لماذا لم تتراجع أرباح فيس بوك وعدد المستخدمين رغم أزمة المقاطعة؟

يفترض أن تظهر أزمة فيس بوك في نتائج الربع الثاني أو الثالث!

النتائج المالية التي أعلنت عنها فيس بوك في الآونة الأخيرة والخاصة بالفترة الزمنية من يناير إلى مارس المنصرم، كانت جيدة للغاية.

تلك النتائج جاءت لتنفي جملة وتفصيلا أزمة فيس بوك، وتؤكد بأن الشركة في وضع ممتاز ماليا وحتى من حيث عدد المستخدمين الذي يواصل التصاعد.

إنها مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا، على الأقل كنا ننتظر أن نلاحظ تراجعا ببضعة ملايين من المستخدمين، لكن هذا لم يحدث بل ارتفع عدد المستخدمين النشيطين يوميا من 1.40 مليار مستخدم إلى 1.44 مليار مستخدم.

هذا يعني إضافة الشركة 49 مليون مستخدم نشط يوميًا والعدد الإجمالي للمستخدمين يصل إلى 2.2 مليار مستخدم لا يستخدمون يوميا هذه المنصة.

هجرة الملايين من فيس بوك هي حديث الساعة ونتاج لقيام الأمريكيين بمقاطعة هذه الشركة لم يظهر له أي أثر في النتائج المالية المعلن عنها.

وقد يجعلنا هذا نشكك في فاعلية المقاطعة وهل من أعلنوا عن حذف حساباتهم صادقون فعلا أم أن الشركة الأمريكية تتلاعب بالنتائج المالية وهذا خطير للغاية.

لكن بعد اطلاعي على الأرقام بالتفصيل وتفكيري العميق توصلت إلى بعض الأسباب المهمة التي منعت الأزمة من الظهور في النتائج المالية المعلن عنها.

 

  • ارتفاع عدد المستخدمين بدعم من الأسواق الناشئة

أعلن فيس بوك عن ارتفاع عدد مستخدمي شبكته الإجتماعية إلى 2.2 مليار مستخدم بنسبة 13 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

لكن الشركة لم تكشف عن أعداد المستخدمين حسب كل قارة ودولة، هل تراجعت في بعض الدول على حساب ارتفاعها القوي في بلدان أخرى؟ أجزم أن هذا حصل لكن لا توجد بيانات تؤكد صحة ما أقوله.

المؤكد أن فيس بوك يواصل حصد المزيد من المستخدمين بوثيرة قوية من الأسواق الناشئة ونتحدث عن الهند ودول آسيا إضافة إلى أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهذه القارات والمناطق لا تزال فيها الإنترنت ضعيفة بل إنه مناطق بها معزولة عن العالم.

الدليل على صحة كلامي، هو إعلان الشركة في النتائج المالية أن مبادرة Internet.org ساعدت 100 مليون شخص على الإتصال بالإنترنت، وبالطبع كسبتهم مستخدمين لخدمتها، وهذا ليقفز هذا العدد من 40 مليون شخص نهاية 2016.

هذا يعني أن الشركة كسبت في ظرف عام و 3 أشهر 60 مليون مستخدم جديد لشبكتها الإجتماعية من هذه المبادرة التي توصف بأنها لا تحترم حيادية الإنترنت إذ تمنع المستفيدين منها بالوصول إلى خدمات غير التي تسمح بها فيس بوك.

 

  • تركيز الشركة على المستخدمين النشيطين يوميا وشهريا

 

لدى فيس بوك 2.2 مليار مستخدم بينما عدد المستخدمين النشيطين يوميا يصل إلى 1.44 مليار مستخدم، فيما شهريا هناك 2.1 مليار مستخدم نشيط.

لكن أين هم 100 مليون مستخدم آخر؟ هناك فرضيتان الأولى هي أنهم لا يدخلون إلى الموقع كثيرا ربما مرة كل 45 مرة، أو ربما هؤلاء قد قاموا بتعطيل حساباتهم!

لا توضح الشركة عادة مصير هذه النسبة الصغيرة من المستخدمين والتي تقدر أعدادها بالملايين لكن هؤلاء أقل ولاء لهذه الشبكة الإجتماعية والأكثر استعدادا للهجرة.

 

  • تباطؤ واضح في دول المقاطعة يعوضه النمو القوي لفيس بوك في الدول الناشئة

بداية مع أعداد المستخدمين النشيطين يوميا أضافت فيس بوك مليون مستخدم في أمريكا الشمالية بعد أن فقدت هذا العدد خلال الربع الرابع من 2017.

وفي أوروبا هناك تباطؤ أيضا كما يتبين من الصورة أعلاه، حيث تضيف خلال كل ربع من 3 مليون إلى 5 مليون مستخدم جديد بدعم قوي من دول أوروبا الشرقية، لكن لا أرقام متوفرة لدينا تبين ما هي الدول الأوروبية التي تراجع فيها المستخدمين أو تعاني فيها الشركة من تباطؤ مع العلم أنه إن أعلنت عن ذلك ستظهر بريطانيا وألمانيا وفرنسا في مقدمة هذه الدول.

مقابل التباطؤ في الأسواق الرئيسية للمستخدمين النشيطين يوميا هناك تسارع بآسيا التي يزداد فيها المستخدمين النشيطين بصورة متسارعة وكذلك بقية العالم ونتحدث عن أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

نفس القاعدة تنطبق أيضا على نمو عدد المستخدمين النشيطين شهريا بالنسبة لهذه الشبكة الإجتماعية، وهو ما يوضح لنا بداية المعاناة في الأسواق الرئيسية التي تعد مهدا لحملة المقاطعة المستمرة.

 

  • حملة المقاطعة بدأت منتصف مارس الماضي!

ليس منطقيا أن تظهر أي آثار للحملة الجارية في نتائج الربع الأول من هذا العام، فهي نتائج لما حققته الشركة بين يناير إلى نهاية مارس.

كل شخص قام بحذف حسابه خلال منتصف مارس لن يدخل الحذف النهائي لحسابه حيز التنفيذ إلا بعد 14 يوم بعدها ستحتاج الشركة إلى 90 يوما للتخلص الكامل من بياناته.

بناء على هذه الحقيقة يبدو منطقيا لماذا لم تظهر أي أثار للمقاطعة والأزمة المتصاعدة على أعداد المستخدمين، ومن المفترض أن تظهر في نتائج الربع الثاني أو الثالث من هذا العام!

 

  • لماذا لم تتراجع الأرباح وتصاعدت بقوة؟

البداية أعلنت الشركة عن ارتفاع الايرادات بنسبة 49 في المئة لتصل إلى 11.97 مليار دولار أمريكي وربح من السهم قدره 1.69 دولار، فيما الأرباح الصافية وصلت إلى 5 مليارات دولار بارتفاع قدره 63 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.

نعم هذه أرقام ممتازة تبشر بالخير لهذه الشركة، لكن ما السبب يا ترى؟ فالشركة لم تؤكد ارتفاع المدة التي يقضيها المستخدمين على المنصة بل حذرت من أنها ستتراجع أكثر.

حسنا، السبب واضح، خوارزمية 2018 التي تعمل على قمع منشورات الشركات ووسائل الإعلام وتدفع هذه الأخيرة إلى الترويج المدفوع للمنشورات للوصول إلى الجمهور هي السبب.

ما دليلنا من ذلك؟ كما ترى فالشركة قد أعلنت عن تزايد المبلغ الذي تجنيه من كل مستخدم لديها، حيث عالميا قد وصل إلى 5.53 دولار مقابل 4.23 دولار خلال نفس الفترة من العام الماضي.

طبيعي أن يكون اقل من الربع الرابع حيث هذا الأخير تكون المنافسة قوية بين المعلنين وترتفع سعر النقرة وتكسب الشركة مالا أكبر من كل مستخدم.

كما يتضح لنا فإن وسائل الإعلام والشركات زادت من الإقبال على الترويج المدفوع وبسبب ارتفاع المنافسة ارتفعت سعر النقرة وارتفع العائد من كل مستخدم لشركة فيس بوك.

وفي الواقع توقعنا هذا، لكن الشركة بالطبع تخاطر بخسارة المعلنين الصغار والصاعدين ووسائل الإعلام الجديدة والشركات الكبرى ليست المصدر الوحيد للأموال التي يحصل عليها فيس بوك.

 

  • الأزمة لا توجد في انستقرام

إلى الآن يعيش انستقرام أفضل أيامه على الإطلاق ولا يزال الناشرين والمعلنين يشعرون بالرضا التام عن هذه المنصة.

قد نجد بعض المعلنين على فيس بوك ينفقون أغلب ميزانياتهم على الترويج بهذه الخدمة واكثر من الشبكة الإجتماعية الأكبر في العالم.

ومن المعلوم أن المنصة الإعلانية لفيس بوك هي التي يمكن منها للمعلن الإعلان على انستقرام وإلا فلا يمكنه ذلك.

 

نهاية المقال:

الآن أصبح واضحا لماذا يبلي فيس بوك جيدا على مستوى الأرباح وكذلك لماذا هجرة الملايين من المستخدمين لم تتضح لنا في البيانات الخاصة بالربع الأول من 2018، وكما أشرت سابقا يفترض أن تظهر الأزمة في نتائج الربع الثاني أو الثالث!

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز