منحنا فيس بوك بياناتنا ولا يجب أن نمنحها نقودنا أيضا

منحنا فيس بوك بياناتنا ولا يجب أن نمنحها نقودنا وأموالنا أيضا

أصبح واضحا أن عملة ليبرا التي يخطط فيس بوك لإطلاقها والتي ستديرها مؤسسة Libra Association، ما هي سوى محاولة أخرى من الشركة للوصول إلى نقودنا وأموالنا بعد أن استحوذ على بياناتنا وخصوصيتنا.

الشكل العام للمبادرة لا يوحي إطلاقا بأن الشركة لن تستفيد أكثر من شركائها مثل باي بال، غير أن إعلانها أيضا أنها ستطلق محفظة Calibra التي ستدمجها في تطبيقاتها هو ما يفتح باب مخاوفي.

من المعلوم أن Calibra شركة فرعية تابعة لشركة فيس بوك وليس لمؤسسة Libra Association، ومن المعروف أيضا أن المحفظة الرقمية يمكنها أن تتبع المعاملات المالية وتجمع معلومات عن المستخدمين.

في هذه الأيام عندما تتعرض منصة محفظة رقمية لاختراق معين وتسرق منها عملة بيتكوين أو كميات من العملات الرقمية، يمكن للشركة المطورة لها تتبع المعاملات وايجاد العملات المسروقة وايجادها وسحبها وتجميد عضويات المستخدمين المخالفين، بل وتم ابتكار تقنيات يمكن بها في نهاية المطاف اكتشاف الأشخاص الذين يقفون وراء تلك العمليات لاعتقالهم وتقديمهم للعدالة.

يحدث هذا في المحافظ الرقمية هذه الأيام ومع عملات رقمية مشفرة عالية التشفير والسرية، فما بالك بعملة ليبرا التي طورتها فيس بوك بنفسها؟

كل الإمكانيات السابقة ستتوفر لشركة فيس بوك وشركائها، وربما ستوفر لديها الوصول إلى بيانات أكثر من شركائها وهذا لأن الكثير من المعاملات المالية ستتم على Calibra التابعة لها.

من المعلوم أن هذه الشركة تعرف عنا الكثير، وربما أكثر من أصدقائنا وعائلاتنا وأقرب الناس إلينا، فالمزيد من الوقت يهدر على تطبيقاتها وخدماتنا.

وغالبا ستجد كل واحد منا يستخدم خدمة واحدة من خدماتها، أما الشخص العادي فليس غريبا أن تجد على هاتفه كل من واتساب مع فيس بوك وحتى انستقرام.

فضائح الخصوصية المتوالية خلال الأشهر الماضية وإلى الآن كشفت عن الوجه القبيح لهذه الشركة، فهي تجمع البيانات بلا كلل ولا ملل.

للأسف فالأغراض تتجاوز بيعها للمعلنين أو لتحسين نظامها الإعلاني، فقد استخدمت في التلاعب بالرأي العام الأمريكي بالإنتخابات الرئاسية لعام 2016، وإذا كنت تعتقد أن هذا لا يحصل فمنطقتنا فأنت لا تعرف جيدا هذه الشركة.

إذا كنت تستخدم خدمات هذه الشركة فهي تعرف عنك الكثير، بداية من معلوماتك الشخصية التي قدمتها ورقم هاتفك إلى جهات الإتصال واعز أصدقائك وأكثر الأشخاص الذين تتواصل معهم، تعرف الشركة أيضا توجهك الديني والسياسي والأخبار والمقالات التي تجذبك والصور ومقاطع الفيديو التي تتفاعل معها أكثر، وكذلك الشركات والعلامات التجارية المفضلة لديك، ولا يجب أن ننسى هواياتك وسفرياتك والأحداث الشخصية والعملية، وعواطفك ومزاجك وأوقات انشغالك وسلوكياتك.

كل هذه البيانات جعلت الشركة قادرة على التنبؤ بالخطوة التالية التي ستقوم بها، هل ستكتب منشورا جديد؟ أم ستتطلع على صفحة شخصية معينة أم تدردش مع شخص معين أو أنك ستقضي الوقت على انستقرام لمشاهدة صور نجومك المفضلين؟

في النهاية يترجم هذا إلى عرض المنشورات المناسبة لك في الوقت المناسب والإعلانات المناسبة، وربما تغييبك عن الواقع وحجب الحقيقة، وتقديمك للمعلنين والشركات وللتيارات السياسية والفكرية باختيارها لا باختيارك.

كل هذا كارثي، ولهذا السبب تتعرض هذه الشركة لحرب ضروس من وسائل الإعلام والمشرعين والمسؤولين ومن المنظمات التي تحارب الإحتكار.

فما بالك أن يكون فيس بوك على معرفة مادية وملموسة بنفقاتك ومعاملاتك المالية بكل تفاصيلها؟ هذا سيفتح للشركة كنزا عظيما من المليارات من الدولارات، وبالنسبة لك يتحول فيس بوك من مجرد موقع تتصفح وتستفيد منه إلى بنك رقمي لبياناتك ونقودك.

من الغباء أن ننقل نقودنا إلى عملة ليبرا ونخزنها على Calibra، لن نمنح نقودنا لشركة لم تحافظ على بياناتنا وخصوصيتنا التي سلمناها لها من قبل.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز