انهيار البيزو الأرجنتيني: ثقة بالله وبالدولار الأمريكي

انهيار البيزو الأرجنتيني: ثقة بالله وبالدولار الأمريكي

تستمر رحلة انهيار البيزو الأرجنتيني واحدة من أسوأ العملات النقدية في العالم، والتي تصدرها أكثر دولة أعلنت إفلاسها، في هذا الظلام لدى الشعب الأرجنتيني شعار واحد ومهم: ثقة بالله وبالدولار الأمريكي فقط.

ظل اقتصاد الأرجنتين يكافح منذ عقود، لكنه وصل مؤخرًا إلى مستوى آخر من عدم الاستقرار، في فبراير ارتفع التضخم بأكثر من 100٪ على أساس سنوي للمرة الأولى منذ عام 1991، وارتفعت الأسعار في جميع المجالات بنحو 7٪ على أساس شهري.

كتبت إميلي ستيوارت من Vox في مقال حديث أن البيزو الأرجنتيني غير مستقر لدرجة أن الناس إما ينفقون أموالهم بسرعة أو يحولونها إلى الدولار الأمريكي.

تحدد الحكومة الأرجنتينية عدد الدولارات التي يمكن للناس شراؤها، لذا فهم يدفعون ضعف سعر الدولار “الأزرق” في السوق السوداء، لقد تعلم الأرجنتينيون الذين يعيشون مع هذه الفوضى الإقتصادية عدم الثقة في المؤسسات المالية مثل البنوك والعملة المحلية.

كتبت ستيوارت، التي قضت بعض الوقت مؤخرًا في الأرجنتين: “الشيء الذي يتعلق بالثقة في المؤسسات هو أنه بمجرد ضياعها، من الصعب استعادتها”.

تدرك السلطات الأرجنتينية هذه الحقيقة لهذا فقد عرضت مؤخرا على البرازيل فكرة انشاء عملة موحدة، لكن هذا يجعل البلد اللاتيني صاحب أكبر اقتصاد في المنطقة يخاطر باستقراره النقدي والمالي.

في الأرجنتين الكثير من الناس غير قادرين على الادخار، والحكومة تجعل من الصعب حقا الحصول على الدولارات، لذا ينتهي الأمر بمعظم الناس في السوق السوداء، التي يسمونها الدولار “الأزرق” والتي يفضلون التعامل بها.

في السوق الرسمية سعر الدولار هو حوالي 216 بيزو بينما في السوق السوداء هو 440 بيزو لكل 1 دولار أمريكي، ما يجعلها من أرخص العملات في العالم.

في عام 2015 كان سعر كل دولار هو حوالي 10 بيزو، وقد تراجع في السوق الرسمية إلى 216 و 440 بيزو في السوق السوداء حاليا وهو ما يؤكد على حدوث انهيار كبير.

من المؤكد أن الشعب الأرجنتيني لا يثق بالعملة التي تصدرها سلطات بلاده وهذه الثقة التي انكسرت لن يكون من السهل استعادتها واصلاحها، لذا يفضل الناس هناك الدولار الأمريكي، وهم يريدون التحول إلى استخدام العملة الأمريكية بشكل أكبر والتسامح معها.

هل يمكن أن تتحول الأرجنتين إلى واحدة من الدول التي تستخدم الدولار الأمريكي كعملة رسمية؟ كل شيء وارد، لكن ربما يتطلب هذا مزيدا من انهيار عملة هذا البلد وفقدان الناس الأمل نهائيا فيها.

تعود جذور الوضع المتوتر في الأرجنتين إلى المجالين السياسي والاقتصادي، الأسباب السياسية هي الضعف الشديد لحكومة فرنانديز، واستطلاعات الرأي المتعلقة بانتخابات أكتوبر الرئاسية.

في المقابل، تقل احتياطيات البنك المركزي الصافية عن ملياري دولار، ومن الواضح أنها غير كافية للحفاظ على العملة الوطنية وتجنب انخفاض حاد في قيمة العملة مثل تلك التي شهدها الاقتصاد الأرجنتيني في عدة مناسبات في العقود الأخيرة.

على سبيل المقارنة، تمتلك البرازيل المجاورة، التي يبلغ حجم اقتصادها خمسة أضعاف حجم الأرجنتين، احتياطيات تبلغ حوالي 350 مليار دولار.

تتفاوض الأرجنتين على مراجعة الاتفاقية التي أبرمتها مع صندوق النقد الدولي، لأنه من المستحيل عليها أن تفي بالعجز المالي وأهداف تراكم الاحتياطي، تؤيد حكومة جو بايدن تخفيف المطالب، لأنها تريد تجنب الإنهيار الاقتصادي لعضو في مجموعة العشرين، لكن ألمانيا واليابان، اللتان تتمتعان بثقل كبير في مجلس إدارة صندوق النقد الدولي، لا ترحبان بإعطائها فرصة جديدة.

وعلى ما يبدو لن ينتهي مسلسل انهيار البيزو الأرجنتيني في أي وقت قريب ما يشجع المواطنين هناك على التعامل أكثر بالدولار الأمريكي.

إقرأ أيضا:

عملة موحدة بين البرازيل والأرجنتين مشروع فاشل وفكرة سياسية

قصة انهيار البيزو الأرجنتيني وبورصة الأرجنتين أغسطس 2019

انهيار البيزو الأرجنتيني واندلاع الأزمة المالية في الأرجنتين

أسوأ العملات النقدية التي تخسر أمام الدولار لعام 2022

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

تابعنا على فيسبوك 

تابعنا على اكس (تويتر سابقا)