هل تتبنى مصر سياسة الطفل الواحد لإنجاح التنمية؟

هل تتبنى مصر سياسة الطفل الواحد لإنجاح التنمية؟

حققت مصر المعجزة لأنه يعيش بها أكثر من 100 مليون نسمة وهي في الأصل صحراء في غالبها، ورغم ذلك فقد حققت الإكتفاء في مجالات عديدة وتصدر مواد غذائية وفلاحية عديدة، إلا أن الإنفجار السكاني يجعلها تخسر المكتسبات الصناعية وتعتمد أكثر على الإستيراد.

مثل الصين التي بدأت إصلاحات 1979 بتنظيم النسل، هناك حديث متزايد ومن أعلى سلطة في البلاد عن ضرورة الحد من الإنفجار السكاني والسيطرة على تزايد المواليد الجدد، فهل تتبنى مصر سياسة الطفل الواحد لإنجاح التنمية؟

معطيات مقلقة حول النمو السكاني في مصر

وتقول الحكومة ببساطة أن جهودها في الإصلاحات والتنمية لن يتمتع بها الملايين من المصريين لكثرة عددهم وتزايدهم المتسارع، وقد نمى عدد السكان في آخر عقد من الزمن بحوالي 20 مليون نسمة.

وتتمتع مصر بنمو سكاني أكبر من بقية دول شمال افريقيا في الوقت الراهن، كما أنه يوازي تقريبا النمو السكاني المتسارع أيضا في اثيوبيا.

وفي ظل هذا الواقع ترتفع الأصوات المطالبة بتنظيم النسل من خلال قوانين واضحة، كما أن هناك برامج اجتماعية من شأنها أن تغير عقلية الآباء وتدفعهم لإنجاب طفل أو طفلين فحسب عوض إنجاب الكثير والمعاناة في معيشتهم وتعليمهم والإعتناء بهم.

وسبق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن قال: “النمو السكاني ما لم ينخفض إلى 400 ألف في السنة لن نشعر بما تقوم به الدولة.. الرقم المناسب لعدد سكان مصر الـ100 مليون نسمة هو 16 تريليون جنيه”.

ولتتضح هذه المشكلة أكثر للقارئ، فإن المعدل الحالي يعني مولودا جديدا كل 13 ثانية ونصف وهو ما يعني أن معدل النمو السكاني في مصر في عام واحد يساوي نصف معدل مواليد قارة أوروبا بأكملها.

ويخيف هذا المعدل المسؤولين في الدولة التي تجاوز عدد سكانها 100 مليون نسمة وسريعا ستصل إلى 110 مليون نسمة في السنوات القليلة القادمة.

الشيخوخة والفقر المائي:

كما أن هذا يفتح الباب في السنوات القادمة لمشكلة الشيخوخة أيضا والتي تهدد دول العالم، حيث سترتفع ميزانيات الإعانة الحكومية التي تقدمها لهذه الفئات التي تترك الشغل والعمل ومنها فئات تعتمد على تقاعدها ومدخراتها، لكن أغلبها بحاجة إلى مساعدة حكومية.

وحسب جهاز الإحصاء الحكومي فإن 6.9% نسبة المسنين في مصر عام 2017 من إجمالي السكان بهذا البلد.

أضف على ما سبق أن هذا الواقع يضغط بالفعل على الأمن المائي لمصر، حيث أنها وبضمان حصولها على حصتها التاريخية من مياه النيل، لن يكون ذلك كافيا وستحتاج إلى مصادر إضافية للمياه لتجنب الفقر المائي الذي يهدد البلاد في السنوات القادمة.

وتعمل الحكومة على إنشاء محطات تحلية المياه والمعالجة وتبحث عن حلول جديدة غير تقليدية من أجل تأمين المياه للشرب والزراعة والبناء.

هل تتبنى مصر سياسة الطفل الواحد؟

منذ عدة سنوات اقترح زيدان القنائي رئيس منظمة العدل والتنمية المصرية فكرة “رخصة الإنجاب”، وهي الرخصة التي ينبغي لمن يود أن ينجب الحصول عليها وهي التي يتمكن الحكومة من فرض القيود على إصدارها بعد إنجاب الطفل الأول أو الثاني حسب ما تراه الحكومة مناسبا لها.

في الأشهر الماضية قالت وزيرة التخطيط المصرية إن الحكومة تستهدف أن يصبح عدد المواليد للأسرة 1.8 طفل، فرد عليها الرئيس بأن المستهدف يجب أن يكون أقل من طفل واحد لكل سيدة.

ولدى مصر خطة تنمية مشابهة إلى حد ما لما شهدته الصين في عام 1979 وترغب بإنجاحها من خلال السيطرة على المواليد الجدد.

ولدى الحكومة المصرية خطة أن لا تزيد عدد المواليد للأسرة الواحدة عن معدل 1.8 طفل لكل سيدة عام 2042 و1.6 طفل عام 2052، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يرغب في خطة أكثر حزما من هذه.

وحاولت الحكومات المتعاقبة في مصر أن تنهي النمو السكاني المتسارع إلا أنها فشلت في ذلك، تراجع النمو السكاني السنوي من 2.7 في المئة عام 1961 إلى 2 في المئة عام 2019.

ويواجه المسؤولين حالة تشبت قوية من المتزوجين بفكرة الإنجاب وتعدد الأبناء وقد ارتبطت أيضا بمسألة الدين والتدين، ومقارنة بتونس أو المغرب فقد تراجع النمو السكاني السنوي بهما بصورة مهمة في العقود الأخيرة.

وعلى ما يبدو فإن البرامج الإجتماعية التي تخاطب النساء والمتزوجين من الرجال، والتي تسعى إلى اقناعهم بتقليل عدد المواليد، والتركيز على الجودة وليس الكم، ما هي إلا برامج اجتماعية فاشلة أو أنها ستحتاج لوقت أطول لتعطي نتائجها.

وهنا يأتي دور القانون والسياسات الاجتماعية التي قد تأتي بقوانين صارمة تفرض عدم تجاوز طفل واحد أو طفلين في أحسن الأحوال لكل أسرة جديدة.

وإلى الآن ترغب الحكومة في تغيير العقلية السائدة بالحوار والمنطق الرياضي الذي يفرض الإلتزام بإنجاب طفل واحد وتربيته جيدا وتنمية مهاراته وتنشئته على القيم، عوض انجاب أبناء عدة والتهاون في تنشئتهم.

لكن إذا استمرت مشكلة الإنفجار السكاني في مصر، فلن نتفاجأ إذا اتخذت الدولة قرارا صارما، ينهي الباب المفتوح لكثرة الأبناء.

إقرأ أيضا:

كوارث سياسة الطفل الواحد في الصين

اليابان: الذكاء الإصطناعي وحل مشكلة انهيار الإنجاب

إيلون ماسك يدافع عن الإنجاب من أجل استعمار المريخ

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز