إذا كنت من مستخدمي تطبيق فيس بوك على الهواتف الذكية، فمن الواضح أنك لاحظت أمورا مريبة مثل ظهور إعلان لمنتج لم تقم بالبحث عنه في جوجل ولا ولوج صفحته من قبل على فيس بوك، ولا حتى مصارحة أحدهم من خلال ماسنجر أنك تفكر في شراءه، ورغم ذلك تفاجأت أنه عند فتح التطبيق ظهر لك إعلان له!
خلال الفترة الماضية رأيت فعلا العديد من المنشورات على فيس بوك لأشخاص يستغربون من هذه الظاهرة، وهم يتساءلون بصدق: من أين يعرف فيس بوك أنني أفكر في شراء المنتج الفلاني؟ لم أخبر أحدا عبر تطبيقات الدردشة بذلك ولم أبحث عنه في جوجل ولم أكتب اسمه حتى في تطبيقات التقويم والمذكرات!
ظل هذا السؤال مطروحا لفترة، لكن الخبراء الأمنيين لم يتركوه بدون جواب ليؤكد تقرير نشرته صحيفة الاندبندنت البريطانية، أن الأمر أعمق مما تتصور، تطبيق فيس بوك يستخدم ميكروفون الهواتف الذكية دون تصريح المستخدمين ويسجل الأصوات ويتنصت من خلاله على ما يقال في محيط الجهاز!
في البداية نفت الشركة الأمريكية هذه التقارير مسبقا وعادت لتؤكد الآن أنها تستخدم ميكروفون الهاتف الذكي في التنصت لأغراض تحسين تجربة المستخدم، لكن هذا يحدث بموافقة المستخدمين.
هل سبق لك ولاحظت من قبل رسالة من التطبيق يسألك: هل تسمح لي باستخدام الميكروفون لغرض من الأغراض؟ الجميع يجيبون بالنفي.
-
فيس بوك يستخدم الميكروفون لغرض واضح
من خلال تلك المشكلة التي يتحدث عنها المستخدمين خلال الأشهر الأخيرة والتي تطرقنا إليها آنفا، استنتجت شخصيا أن فيس بوك لا يقوم بتسجيل الاصوات المحيطة للجهاز من خلال الميكروفون هباء منثورا، فهذه العملية مكلفة لخوادمه التي ستستقبل المزيد من البيانات التي يحتاج إلى تخزينها قبل تحليلها.
أيضا هي عملية مؤكد أنها تؤثر على أداء التطبيق لذا من الطبيعي أن نجد التطبيقات الرسمية منها مستنزفة للبطارية وموارد الأجهزة أكثر من تطبيقات الطرف الثالث مثل تطبيق Metal for Facebook & Twitter المتفوق في الحفاظ على الطاقة بنسبة 20 في المئة على هواتف أندرويد.
هناك ترابط فعلا بين تلك الرواية التي يتداولها الناس بكثرة مؤخرا، وبين هذا التحقيق من الصحيفة البريطانية ألا وهو ان فيس بوك تستخدم الميكروفون في تسجيل وتحليل الاصوات والمكالمات الهاتفية ومنها استغلالها لأغراض إعلانية على الأقل.
فمثلا إذا كنت تحمل هاتفك الذكي في جيبك أو وضعته بالقرب منك أو حتى تستخدمه وأنت تتحدث مع أحدهم حول منتج معين أو علامة تجارية، يمكن ان يعرض لك فيس بوك في الجلسة التالية للتصفح إعلانا له في حالة كانت تلك الشركة من المعلنين على هذه الشبكة.
وفي حالة عدم وجود الإعلان فإن فيس بوك يعرف أنك مهتم بذلك المنتج وسيعمل على إظهار إعلانات لمنتجات مشابهة.
-
هل يمكن أن تمنح فيس بوك تلك البيانات لجهة حكومية؟
ليس واضحا إن كانت الشركة الأمريكية تتعاون في هذا الإطار مع الحكومة الأمريكية، لكن كونها تجمع بيانات لم تدخلها في منشورات على شبكتها أو تتبادلها على ماسنجر وبقية خدماتها غير مقبول، فليس من حقها أبدا أن تجمع تلك المعلومات وتسجلها عنك مهما كان الغرض الذي تريد لأجله هذه المعلومات.
أنا أتفهم تحسين الإعلانات من خلال جمع اهتمامات المستخدمين من سجل التصفح والصفحات التي يتابعها لكونها بيانات أدخلها في تطبيقاتهم وخدماتهم أساسا، لكن أن تستخدم ميكروفون هاتفه للتنصت عليه وتسجيل كلامه هو أمر في غاية الإستفزاز وتدخل سافر في خصوصيته وخصوصية الأفراد القريبين منه.
مشروع التجسس الأمريكي العملاق بريزم تورطت فيه كل الخدمات والشركات الأمريكية، حتى تلك التي تحاول أن تقنعنا بأنها المحامية على الخصوصية منافقة وكاذبة، وفيس بوك يمكنها أن تتعاون مع الحكومة الأمريكية سرا كبقية الشركات.
نهاية المقال:
الجيد في هذه القصة أن فيس بوك اعترفت بأنها تتنصت على الملايين من مستخدميها من خلال تطبيقها الذي يستغل الميكروفون لتسجيل الأصوات المحيطة بالهواتف الذكية، وفيما تضيف بأنها تطلب السماح بذلك من طرف المستخدمين إلا أنها كاذبة في هذا الجزء من روايتها.