5 أسباب لتزايد تكلفة المعيشة وأسعار السلع والخدمات باستمرار!

تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة تزداد كما هو الحال في بلدك!

كلنا نعرف أن أسعار المنتجات قبل سنوات وخصوصا في طفولة آبائنا كانت أرخص بكثير مما عليها الآن، يخبرنا الآباء والأجداد بأن قليل من المال حينها يجلب لهم قوت يومهم.

في المغرب على سبيل المثال كان درهم واحد خلال سنوات القرن الماضي، يأتي بخبزة مع علبة السردين ويمكن أن يتبقى للمشتري المزيد من الفكة.

الآن في عهدنا فإن سعر خبزة لا تقل عن 1.20 درهم، بينما علبة السردين الأرخص لن تحصل عليها بأقل من 3 دراهم.

هذا مجرد مثال واحد، ونسمع أيضا عن أن العقارات حينها كانت رخيصة، الأراضي يمكن شراؤها بثمن يعد حاليا زهيدا، الذهب متاح بسعر مغري وبقية السلع والخدمات لا تتطلب الكثير من النقود.

الوضع هو نفسه في بقية الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغنية، كانت الدولارات والعملات الأخرى المختلفة ذات قوة شرائية أكبر من قبل وهو ما يظهر في الصورة أعلاه حيث معظم السلع والخدمات ازدادت تكلفتها بصورة ملحوظة منذ 1973 إلى 2015!

لهذا يطرح الناس هذا السؤال المهم: لماذا تزداد تكلفة المعيشة وأسعار السلع والخدمات مع مرور الوقت؟ ما الذي حدث بالضبط؟

 

  • تراجع القدرة الشرائية للعملات النقدية

كل العملات النقدية ودون استثناء تعاني من تراجع القدرة الشرائية لها، حتى أن 100 دولار عام 1990 ليست هي 100 دولار عام 2018 ونفس الأمر لبقية العملات.

إذا كانت 100 دولار يمكنك أن تكتري بها منزلا كبيرا في القرن الماضي فإنها حاليا لا تكفي لفعل ذلك، بل إن 100 دولار اليوم تعادل القدرة الشرائية لحوالي 3.5 دولار عام 1990.

هذا التراجع طبيعي، إذ أنه تم فك ربط العملات مع الذهب والتخلي عن النظام الذهبي، كما أن طباعة النقود وتوفيرها بسعر فائدة قليلة أدى إلى اغراق العالم بالمال الرخيص.

ولا ننسى بالطبع التعويم وارتباط عملات أخرى بالدولار والعملات التي تم تعويمها، إضافة إلى سياسة بعض الدول في التقليل من قيمة عملاتها مقابل العملات المنافسة من أجل التفوق في معركة التصدير.

كل هذه السياسات المالية تجعل القدرة الشرائية في تراجع، إذ ما يمكن أن تحصل عليه بقيمة 100 دولار قبل 5 سنوات لم يعد ممكنا الآن.

أنصحك بقراءة: عن خسارة الدولار 98% من قدرته الشرائية وارتفاع الذهب 53 مرة منذ 1900 إلى الآن

 

  • ارتفاع عدد سكان العالم ومحدودية الغذاء

هناك تزايد في عدد الساكنة بالعالم، ولو لاحظت فإن البلدان المحلية تتزايد عدد ساكناتها، مصر مثلا لم تكن بها 100 مليون نسمة تقريبا كما الآن وعدد سكانها في تزايد بوثير متسارعة.

ورغم الحروب وقتلى حوادث السير والوفيات تظل الولادات في تزايد قوي، على أساسها تتغلب الزيادة السنوية لعدد البشر على المفقودين والوفيات.

ارتفاع عدد سكان العالم يعني ارتفاع الاستهلاك وارتفاع الطلب، وحسب قاعدة العرض والطلب فإن الأسعار ستتزايد.

 

  • ارتفاع الطلب على السلع والمنتجات والخدمات

هناك طلب هائل على المواد الخام المستخدمة في التصنيع، وهناك طلب متزايد على الطاقة والغذاء، والطرق القديمة للإنتاج والزراعة لم تعد تصلح، لهذا تتطور عمليات الإنتاج وتتزايد التكاليف.

الطلب المتزايد لوحده يكفي من أجل زيادة أسعار السلع والمنتجات، دون أن نتحدث عن تراجع القدرة الشرائية للعملات النقدية.

الطلب المتزايد قد لا يعني أن احتياجات الناس هي التي تزداد، بل إن عدد الراغبين في الحصول على منتج أو سلعة أو خدمة معينة هو ما يزداد فعلا.

 

  • الإعتماد على الاستيراد بصورة كبيرة

الدول التي لا تنتج وتعتمد كثيرا على الاستيراد عادة ما تعاني من العجز التجاري، وتلجأ الدولة إلى فرض رسوم جمركية جيدة لتعويض العجز والاستفادة من هذا النشاط التجاري، والنتيجة أن تكاليف المنتجات والخدمات المستوردة عادة ما ترتفع مع مرور الوقت.

مع استمرار الطلب الكبير ووجود دول عديدة تستورد نفس المنتجات بكثافة من نفس المصدر أو الدولة فإن الأسعار ترتفع.

ويشكل هذا واحد من أهم أسباب الغلاء المتزايد في دول العالم الثالث وهي الدول التي تستهلك كثيرا ولا تنتج سوى القليل.

 

  • ربحية الشركات والمشاريع التجارية والرغبة في الرفع من الأرباح

رغم أن المنافسة عادة ما تدفع الشركات إلى طرح عروض مغرية من ناحية التسعير، إلا أنه في كثير من الأحيان ما تزداد الأسعار لأن المؤسسات التجارية تبحث عن هامش ربح جيد.

المنافسة ليست فقط على مستوى الحصة السوقية وعدد المبيعات بل أيضا على مستوى هامش الربح، ولدينا في آبل وقيام سامسونج بالسير على نهجها وتزايد أسعار الهواتف الصينية أوضح دليل.

المستثمرون في البورصة يساهمون في هذا التوجه من خلال الضغط على الشركات لزيادة هامش الربح.

وكما نرى أيضا في مثال إعلانات الإنترنت ومنها إعلانات فيس بوك فإن تكلفتها تتزايد عاما بعد عام وسعر النقرة في ارتفاع نتيجة الطلب الكبير على التسويق الإلكتروني ورغبة الشركات العاملة فيه لتحقيق أرباح أفضل.

القيمة السوقية للاعبين في الأندية الكروية في تزايد وقد أصبحنا الآن نرى صفقات تتجاوز 100 مليون دولار، القيمة السوقية للشركات في تزايد هي الأخرى وتقترب كل من آبل و أمازون و مايكروسوفت وجوجل من تريليون دولار كقيمة سوقية لها.

 

نهاية المقال:

هذه إذن الأسباب الخمسة التي أرى أنها تقف وراء تزايد تكلفة المعيشة وأسعار السلع والخدمات باستمرار، ليس فقط عربيا ولكن أيضا عالميا، الظاهرة التي ينتظر أن تستمر باستمرار النظام الإقتصادي الحالي.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

التعليقات مغلقة.