سنغافورة تعتقد أن بيتكوين يمكن أن يحل مكان الذهب

كان المصرفيون من أشد أعداء بيتكوين والعملات الرقمية، لكن المواقف بدأت تتغير مع صمود هذه الأصول وصعودها الذي يفرض تغييرا شاملا في النظام المالي العالمي.

يعتقد البنك المركزي لدولة سنغافورة أن بيتكوين سيكون لها مكانة كبرى في السنوات القادمة لا تقل عن مكانة الذهب والفضة والأصول الموثوقة اليوم.

تعتقد المؤسسة الخاصة أن عملة بيتكوين وغيرها من العملات المشفرة يمكن أن تحل محل أصول الملاذ الآمن التقليدية مثل الذهب، وفقًا لمذكرة بحثية حديثة.

كتب منصور محي الدين، كبير الإقتصاديين في البنك، أن العرض المحدود من عملة بيتكوين – لا يمكن أن يكون هناك سوى 21 مليونًا – كان ميزة جذابة للمستثمرين، الذين يتجهون إليها بشكل متزايد لتعزيز محافظهم الاستثمارية.

ومع ذلك لا تزال هناك تحديات تنظيمية تتعلق بالسمعة، حيث لا تزال جهات تتهمها بأنها أداة لغسيل الأموال وتمويل الإرهاب الدولي والقرصنة.

وقال محي الدين: “يحتاج المستثمرون إلى مؤسسات جديرة بالثقة حتى يتمكنوا من الاحتفاظ بالعملات الرقمية بأمان، تحتاج السيولة إلى التحسن بشكل كبير لتقليل التقلبات إلى مستويات يمكن التحكم فيها”.

بينما انخفضت عملة بيتكوين بشكل كبير في بداية الوباء، انتعشت بسرعة وظهرت كواحدة من أفضل الأصول أداءً لعام 2020.

قالت مذكرة بنك سنغافورة إن بيتكوين لم يكن قابلاً للتطبيق كبديل للعملات الورقية التقليدية مثل الدولار الأمريكي بسبب تقلبه السيئ السمعة وميل الحكومات إلى حماية سيادتها النقدية.

هذا يجعل هذه العملة الرقمية تستخدم أكثر كأداة للتحوط ضد التضخم الذي يهدد العملات النقدية التقليدية، وهو ما يجعلها في منافسة مباشرة مع الذهب.

لكن بصفتي مشاركا ومراقبا منذ فترة طويلة للتيارات المتغيرة للسياسة النقدية والأسواق المالية، أعتقد أن كلاهما يمكن أن يلعب دورًا حيويًا كمستودعات للقيمة، خاصة في عالم يعاني من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي.

من المسلم به أن داعمي بيتكوين لديهم بعض الزخم من جانبهم، حيث وصل سعرها إلى مستوى قياسي فوق 40500 دولار في أوائل يناير.

بعد التراجع الأخير، لا يزال سعر بيتكوين يقارب 30 ألف دولار، أصبح المستثمرون الكبار والمؤسسات البارزة من عشاق بيتكوين والتي وصفتها شركة BlackRock، أكبر شركة لإدارة الأموال في العالم ، بأنها “آلية متينة يمكن أن تحل محل الذهب إلى حد كبير”.

ومع ذلك، “لقد تم تضخيم تقارير زوال الذهب إلى حد كبير”، ولا أعتقد شخصيا أن بيتكوين ستأخذ مكانه فهي لديها القدرة على أن تكون “مخزنًا حقيقيًا للقيمة” لكنها ستنضم إلى مجموعة مختارة من الأصول والسلع والعملات التي يمكن حفظها واسترجاعها وتبادلها دون تدهور قيمتها.

لدى الذهب بداية مبكرة على الأقل منذ 2500 عام كوسيط عالمي للتبادل والقيمة مقبول على نطاق واسع، مقارنةً بعملة بيتكوين، يتمتع سوق الذهب بعمق كبير وسيولة كبيرة.

يقدر المبلغ الإجمالي للذهب الفعلي الذي يحتفظ به المستثمرون والبنوك المركزية بـ 3.7 تريليون دولار، هذا ما يقرب من سبعة أضعاف القيمة السوقية لجميع عملات بيتكوين التي تم إنشاؤها، يتمتع كل من الذهب وبيتكوين بأسواق عالية السيولة، ولكن متوسط الحجم اليومي للذهب في عام 2020 بلغ 125.3 مليار دولار، أو 30 ضعف حجم تداول بيتكوين اليومي “الفوري” البالغ 4.1 مليار دولار.

بينما يمكن اعتبار كل من الذهب وعملة بيتكوين جزيرتين من الأمن في محيط من الإضطرابات المالية، يجب أن نفهم أوجه التشابه والاختلاف الكبير بينهما، ولهذا أنصحك بقراءة ” أوجه التشابه والإختلاف بين الذهب وعملة البيتكوين“.

في كلتا الحالتين، فإن قيمتها مدعومة جزئياً بالندرة، الذهب محدود بسبب العرض المادي وصعوبة الاستخراج، في حين أن عدد بيتكوين لن يتجاوز يبلغ 21 مليونًا من خلال كود المصدر الخاص به.

هذه الصفات، بالإضافة إلى الأسواق السائلة العميقة التي أشرت إليها سابقًا، تعني أن كلاً من الذهب وعملة بيتكوين لديهما القدرة على الاحتفاظ بالقيمة، وفي الواقع تزايدها، خلال الدورات الاقتصادية الصعبة.

وعلى عكس العملات التي تصنعها الحكومة مثل الدولار الأمريكي، والتي تستمد قيمتها من الثقة في الحكومة المصدرة والقوانين التي تتطلب من المواطنين قبولها، فإن للذهب وعملة بيتكوين استخدامات أخرى، وتحدد الأسواق بشكل عام قيمتها.

ومع ذلك لدى الذهب سجل طويل الأجل لا مثيل له كمخزن للقيمة، أظهر الاقتصاديون أنه على مدار الخمسين عامًا الماضية، احتفظ الذهب بمكانته في أوقات انخفاض التضخم وارتفع بقوة خلال فترات التضخم المرتفع.

نظرًا لأن بيتكوين لم يكن موجودًا إلا منذ عام 2009 وسوق تداوله النشط حديثًا، فمن السابق لأوانه معرفة كيف ستصمد قيمته بمرور الوقت.