دروس في ريادة الأعمال من أزمة انفجارات جالكسي نوت 7

galaxy-note-7-rip
أزمة انفجارات جالكسي نوت 7 نكبة لسامسونج وفرصة للآخرين.

نعرف جميعا ما حدث لهاتف جالكسي نوت 7، حتى من لا يتابعون أخبار التقنية اليومية من عملاء الشركة يعرفون القصة، وهي باختصار أن الشركة طرحت الهاتف وبعد فترة قليلة من توفره في الأسواق عان المستخدمون من الانفجار المباغت له، سواء أثناء الشحن أو خلال وضع الإنتظار محمولا أو موضوعا على طاولة.

قامت سامسونج بسحب الجهاز بعد أن تخطت عدد الحالات أكثر من 90 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، فيما رأينا أيضا نفس الحالات في عدد من البلدان وأقدمت على تغيير البطارية بما أنه من الشائع أن المشكلة مصدرها هو هذا الجزء من الجهاز وقيل حينها بأن البطاريات لا تحترم معايير الجودة.

بعدها أقدمت الشركة على اعادة توفير الهاتف، ووصل إلى الأسواق العالمية لتستمر قصة الإنفجارات مجددا مع النسخ المستبدلة وهو ما شكل حقيقة صدمة للشركة الكورية والتي أقدمت في النهاية على ايقاف انتاجه وسحبه نهائيا من الأسواق لتنتشر في المطارات أيضا الملصقات التي تحذر منه ويمكنك تسليمه هناك واستبداله بهاتف آخر من الشركة مع تخفيض 100 دولار والحصول على فرق السعر أيضا أو استرجاع المال.

وبالطبع هناك العديد من الدروس التي يجب أن نتطرق لها اليوم بخصوص أزمة انفجارات جالكسي نوت 7 وحذف هذا المنتج ضمن منتجات سامسونج.

 

  • السرعة تقتل والتسرع عدو الجودة.

أعلنت شركة سامسونج عن جالكسي نوت 7 خلال شهر أغسطس رغبة منها في توفيره خلال بداية سبتمبر وقبل آيفون 7 بالعديد من الأسابيع، ما سيمكنها من حصد مبيعات جيدة قبل أن يبدأ السباق الفعلي بينهما.

نعم حصل هذا بالفعل وحققت الشركة على الأقل 5 ملايين نسخة مباعة على الأقل من هذا الجهاز في ظرف وجيز وسط مراجعات ايجابية وتوصيات به من الخبراء، لكن تأكد فيما بعد أنه لا يتمتع بجودة عالية وأن البطاريات المستخدمة فيه تم إنتاجها بسرعة كبيرة لتوفير الكميات المطلوبة دون ان يتم اختبار جودتها اولا.

وقد اعترفت الشركة بأن Samsung SDI المسؤولة عن تصنيع البطاريات تسرعت في عملية إنتاج البطاريات بصورة غير عادية.

بالطبع هذه السرعة شملت أيضا تصنيع بقية الأجزاء وتجميع المكونات والعمل على شحن النسخ مباشرة إلى الأسواق دون أن تخضع لعدد من الإختبارات التي تعدى عددها 60 ألف اختبارا بالنسبة لهاتف LG V20 من منافستها وجارتها إل جي.

هذا يعني أنه عند العمل على منتجك سواء على مستوى التصميم أو التصنيع، يجب أن تضع جدولا زمنيا منطقيا للخروج به وأن يخضع للإختبارات قبل أن يصل إلى الأسواق.

 

  • بناء الثقة والسمعة الجيدة تتطلب سنوات فيما هدمها أسهل وأسرع.

لا أحد ينكر أن سامسونج شركة احترافية لديها أيضا أنصارها بالملايين وتتمتع بثقة كبيرة في السوق، وهي واحدة من العلامات التجارية المعروفة بالجودة.

لكن بعد قضية انفجارات جالكسي نوت 7 وحدوث انفجارات لهواتف أخرى من الشركة، فإن الثقة بمنتجات هذه الشركة تراجعت وسمعتها تلطخت بعد هذه الفضيحة.

الأسوأ أن العلامة التجارية جالكسي نوت تحتضر ويمكن أن تتخلص منها الشركة العام القادم من خلال إطلاق سلسلة جديدة تتمتع هواتفها بحجم كبير وقلم ضوئي.

هنا أستحضر واحدة من نصائح الملياردير الأمريكي وارن بافيت والذي قال “أنه يمكن أن يستغرق بناء السمعة 20 عاما، وهدمها لن يتجاوز 5 دقائق فقط”، لذا فمن الواجب أن تضع دائما نصب عينيك السمعة فهي رأس مالك في عالم الاعمال وضياعها هو ضياع المبيعات وتراجع العائدات والسقوط فريسة لأزمة قاتلة.

 

  • تأكد أنك تخلصت من المشكلة أول مرة لأنه لا توجد فرصة ثانية.

عندما سحبت سامسونج هاتفها الذكي جالكسي نوت 7 من الأسواق أول مرة بغية اصلاحه واستبدال البطاريات، أسرعت في تنفيذ ذلك لاستئناف المبيعات وقالت أن المشكلة في البطارية دون أن تتعمق في التحقيقات الأولية التي انتهت في ظرف ساعات قليلة فقط.

قامت الشركة باسترداد الملايين من النسخ المتاحة في الأسواق واستبدلت بطارياتها إلى أخرى من شركات موثوق بها بعيدا عن Samsung SDI، ثم أقدمت على توفير الجهاز ليشتكي من قاموا باستبدال الجهاز من مشكلة الحرارة الزائدة ومن ثم انفجار الهواتف.

بعد حوادث الإنفجارات للمرة الثانية وجدت الشركة نفسها مرغبة على إلغاء هذا الموديل نهائيا، وليس من سبيل لإصلاحه واعادته إلى السوق للمرة الثانية لأنها في الأساس ستتحمل المزيد من الخسائر الناتجة عن تكرار عملية التصنيع والشحن ولن تضمن أن يحقق مبيعات قوية.

 

  • الإستهانة بالمشكلة يزيد الطين بلة.

استهانت سامسونج فعلا بمشكلة انفجارات نوت 7، عندما تلقت الشكايات وقالت أنها تحقق في الأمر، الشكاية الأولى ثم الثانية إلى أكثر من 90 حالة انفجار ثم قررت التحرك لوضع حد لهذا!

ويتأكد هذا أكثر للمتابع من خلال تسرعها في حل المشكلة، بالقول ان التحقيقات تؤكد أن البطارية هي التي تعاني من المشكلة فيما قد تكون نصف السبب لسوء جودتها، والنصف الآخر يتعلق بقطعة أخرى في الجهاز تسبب ارتفاع حرارة الهاتف في وضع الإنتظار بعيدا ومن ثم الإنفجار.

وبناء على هذا التسرع في معالجة المشكلة واعتبارها أنها بسيطة وتتعلق فقط بالبطارية كلفها الكثير مع استمرار الكارثة.

 

نهاية المقال:

تحمل الأزمات إلينا دائما دروسا لا يمكننا أن نتعلمها من الرخاء، بالنسبة لريادة الأعمال وفن ادارة الأزمات فإن قصة جالكسي نوت 7 تعد اضافة قوية من شأنها أن تساعد مجتمع الأعمال على مواجهة مشكلات مستقبلية مشابهة يمكن لأي مؤسسة أو شركة في العالم أن تتعرض لها.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز