ضحكة تقنية: صلاة و قيام أم تصوير و سيلفي ؟

ضحكة تقنية: صلاة و قيام أم تصوير و سيلفي؟
السيلفي وصل إلى مكة و المدينة المنورة و دخل إلى بيوت الله.

لقد قلت سابقا أن التصوير الذاتي أو ما يدعى سيلفي حماقة كبيرة، لأن الأمر خرج عن نطاق السيطرة و لم يعد الشغل الشاغل للمتأثرين بهذه الظاهرة سوى استخدام هواتفهم الذكية لالتقاط الصور لأنفسهم في مختلف الأماكن و الوضعيات، في المنزل و أثناء الاستجمام و حتى الاستحمام و أثناء العمل.

العالم الإسلامي تأثر بهذه الظاهرة الأجنبية بشكل عميق اكثر من الغرب نفسه في دليل جديد يقدمه شباب اليوم على الفراغ الذي نعيشه و الذي يفضل أغلبنا ملأه بالصور الذاتية، لا يهم السبب الذي يقف وراء التقاطها و لا الغاية من ذلك المهم هو القيام بذلك و مشاركتها بكثافة على الشبكات الإجتماعية.

التصوير الذاتي وصل أخيرا إلى أمور أكثر خصوصية بالنسبة للأفراد و أصبح الأمر ينذر بخطر الشرك الأصغر، أقصد الرياء بالصورة بعد أن كان ضحاياه يتحدثون عن أعمالهم الصالحة و يظهرونها للناس علنا.

في الحرم و في المساجد و أثناء الطواف و الحج و على جبل عرفة و أثناء إطعام الصائمين أو التصدق على الفقراء كاميرا الهواتف الذكية موجودة تصور كل شيء و تقدمه على شكل منشورات على فيس بوك و تغريدات في تويتر و تصل إلى الأصدقاء عبر واتساب و بقية تطبيقات الدردشة و التواصل.

ها أنا أقبل الحجر الأسود و ها أنا أطوف سبعا، هذه صورتي و أنا اشرب من ماء زمزم الطاهر و ها أنا ساجد أو جالس و على حجري المصحف الشريف، ها أنا أرمي الجمرات و ها أنا واقف في جبل عرفة تقبل الله منا و منكم الطاعات و العبادات!

في الحقيقة هذا هو الاستهتار و الرياء في أبهى صورة له، لم يعد هذا العمل خالصا لوجه الله، بل يمكنني القول أنه لأجل نيل إعجاب الناس و رضاهم!

قس على ذلك صلاة التراويح و العبادات المختلفة خلال شهر رمضان من صيام و قيام و اعتكاف و حتى عند الإفطار، قد يصبر بعض الصائمين على الإفطار عند الآذان حتى التقاط صورة لنفسه مع أحبابه أو مع المائدة أو حتى مع كأس العصير الذي سيفطر به.

إلى هذا المستوى وصل التصوير الذاتي في حياتنا اليومية لقد أصبح الناس طرفا ثالثا في علاقتنا مع خالقنا و لم يعد هناك شيء اسمه خصوصية، على الأقل أثناء العبادة.

سيلفي الحرم من الظواهر الأكثر انتشارا مؤخرا و لم يعد فرديا فقط بل يتم إحضار عصا سيلفي و البدء في تصوير مجموعة من الأصدقاء أو المتعارفين هناك و نشرها على حساباتهم الإجتماعية المختلفة، هل يبدوا لك هذا طبيعيا؟

شخصيا لا أعرف ما الغاية من الحج أو العمرة أو العبادة أو حتى عمل الخير في نظر هؤلاء؟ هل هو إرضاء الله و التقرب إليه و الإنشغال بذلك أم البقاء على تواصل مع الأصدقاء في الشبكات الإجتماعية و نشر صور المناسك أو الجماعية مع الأصدقاء ضاحكين مبتسمين؟

مهما تطورت التقنية و تقدمت عليها أن لا تكون حجة لظهور البدع و تشويه العبادات، ففي هذه الحالة نتحدث عن التكنولوجيا في يد المتخلفين.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز 

التعليقات مغلقة.