كيف تستغل ألمانيا أزمة اللاجئين السوريين في بناء اقتصاد أفضل؟

أهلا بكم في ألمانيا

خلال العام المنصرم أنفقت ألمانيا 23 مليار دولار على اللاجئين السوريين، فيما أعلنت اليوم الجمعة أنها ستنفق نفس الميزانية عليهم للعام الثاني على التوالي وهذا خلال السنة الجارية، ونتحدث عن 46 مليار دولار تكلفة أزمة اللاجئين بالنسبة للإقتصاد الألماني الذي لا يعيش أفضل أوقاته.

هذا يدفع عامة الناس للتساؤل عن دوافع الحكومة الألمانية في استقبال اللاجئين واستمرار سياستها بالرغم من المعارضة القوية داخليا وتباطؤ الإقتصاد الألماني ضمن اقتصادات اليورو التي تعاني بشكل عام.

والحقيقة أنه لا يوجد أي دافع انساني وراء هذه السياسة وهي خطوة تخدم الإقتصاد الألماني على المدى البعيد، وهذا ما يسمى ببساطة استغلال الأزمات واستثمارها على نحو جيد.

 

  • وزيرة العمل والشؤون الاجتماعية الألمانية: أزمة اللاجئين فرصة طال انتظارها!

البداية من العودة إلى تصريح لوزيرة العمل والشؤون الاجتماعية الألمانية السيدة أندريا ناليس، والتي ترى في أزمة اللاجئين السوريين فرصة كبيرة طال انتظارها بالنسبة للألمان بشكل خاص.

تحتاج ألمانيا إلى الخبراء والمهندسين والعقول النيرة والطاقات الشابة التي تعمل للمستقبل وهي موجودة في سوريا، وانتقال إلى البلد الأوروبي هو فوز كبير بالنسبة لها.

الوزيرة الألمانية أضافت قولها أن نسبة 70% من اللاجئين لم تتجاوز أعمارهم مستوى 30 عاما، أي أننا نتحدث عن شباب لديهم القدرة للعمل لمدة 30 عاما أخرى لأجل الإقتصاد الألماني.

 

  • اللاجئين السوريين سيتم دمجهم في ألمانيا

تعد ألمانيا البلد الأوروبي الأكثر استقبالا للاجئين فضمن 270 ألف لاجئ في أوروبا خلال 2015 نجد 99 ألف منهم استقبلتهم البلد الأكبر اقتصاديا في القارة العجوز.

وبفضل تزايد الوظائف الشاغرة بسوق العمل الألماني من 2010 إلى 2016 وعجز الساكنة الألمانية المحلية على العمل فيها لأسباب عدة سنذكرها لاحقا، فإن فرص العمل هذه تعطى للسوريين، تشمل الوظائف في الشركات والمعامل والمصانع ومختلف الأعمال.

ولكن قبل أن يحصل اللاجئ السوري على وظيفة يتم اعادة تأهيله، من خلال تقديم دورات في اللغة الألمانية واللغات الأجنبية لتحسين اللغة واحترافها ومن ثم يتم دمجه في سوق العمل من خلال الحصول على وظيفة وبالتدريج يصبح مواطنا ألمانيا وليس سوريا.

 

  • معاناة ألمانيا مع العجز السكاني سينتهي بفضل اللاجئين

بعد الحرب العالمية الثانية استطاعت ألمانيا أن تستعيد قوتها الاقتصادية وتتقدم بسرعة مقارنة مع اقتصادات البلدان المنتصرة ومنها بريطانيا، لكن ما يمنع اقتصادها حقيقة من مجاراة الصين وأمريكا هي عدد السكان القليل نسبيا وقلة الولادات وارتفاع متوسط الأعمار وغرق المجتمع بالشيخوخة.

لهذا تحتاج ألمانيا إلى ضخ دماء شباب جديدة في اقتصادها من خلال فتح الباب للهجرة إليها وتقديم التسهيلات خصوصا للشباب ذات الكفاءات العالية، كما أنها بحاجة إلى سد العجز في الوظائف العادية والعمالة.

وللعلم فقد تم اغلاق 2000 مدرسة في ألمانيا ما بين 1989 و 2009 بسبب عدم وجود الأطفال، وفيما يدخل سنويا 800 ألف طالب إلى المدرسة هناك نجد أن 850 ألف شخص يحال إلى التقاعد.

 

  • رفع القوة العاملة يزيد من قوة واستقرار الإقتصاد

هناك العديد من العوامل التي تجعل دولة معينة قوة أو تمنعها من ذلك، فإلى جانب المساحة الجغرافية الكبيرة والموارد الطاقية هناك أيضا الموارد البشرية ونتحدث عن عدد الساكنة التي يجب أن تكون كبيرة والأهم أن تكون شابة.

ألمانيا تتمتع بالعديد من المزايا التي تجعلها قوة عالمية لكن سيطرة الشيخوخة على الفئات العمرية فيها منعها من ذلك، والحل هو استقبال المهاجرين الشباب الأجانب وفي اللاجئين السورين أفضل حل بالنسبة لها.

النقص في العمالة يؤدي إلى النقص في تمويل صناديق التقاعد والتأمين الصحي وتراجع الاستهلاك المحلي وتباطؤ ضرائب المدارس والطرق والاستثمار فيها، وهذا يؤدي إلى تراجع النمو الإقتصادي والدخول في دوامة العجر الإقتصادي، فيما تلجأ الكثير من الشركات المحلية على نقل مصانعها إلى دول مثل الصين والهند التي تتميز بموارد بشرية هائلة وتدير انتاجها من هناك ومهما حققت من مبيعات وأرباح فإن الدولة الأم لا تستفيد منها لا بالوظائف ولا من خلال تعزيز التصدير.

خطة ألمانيا خلال العقدين المقبلين هي دمج 100 ألف لاجئ سوري ينضمون سنويا إليها في المجتمع الألماني والحصول على كافة حقوق المواطن الألماني بالتدريج بل وحصولهم على الجنسية الألمانية، لتنجح الدولة الألمانية في ضخ دماء جديدة بمجتمع العمل لديها وتكون قد استغلت الأزمة السورية أفضل استغلال ممكن.

 

نهاية المقال:

بلغة الإقتصاد فإن استقبال اللاجئين السورين وتوطينهم ودمجهم في المجتمع الألماني كلف الحكومة الألمانية 46 مليار دولار خلال عامين، لكن على المدى المتوسط يفترض أن يستفيد الإقتصاد الألماني أضعاف ما يخسره حاليا ليستعيد شبابه ويعوض النقص الموجود لديه منذ الحرب العالمية الثانية والتي منعت ألمانيا من مجاراة أمريكا والصين واليابان المتقدمين عليها، وفي ذات الوقت تكون سوريا قد خسرت موارد بشرية مهمة بغباء.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

التعليقات مغلقة.