بلاك بيري ليست نوكيا: هذا ما راهنت عليه وأدركته الأزمة المهزومة

شكرا جون تشين

لم تكن لدي أي خبرة في الشركات والأزمات عندما توقعت سقوط نوكيا وحدث بعد سنوات على التوقع، بينما عندما عينت بلاك بيري الصيني جون تشين رئيسا تنفيذيا لها راهنت على نجاحه وهو ما يحدث الآن.

سقوط بلاك بيري كان من المفترض أن يحدث بعد قترة من نهاية سقوط نوكيا، فكلاهما تأخرا عن اللحق بقطار الهواتف الذكية واستمرا في إصدار موديلات مكررة ومتشابهة.

لكن ما تميزت به بلاك بيري ليست شهرتها وشعبيتها القوية والتي لم تصل لما وصلت إليه عملاق فنلندا، بل اتخاذ قرار جريء وصحيح وهو تعيين الصيني جون تشين نهاية 2013 بعد سلسلة من القادة الفاشلين المتمسكين بثوابت الشركة في معركة ضد أزمة قاتلة لا تعترف بالمبادئ ولا بالأعراف ولا التاريخ.

مع أولى المقابلات الصحفية التي شارك فيها أعجبت باستراتيجية جون تشين التي بدأت تتضح لي معالمها مع كل مقابلة صحفية ومع كل قرار يتخذه.

أعطى نظام بلاك بيري 10 الفرصة الأخيرة من خلال صدور هواتف ذكية تعمل به منها ما يأتي مع لوحة المفاتيح الفيزيائية وما يأتي بشاشة لمسية كاملة.

وعملت الشركة في عهده على تطوير هذا النظام والتعاقد مع أمازون لتوفر متجرها من التطبيقات على نظامها ما وفر للمستخدمين المزيد من التطبيقات والألعاب لاستخدامها على أجهزتهم، وعملت أيضا على تحسين التسويق والتركيز على الأسواق الصاعدة.

أيضا فقد عمل على توفير تطبيقات الشركة لمنصة أندرويد و آيفون، لعل في مقدمتها تطبيق بلاك بيري ماسنجر.

 

  • تبني أندرويد وتطوير المزيد من التطبيقات

كانت محطة تبني أندرويد مهمة بالنسبة للشركة الكندية التي لطالما نافست بهواتفها وأجهزتها الهواتف التي تعمل بنظام أندرويد، اتخذ جون تشين هذا القرار وقرر قتل بلاك بيري 10 في صمت.

محاولات جديدة من الشركة بدأت مع الهاتف التاريخي BlackBerry Priv الذي يعد أول هاتف منها بهذا النظام والذي بيعت منه 700 ألف نسخة في ظرف أشهر قليلة.

من جهة أخرى عملت الشركة على تطوير مختلف تطبيقاتها وحلولها وتوفيرها على أندرويد للربح منها بطرق مختلفة وزيادة شعبيتها.

 

  • التخلي عن تصنيع هواتفها بنفسها للتخلص من الخسائر

وإلى زيادة المبيعات التي يحاول جون تشين تحقيقها كان همه الرئيسي هو التخلص من الخسائر والتقليل من التكاليف التشغيلية والرفع من هامش الربح.

اكتشفنا مع بلاك بيري في النهاية أن تصنيعها للهواتف بشكل مباشر ليست عملية مربحة في النهاية، ولهذا قرر جون تشين التوقف عن تصنيع هواتف بلاك بيري بشكل مباشر.

حصلت بناء على هذا القرار العملاقة الصينية TCL Corporation على الحق في استخدام العلامة التجارية الكندية، من خلال ابتكار وتطوير وانتاج هواتف بلاك بيري تعمل بنظام أندرويد وتحمل واجهة برمجية وتطبيقات افتراضية من العملاق الكندي.

واهتمت بلاك بيري عوض بالإنتاج والتقليل من التكاليف والتوزيع، بتطبيقاتها الكثيرة التي وفرتها لمنصة أندرويد وارسال التحديثات الأمنية شهريا لهواتفها إضافة إلى تطوير واجهتها الذكية التي يتم تركيبها على هواتفها التي تنتجها TCL Corporation.

 

  • التركيز على حلول الشركات وقطاع السوفتوير

يدرك جون تشين جيدا نقاط قوة بلاك بيري وهي الحماية وحلول الشركات التي تتعلق بهذا المجال لهذا ركز أكثر على الربح من هذا المجال والرافع من عائدات وأرباح الشركات بعيدا عن تصنيع الهواتف الذكية.

ومنذ بداية استراتيجيته الناجحة جاءت النتائج المالية لتؤكد مرارا وتكرارا على تنامي عائدات قسم السوفتوير بل وقدرته على إطالة صمود الشركة في مواجهة الأزمة التي دمرت قسم الهاردوير بالخسائر المتنامية حتى تخلصت منه أخيرا.

توسعت بلاك بيري إلى حلول السيارات الذاتية القيادة وإلى إنترنت الأشياء وركزت على الجانب الأمني والعملي لهذه القطاعات الصاعدة.

 

  • بداية حقيقية لنهاية الأزمة

طالت أزمة بلاك بيري التي استمرت لأزيد من 9 سنوات كان من المنطقي وفق ما حدث مع نوكيا أن تنتهي هي الأخرى منذ سنوات، لكنها الآن بدأت تتلاشى مع خسارة هذه المعركة القوية.

منذ 3 أسابيع كشفت بلاك بيري عن النتائج المالية للربع الثالث وهي أول نتائج مالية مربحة، حيث شهدت ارتفاع العائدات من قسم السوفتوير بنسبة 26 في المئة محققة 196 مليون دولار، وهي أكبر من العائدات التي توقعها العديد من المحللين وكانت محددة على 175 مليون دولار.

ومقابل خسارتها 372 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2016 حققت هذه السنة أرباحا وصلت إلى 19 مليون دولار.

وازدادت عائدات البرامج والخدمات ورسوم الترخيص لتصل إلى 56 مليون دولار مقابل 16 مليون دولار في العام السابق.

 

نهاية المقال:

منذ وصوله إلى قيادة بلاك بيري خلال نوفمبر 2013، راهنت على نجاح الصيني جون تشين في انقاذ الشركة رغم مرور وقت قصير على سقوط نوكيا وتحقق واحدة من أهم توقعاتي.

الآن عادت بلاك بيري إلى الربح مجددا وقد تخلصت من الخسائر وقسم الهاردوير الذي شكل قاعدة أساسية لتمدد الأزمة، وقد توسعت الشركة إلى إنترنت الأشياء ومن المفترض أن ترتفع أرباحها وتضمحل الأزمة في نهاية قصة طويلة ومثيرة.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز