استحواذ أوبر على كريم هزيمة أخرى للشركات الناشئة العربية

للأسف يختصر رائد الأعمال المحلي النجاح في بناء شركة ناشئة وبيعها ببضع ملايين من الدولارات او حتى المليارات من الدولارات لشركة عملاقة أجنبية.

يكون لدى رائد الأعمال في هذه الحالة خيارين أحلاهما مر، الأول هو أن يبقى على رأس الشركة لكنه موظف لدى الشركة التي استحوذت على شركته، أو يرحل وغالبا لن نسمع به مجددا.

استحواذ أوبر على كريم بقيمة 3.1 مليار دولار ذكرني بما حدث قبل عامين عندما استحوذت أمازون على سوق دوت كوم، كمية التهليل والتطبيل هائلة.

أعلنت كريم عن الخبر في موقعها باللغة الإنجليزية بينما أعلنت عنه أوبر الأمريكية بالعربية، وهذه أيضا مفارقة عجيبة ومضحكة.

الخبر الموجه لعملاء الشركة التي تتخذ من دبي مقرا لها، يفترض أن توفر الخبر بالعربية لأن أغلب عملاؤها يفهمون العربية بالأساس من المغرب إلى باكستان، لكن أنظر من فعل ذلك؟ أوبر الأمريكية.

هناك جانب ايجابي بالطبع مما حدث، لكن الجانب السلبي يطغى لدي عندما يتعلق باستحواذ شركة اجنبية على شركة محلية ناشئة، فتجربة مكتوب مع ياهو ليست ببعيدة عنا، فقد خسر الويب العربي شبكة عملاقة من المحتوى المحلي لأن مؤسسها فضل البيع على الاستمرار وتحقيق أرباح أضخم مما كسبه.

  • الشركات الناشئة العربية تنمو بقوة

في شمال أفريقيا والشرق الأوسط هناك حركة ايجابية لإنشاء الشركات الناشئة والإستثمار في الويب العربي وتحقيق النجاحات وغزو الأسواق المحلية وبناء قاعدة عملاء عريضة وكبيرة.

لا نختلف في أنه لدينا شباب موهوبون، سواء كانوا ينسخون الخدمات العالمية ويعملون على توفيرها بالعربية وبمزايا تلائم الأسواق المحلية وعقلية العميل المحلي، أو كانوا يخترعون خدمات جديدة كليا.

ظهرت خلال السنوات الأخيرة الكثير من الشركات الناشئة العربية والمحلية في معظم المجالات والقطاعات، بل وأيضا ازدادت قيمتها السوقية وأصبحنا نرى شركات تقدر قيمتها السوقية بأكثر من مليار دولار أمريكي.

ولأننا في أسواق ناشئة ولديها مستقبل أفضل فهناك نشاط استثماري قوي من جانب الشركات الإقليمية والعالمية التي تستحوذ على الشركات الناشئة الناجحة في المنطقة.

  • الإستحواذ على شركة كريم

لطالما قدمت شركة كريم نفسها على أنها البديل الأفضل والمحلي أيضا لشركة أوبر وخدماتها وهي تعمل في 15 دولة إضافة إلى أكثر من 100 مدينة عدد منها لا تتواجد بها الشركة الأمريكية التي تواجه مشاكل في التوسع وتركز على أسواق عالمية أخرى.

توسعت كريم من تقديم خدمة النقل عبر السيارات إلى خدمات توصيل السلع وشحنها إضافة إلى النقل عبر الحافلات أيضا.

وقد وصلت قيمتها السوقية إلى أزيد من ملياري دولار بعد الجولة الإستثمارية الأخيرة، بينما نظيرتها الأمريكية تستعد لطرح أسهمها في البورصة الأمريكية الشهر المقبل.

كريم تتخذ من دبي في الإمارات مقرا لها ومن هناك تدير عملياتها في مختلف الدول وبالطبع كل دولة لديها كادر خاص بها والمسؤولين عن عملياتها وإنشاء التقارير حولها وارسالها للإدارة العليا.

  • هزيمة أخرى للشركات الناشئة العربية

نحن نطمح بالفعل لرؤية الكثير من الشركات الناشئة المحلية والعربية تنجح بل وتتحول إلى شركات عملاقة في المستقبل، لكن على ما يبدو فإن أبرز الأسماء ستكون مجرد أجزاء مكملة لعلامات تجارية عالمية وأمريكية.

في الصين على سبيل المثال نجد أن الشركات الناشئة هناك تنجح وتنمو وترفض عروض الإستحواذ عليها خصوصا من الشركات الغربية إلا نسبة قليلة يمكن أن تقبل بذلك، حتى أنه لدى هذه الدولة المئات من الشركات منها العشرات التي تشكل بدائل جيدة للخدمات الأجنبية والعالمية وهي تتفوق في السوق الصينية لدرجة أن الشركات العالمية تفشل في الحصول على قطعة معتبرة من الكعكة.

هذا ما نريد أن نراه في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شركات محلية ناجحة في مختلف القطاعات تخاطب العملاء بلغتهم، وترفض صفقات الإستحواذ عليها خصوصا من الشركات الأجنبية والعالمية، وتستمر في إدارة مشاريعها بنفسها وفق سياساتها.

فهناك عدة عيوب لاستحواذ الشركات العالمية على المحلية العربية، منها أن تلك الشركات قد تتدخل في سياسة الشركة التي تم الإستحواذ عليها وبالتالي تقديم خدمات قد لا تكون ملائمة للأسواق المحلية، أو أن السر وراء الإستحواذ هو الحصول على فريق من الخبراء لتطوير منتجاتهم العالمية والتخلص من المنتج المحلي لاحقا، كما أن الشركات العالمية من السهل لديها تسريح الموظفين إذا كانت لديها مشاكل مالية وهي تفضل عادة التخلص منهم في الأقسام الجانبية والشركات التابعة لها.

استحواذ الشركات العالمية على المحلية والعربية يكرس الهيمنة الغربية في المنطقة إضافة إلى التبعية المحلية للعالم الغربي.

 

نهاية المقال:

لو كنت مكان السلطات التنظيمية في الإمارات سأرفض هذه الصفقة، فشركة أوبر ليست أفضل من كريم في جودة الخدمات والتقنيات ولن تقدم أي قيمة إضافية للمستخدم المحلي … هنيئا لكل من أوبر والبورصة الأمريكية والهيمنة الغربية.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز