ارتفاع النفط يعني انتصار محمد بن سلمان حليف روسيا

يستمر ارتفاع النفط ليتجاوز 100 دولار، ليس فقط بسبب غزو روسيا لأوكرانيا ولكن لأن أوبك بلس التي تتزعمها السعودية ترفض زيادة انتاج النفط منذ مدة طويلة.

ولمن لا يعرف فهناك خلاف حاد بين الأمير السعودي محمد بن سلمان والإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن، والتي تحاول عزله منذ مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في سفارة بلاد في تركيا.

كان جو بايدن قد تعهد بعزل ولي العهد وهو يدافع على بعض البدائل، لكن إلى الآن لم ينجح في ذلك، وهو يتواصل مع ملك السعودية من وقت لآخر.

ومن المعلوم أن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ليس الحاكم الفعلي للمملكة، فولي العهد هو الذي دخل حرب اليمن وهو الذي يتزعم الإصلاحات الداخلية ومحاربة الوهابية في المملكة، وهناك اختلافات في الرؤى مع والده، خصوصا فيما يخص التطبيع مع إسرائيل والمشاركة في التسوية الشامل التي تشارك فيها دول مثل الإمارات والأردن ومصر والمغرب والبحرين وسلطنة عمان.

ارتفاع النفط مكاسب كبرى للمنتجين مثل السعودية

قفزت شركة أرامكو السعودية إلى المرتبة الثانية كأكبر الشركات على مستوى العالم من حيث القيمة السوقية، بقيمة سوقية بلغت 2.25 تريليون دولار.

يعد هذا إنجازا مهما لشركة تنتمي إلى قطاع يعاني منذ 2014 بشكل فادح، وبينما يؤكد على أهمية النفط في الوقت الحالي فهذا لا يعني أن الذهب الأسود سيظل مهما للغاية مستقبلا.

لكن ارتفاع النفط يصب في صالح العائدات التي ستحققها السعودية لتمويل الإصلاحات وحتى الحرب التي تستنزف الاقتصاد في اليمن، ما يعني أن إيرادات المملكة من النفط تصل إلى أكثر من 3.5 مليار ريال يوميا أو 1 مليار دولار على الأقل.

بقية المنتجين حول العالم يمكنهم الإستفادة من الوضع الحالي، وتعد روسيا لاعبا مهما في سوق النفط، وهي الأخرى لا تريد زيادة الإنتاج وتفضل الوضع الحالي.

انتصار شراكة السعودية مع روسيا

بينما تركز وسائل الإعلام على الصراع في أوكرانيا، تم التغاضي عن سبب رئيسي لارتفاع أسعار الغاز: نمت شراكة موسكو مع المملكة العربية السعودية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما منح أكبر منتجي النفط في العالم قدرة غير مسبوقة على التواطؤ في رفع أسعار النفط.

تدهورت علاقة السعودية مع الولايات المتحدة في غضون ذلك، كما ظهر في وقت سابق من هذا الشهر، عندما ناشد الرئيس جو بايدن السعوديين زيادة إنتاج النفط وهي خطوة لم تكن لتساعد فقط في التخفيف من ارتفاع التضخم وأسعار الغاز، ولكن أيضًا خفض أرباح روسيا الباهظة وسط عدوانها على أوكرانيا، وقد رفض الملك السعودي.

ازدهرت العلاقات السعودية والروسية في ظل الحاكم الفعلي للسعودية، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي عُقد أول اجتماع رسمي له مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في صيف عام 2015.

وواصل محمد بن سلمان الاجتماع بعد أن رفض الرئيس آنذاك باراك أوباما الاجتماع معه، ومنذ ذلك الحين وهناك خلاف بين ولي العهد مع قادة الولايات المتحدة الأمريكية باستثناء دونالد ترامب.

نظرًا لأن بايدن يرفض مقابلة محمد بن سلمان بسبب مسؤوليته عن القتل المروع للصحفي جمال خاشقجي، فقد يرى ولي العهد مرة أخرى في موسكو الحليف والصديق المهم، والذي يستفيد بشكل كبير من رفض محمد بن سلمان زيادة إنتاج النفط.

سلاح النفط لدى السعودية والتحالف الأمريكي معها

بحلول عام 2018، أصبح تحذير المملكة العربية السعودية بشأن الحد من إنتاج النفط حقيقة واقعة، أثار هذا الأمر غضب الرئيس دونالد ترامب، الذي كان يواجه انتخابات التجديد النصفي وأسعار النفط المرتفعة مثلما هو الحال مع بايدن اليوم، لكن على عكس بايدن تمتع ترامب بعلاقات دافئة بشكل غير عادي مع السعوديين، بعد أن قلب التقاليد الرئاسية الأمريكية القديمة من خلال اختيار الرياض لأول زيارة رسمية له إلى الخارج، وأشاد بولي العهد الشاب، وسمح بأكبر بيع أسلحة للسعودية في تاريخ الولايات المتحدة، واعترض على التشريع الذي يحظر مبيعات الأسلحة، ودافع عن محمد بن سلمان ضد الاتهامات بما في ذلك من مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتورط في مقتل خاشقجي.

امتثل محمد بن سلمان لطلب ترامب، ورفع إنتاج النفط بشكل حاد، مما تسبب في انهيار الأسعار إلى أقل من 60 دولارًا للبرميل. (وصل سعر النفط اليوم إلى ما يقرب من 100 دولار للبرميل)، ثم خلال موسم انتخابات 2020، وسط تباطؤ الطلب الناجم عن الوباء، طلب ترامب من السعوديين خفض الإنتاج لحماية صناعة النفط الصخري الأمريكية المتعثرة وتم بالفعل ذلك.

اليوم مطلوب من جو بايدن اتباع نفس السياسة من خلال تجاوز الخلاف حول مقتل خاشقجي، خصوصا وأن الموضوع أصبح سياسيا وحاولت دول مثل تركيا استغلاله ضد المملكة العربية السعودية، وهذا كي يتراجع النفط مجددا إلى مستويات معقولة وفي صالح الإقتصاد العالمي.