عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين مشروع فاشل وفكرة سياسية

عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين مشروع فاشل وفكرة سياسية

استمر الحديث منذ بداية الأسبوع حول مشروع عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين ينتظر أن يكون بديلا لكل من الريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني، وهو أمر مضحك لأنه خبر غير عقلاني.

ونعم هناك حديث بين قادة أكبر اقتصادين في أمريكا الجنوبية لإنشاء عملة مشتركة، لكننا منذ اللحظة الأولى لإعلان الخبر ونحن متشككون.

نشأة فكرة عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين

كتب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا والرئيس الأرجنتيني ألبرتو فرنانديز في مقال مشترك نُشر في صحيفة “بيرفيل” الأرجنتينية يوم الأحد أنهما يريدان تعزيز تكامل أكبر بين الجارتين، من هنا بدأ الحديث عن عملة تكون بديلة لعملتي البلدين بل وذهب المبالغون كما العادة لقراءة الخطوة على أنها تستهدف الدولار الأمريكي.

في مؤتمر صحفي في بوينس آيرس، قال رئيس البرازيل إن إنشاء عملة مشتركة للتجارة سيقلل الاعتماد على الدولار الأمريكي، الذي كان صعوده الحاد العام الماضي مؤلمًا للبلدان في جميع أنحاء العالم.

وقال لولا: “إذا كان الأمر يعتمد علي لكانت لدينا تجارة خارجية دائمًا بنفس عملة البلدان الأخرى، لذلك لن نضطر إلى الاعتماد على الدولار”.

تحول الدولار الأمريكي إلى عملة الاحتياطي العالمي إضافة إلى العملة الموثوقة في التجارة العالمية، وهي العملة التي تستخدم لشراء الواردات وكذلك عند التصدير للحصول عليها وتستخدم أيضا للدفاع عن سعر صرف العملة المحلية وفي الدعم الحكومي وفي التحويلات الدولية.

والحقيقة أنه لعقود كانت هناك فكرة انشاء عملة موحدة تجمع بين دول أمريكا اللاتينية وتكون مثل اليورو، لكن القارة الأمريكية الجنوبية تعاني من أنظمة حكم غير متشابهة ومتناقضة، منها الديمقراطية والإستبدادية والناجحة والفاشلة.

قال سلف لولا، جاير بولسونارو، خلال زيارة للأرجنتين عام 2019 إنه والرئيس آنذاك ماوريسيو ماكري يتخذان الخطوة الأولى نحو إنشاء “البيزو الحقيقي”، لم تكن هناك بوادر للتقدم منذ ذلك الحين، قبل ثلاثة عقود وافق البلدان على اقتراح لإنشاء عملة مشتركة للتجارة تعرف باسم “غاوتشو” لكن لم يتم تنفيذه مطلقًا.

لماذا فكرة عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين غير منطقية الآن؟

تتدهور الأوضاع الاقتصادية في الأرجنتين البلد الذي يواجه مجددا احتمال الإفلاس، هناك حيث يعيش ما يقرب من أربعة من كل عشرة أشخاص في فقر.

تعاني الأرجنتين من أعلى معدلات التضخم في العالم 95٪ في عام 2022 وقد انخفض البيزو بشكل مطرد لأكثر من عقد من الزمان، تتضمن أسعار الصرف المتعددة للعملات الأجنبية سعرًا غير قانوني يستخدمه الصرافون في الغرف الخلفية وهي ممارسة راسخة إلى حد أن ما يسمى بسعر “الدولار الأزرق” يُنشر يوميًا في الصحف.

على الجهة الأخرى تعد البرازيل أكبر دولة في أمريكا اللاتينية، وهي في مكان أفضل من الناحية الموضوعية من الناحية الاقتصادية لكنها تعاني هي الأخرى، تجاوز تضخمها في عام 2022 سقف النطاق المستهدف للبنك المركزي للعام الثاني على التوالي، وقد تخلى الريال عن نصف قيمته مقابل الدولار منذ عام 2014، قبل أن تغرق الأمة في أعمق ركود لها منذ قرن، لا تزال آفاق النمو في البلاد ضعيفة ولم تسجل فائضًا أوليًا في الميزانية منذ عام 2013.

وكتب محمد العريان الرئيس التنفيذي السابق لشركة بيمكو، أحد كبار مديري الاستثمار ذوي الدخل الثابت في العالم، على تويتر يوم الأحد “لا توجد لدى أي من الدولتين الشروط الأولية لإنجاح ذلك وجذب الآخرين”.

أفضل ما يمكن أن تأمله هذه المبادرة هو أن يخلق الحديث بعض الغطاء السياسي للإصلاحات الاقتصادية التي تشتد الحاجة إليها في البلدين.

من جهة أخرى قال حسنين مالك، رئيس أبحاث الأسهم في Tellimer، في مذكرة بحثية، إن الاختلاف في الظروف الاقتصادية سيجعل من الصعب للغاية على البلدين الوصول إلى نفس الصفحة.

وقال “إن البرازيل والأرجنتين بعيدين عن التقارب في السياسة الاقتصادية والأداء المطلوب لإطلاق اتحاد نقدي”.

عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين مجرد فكرة مثيرة

قال فرنانديز إنه لا هو ولا نظيره البرازيلي يعرفان كيف يمكن لعملة ما أن تعمل بين بلديهما أو في المنطقة، لكنه قال إنهم يتفقون على أن الاعتماد على العملات الأجنبية للتجارة أمر ضار.

أدت القوة الأخيرة للدولار إلى تعقيد سداد الديون المقومة بالدولار للدول النامية حول العالم بما في ذلك الأرجنتين، يستخدم بنكها المركزي احتياطاته الثمينة بالدولار لسداد ديونها الخارجية والتدخل في سوق العملات لوقف انخفاض قيمة العملة، وبالتالي فهي لا ترغب في بيع الدولار للمستوردين من أجل التجارة.

وقال لولا إن الفريقين الاقتصاديين في البلدين سيقدمان مقترحات بشأن المعاملات التجارية والثنائية، بعملة تم إنشاؤها بعد “الكثير من المناقشات والاجتماعات”.

قال بريندان ماكينا، خبير اقتصادي في الأسواق الناشئة واستراتيجي في مجال الصرف الأجنبي في Wells Fargo، إن الاقتراح هو “فكرة سيئة” قدمت فقط عنوانًا مثيرًا للاهتمام، اقترح ماكينا أن التفاوت بين الظروف الاقتصادية للبلدين لا يترك أي فرصة لتحقيق ذلك.

قال ماكينا: “لنفترض أن الأرجنتين كانت في مكان مشابه للبرازيل ما زلت لا أعتقد أنها ستنجح”، سوف تحتاج إلى الحصول على قدر كبير من المصداقية وراء هذه العملة الجديدة، لقد استغرق اليورو عقودًا للحصول على تلك المصداقية”.

لا تزال هناك قيود على اليورو حتى يومنا هذا، وما زال بعض المستثمرين لا يريدون التعرض له على الرغم من مكانة اليورو كعملة احتياطية في منطقة متطورة للغاية.

سيسعى فرنانديز إلى إعادة انتخابه هذا العام، ووسط الكآبة الاقتصادية المستمرة، قد تروق فكرة العملة الموحدة للناخبين المحتملين، لذا قد تكون الفكرة متعلقة أكثر بمسألة الانتخابات والسياسة.

إقرأ أيضا:

الشركات الصينية دفعت 1.4 مليار دولار كي تفوز الأرجنتين بكأس العالم 2022

خسرت 160 ألف دولار في مباراة السعودية ضد الأرجنتين

ما لا تعرفه عن الأرجنتين بلد الإفلاس المتكرر وموطن الأزمة الاقتصادية

لهذه الأسباب لن ينجح لولا دا سيلفا هذه المرة في انقاذ البرازيل

سيسيرو الملياردير البرازيلي ويكيبيديا

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

مهم: أفضل منصات التداول الموثوقة فوركس 2024