تجاهلت احتمال أن تكون الهواتف الذكية هي النافذة الأساسية للناس على الإنترنت.

في ظرف سنوات تغير رأس الهرم في الشركة أكثر من مرة، أقصد الرئيس التنفيذي دون فائدة وبلا نتائج حاسمة تبعد الأزمة ورأس الحربة حاليا هي السيدة ماريسا ماير.

هذه المرأة التي صنفتها العديد من المجلات على أنها من أقوى نساء العالم، وهي خريجة مدرسة جوجل التي تركت شركتها سعيا لتكون على رأس شركة تديرها وتنافس بها ولما لا تصنع المجد معها.

وصلت إلى ياهو فتغنت شريحة عريضة من المدونين والمحللين بقدومها، الأمل والرهان كبير على نجاح هذه السيدة كيف لا وهي قد جاءت من أكبر شركة على الويب في الوقت الراهن والتي ساهمت كثيرا في تطويرها لتصبح بهذا الحجم.

نسي هؤلاء أن الشخص الماهر في بناء منتجات وخدمات ناجحة لا يعني أبدا أنه محترف في تحمل مسؤولية ادارة الأزمات والتغلب عليها، وبالفعل قصة ياهو لم تخيب ظني لقد أكدت لي مرة أخرى أنني محق.

أنا لا أنكر أن السيدة ماريسا ماير قد تسلمت ياهو وهي تعاني لكن كيف حال الشركة اليوم؟ للأسف ليست أفضل حالا من أمس بل أسوأ من السيء نفسه، وركز على الشق الثاني من الجواب لتعرف أنها لم تحقق أي تقدم حقيقي في سبيل التقليل من الخسائر والرفع من قيمة الشركة وتجاوز الأزمة.

أقر وبناء على سيرتها الذاتية وانجازاتها في جوجل أن السيدة ماريسا ماير إنسانة ذكية وواحدة من أقوى نساء العالم، لكن تصرفاتها في ياهو وأسلوبها في إدارة الأزمة والذي اتسم بالبرود والعجز والاستهانة بمخاطر استمرار الخسائر، والتعامل مع الموظفين بعاطفية من خلال الحوافز الإضافية وتوفير المزيد من الرفاهية لهم في شركة تعاني بقسوة خيب ظني وجعلني أكتشف أنها مجرد إنسانة عادية وضحية للإعلام الذي طبل لها كثيرا وصورها لنا على أنها البطلة التي ستنقذ ياهو.

هذه السيدة لم تفهم للأسف ما المطلوب منها فظلت طيلة هذه السنوات تتخبط في اصدار القرارات مع فريق عملها، تارة تطلق خدمة جديدة وتارة تغلق أخرى بحجة أنها غير ناجحة، وكان من ضحايا قراراتها منتديات ومدونات مكتوب التي كانت بمثابة الشبكة الإجتماعية الأكبر في العالم العربي والذي تخطى عدد مستخدميه 16 مليونا واستحوذت عليه الشركة بحوالي 85 مليون دولار عام 2009.

حتى الموبايل الذي وعدتنا ان يكون فيه تواجد قوي لها لم تنجح فيه ولا توجد لديها خدمة ناجحة على شكل تطبيق ينافس تطبيقات فيس بوك و جوجل والشركات الأخرى المسيطرة على مشهد الموبايل اليوم.

الأسوأ ما تطرقنا إليه في مقال “ماريسا ماير تدمر ياهو بإنفاق نصف مليار دولار على أشياء تافهة” عندما تأكد لنا أنها تتصرف بنوع من اللامبالاة في أموال الشركة وهي التي تتقاضى راتبا أكبر من رؤساء تنفيذيين لشركات أفضل حالا وأيضا راتبا أكبر ممن سبقوها إلى هذا المنصب، لقد حولت الشركة إلى مؤسسة تنفق بإسراف على الموظفين وعلى العطل والرحلات وتوزيع هواتف آيفون وحفلات الإجازة حيث انفقت في ليلة واحدة 7 ملايين دولار.

مجلس الإدارة أيضا كان متواطئا، عدد من المستثمرين طالبوا بإقالتها لكنهم رفضوا هذا المقترح وأخرى ينتظرها هؤلاء لعل تنفيذها يغير شيئا من الواقع المرير.

ياهو يا سادة في طريقها للموت ولم يعد يفصلنا  من الوقت ما مضى على نقطة التحول التي تعني قيام شركة أخرى بالاستحواذ عليها أو حتى انهيارها وفي كلتا الحالتين الشركة خسرت المعركة، خسرت استقلاليتها وعلامتها التجارية المستقلة وأضحت نوكيا أخرى من الصعب جدا أن تعود مجددا كما كانت أيام مجدها.

لم تعد هذه الشركة تنافس لا على البريد الإلكتروني بقوة ولا في تطبيقات الموبايل وانسحبت من معركة محركات البحث تقريبا باعتمادها على عمليات الأرشفة التي يقوم بها بينج من مايكروسوفت، ولم تعد بوابة اخبارية ضخمة مع اغلاق أعداد كبيرة من الأقسام، فيما لم تنجح مع تمبلر في المنافسة بقطاع الشبكات الاجتماعية ولا أيضا من خلال خدمة فليكر.

وشخصيا لم أعد أرى أنه من الممكن لياهو تجاوز هذه الصعوبات، لقد أصبحت أقرب إلى الموت من البقاء مستقلة هكذا، وعلى ماريسا ماير والإدارة وحتى الموظفين بالشركة الاستعداد لتقبل الهزيمة أملا في أن يكون هذا درسا للجميع.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

مهم: أفضل منصات التداول الموثوقة فوركس 2024