ضحكة تقنية: منطق عبيد سعر الفائدة في محاربة العملات الرقمية المشفرة

هذا ما يقوله هؤلاء

على مر التاريخ قاوم الناس التغيير بالقول “هذا ما وجدنا عليه آباؤنا”، ولا يهم إن كان الآباء على ظلال أو خطأ أو حتى أن تطورات الوقت لم تعد تقبل بما سطره الأولين.

العالم مثل نظام تشغيل أو برنامج، لابد وأن يحصل على التحديثات والتطويرات كي يتقدم ويسير إلى الأمام، ولولا تطور البشرية لانقرض الإنسان منذ قرون طويلة.

لذا فقد كان من الطبيعي أن يحدث تغييرات هائلة على شكل النقود، من المقايضة إلى بدايات التجارة بالذهب والفضة والألماس وبعض المعادن الأخرى نحو العملات المعدنية إلى العملات الورقية ثم حل زمن النقود الإلكترونية بفضل التجارة الإلكترونية والآن نستعد لعصر العملات الرقمية المشفرة.

ليس مضمونا أن تبقى بيتكوين على رأس هذا القطاع، وليس مستبعدا أن نرى بعض العملات تتفوق عليها وتصبح مقبولة وشائعة.

وليس مستبعدا أن تنتصر فكرة العملات الرقمية الوطنية، فالعديد من الدول تعمل على هذا الموضوع ومنها الإمارات وفنزويلا.

الباب مفتوح على كل الخيارات الممكنة، لكن المؤكد أن النقود بشكلها الحالي لن تستمر للأبد، والمجتمع الدولي بدأ يقتنع بهذه الحقيقة.

لن يبقى الدولار الأمريكي ملكا، سيأتي الوقت الذي سيفقد فيها الملك كما حدث لملوك من قبله، فلا رخاء يبقى ولا أزمة تدوم.

لكن رغم كل هذا المنطق لدى عبيد سعر الفائدة المتمسكون بالأنظمة المالية القديمة كراهية كبيرة اتجاه العملات الرقمية المشفرة، وهذا غالبا لجهلهم بتطور النقود وبهذا القطاع.

يختصر هؤلاء دور هذه الأصول في دعم الإرهاب والدفع للدعارة على الإنترنت والمتاجرة في الأسلحة وربما الأعضاء البشرية واستئجار محترفي القتلى واستخدامها في القيام بأمور خبيثة أخرى.

أنا لا أنكر أن بعض من يتعاملون بهذه الأصول استخدموا هذه النقود الإلكترونية في تحقيق تلك المآرب الخبيثة، لكن هل هذا يكفي لإدانتها ومحاربتها ومنعها؟

إذا كان الأمر صحيحا دعونا نطبق هذه القاعدة على الدولار الأمريكي والعملات النقدية الأخرى، كلنا نعلم أن النقود التي نستخدمها تستخدم في الدعارة بل وتم بها تمويل الكثير من الإرهاب في مختلف بقاع العالم، هناك مواطنون من مختلف دول العالم العربي ممن قاموا بإرسال الأموال بعملاتهم ضمن حملات التبرعات المزيفة إلى داعش والمجموعات الإرهابية، وهناك من حول نقوده إلى الدولار وذهب للقتال في سوريا.

إذن يمكن أن نقول بأن كل هذه العملات يجب منعها وهذه النقود فقدت شرعيتها ويجب أن تموت، هذا هو المنطق الذي حكمتم به ضد العملات الرقمية المشفرة.

بعض الشيوخ حكموا على هذه الأصول بالتحريم، وسطروا فتاوى وأحكام قاطعة بأنه لا يجب التعامل بها فهي نوع من أنواع القمار كما أنه ليس واضحا من يقف وراءها.

إذا كانت نوع من أنواع القمار فلماذا لم يتم تحريم تداول الأسهم والإستثمار في البورصات؟ الربح منها أيضا غير مضمون، هناك دائما رابحون وخاسرون.

العملات الرقمية هي أصول مثل الأسهم والعملات النقدية والسلع التي يتم تداولها، الفرق هو أن هذه مشفرة مع العلم أنها توفر الشفافية وتتبع التعاملات، وهناك بورصات لها في مختلف الدول مثل الولايات المتحدة والإمارات وكوريا الجنوبية واليابان وتخضع للقوانين.

بعض هؤلاء الشيوخ قرروا اعادة النظر في الفتاوى بعد أن توجهت السعودية والإمارات نحو “تنظيم” القطاع، بينما آخرين ينتظرون الضوء الأخضر من السياسيين.

ثم لماذا التحريم ما دامت غير مرتبطة أساسا بسعر الفائدة، على عكس العملات النقدية التي تعد سعر الفائدة من العوامل الأساسية المؤثرة فيها، أليست سعر الفائدة هي الربا والربا محرم في الإسلام؟

تبدو للأسف حجج وبراهين عبيد سعر الفائدة ضعيفة للغاية، لكنه أمر طبيعي، على مدار العصور قاوم الناس التغيير ربما بسبب الخوف منه أو الخشية من خسارة امتيازات النظام الحالي بالرغم من مشاكله وسلبياته التي يتم تسليط الضوء عليها أكثر خصوصا في الأزمات.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز