واحدة من أحدث نظريات المؤامرة التي انتشرت خلال الأسابيع الأخيرة، هو ما يتعلق بمؤامرة دولية عالمية من النخبة الحاكمة المزعومة لتدمير الشركات الصغيرة والمتوسطة وهذا لصالح أمازون والشركات الكبرى في العالم.
سمعنا بهذه النظرية خلال مارس وأبريل الماضيين ولا يزال الناس يتداولها رغم أنها مضحكة وغير منطقية من منظور اقتصادي ومالي.
-
ماذا تقول نظرية المؤامرة ضد الشركات الصغيرة والمتوسطة؟
تنطلق هذه النظرية من فكرة أن النخبة الحاكمة في العالم هي التي تقف وراء شركات كبرى مثل آبل وامازون ومايكروسوفت وهواوي والأسماء التي نعرفها جميعا، ومصلحتهم توجيه كل الناس حول العالم لشراء منتجاتهم واستهلاك خدماتهم.
ونظريا ستكبر تلك الشركات بصورة أسرع وأقوى وستصبح قيمتها السوقية بعشرات التريليونات من الدولارات وستختفي المنافسة.
تزعم أيضا النظرية أن فيروس كورونا هو تمهيد لهذه الخطة وما يحدث للشركات الصغيرة من افلاس وتساقط هو تنفيذ لها.
-
الخلط بين مصالح الشركات الكبيرة والمؤامرة المزعومة
من الطبيعي إن كنت مكان جيف بيزوس أن أسعى لتنمية شركتي من خلال الإستحواذ على المنافسين المحتملين والشركات الصغرية التي يمكنها أن تضيف قيمة أكبر لمشروعي التجاري.
هذا حق مشروع لكل رجل أعمال لديه السيولة والمبلغ المطلوب لشراء الشركة التي يريدها، ولكن بعد أن يوافق أصحابها على عرض الإستحواذ ومن ثم توافق السلطات المعنية في البلاد التي تتواجد بها الشركة التي سيتم الإستحواذ عليها.
من الوارد جدا أن تتفق شركتين على صفقة الإستحواذ ثم يأتي الرفض من سلطات بلد الشركة المستحوذ عليها، وهذا ما حدث في صفقة علي بابا مع موني غرام.
خلال 2018 أوقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عملية استحواذ شركة “برودكوم” السنغافورية المتخصصة بتصنيع الرقائق الإلكترونية على شركة “كوالكوم” الأمريكية المتخصصة في نظم الاتصالات.
لكل شركة مصالحها ولا شك أن رواد الأعمال ومؤسسي الشركات يبحثون عن منافسة قليلة أو منعدمة وكسر المنافسين بغض النظر عن حجمهم، والقلة منهم منفتحون على التعايش مع المؤسسات الأخرى والتعاون معها أيضا.
لكن هذا لا يعطي شركة لنظرية المؤامرة التي تدعي أن كورونا ستقضي على كل الشركات الصغيرة لمصلحة الكبار، فالمزيد من الأدلة التي سنشير إليها في هذا المقال تؤكد ذلك.
-
تدخل الحكومات لإنقاذ الشركات الصغيرة والمتوسطة في أزمة كورونا
كما تدخلت الحكومات لإنقاذ الشركات الكبرى التي تتداعى سواء من خلال تقديم قروض بسعر فائدة رخيصة أو صفرية أو من خلال إعادة هيكلتها وشراء جزء منها، على أن تبيع الحكومة حصتها كليا منها بعد أن تعود لتحقيق الأرباح وتستعيد توازنها، وأبرز مثال على الحل الأخير هي جنرال موتورز.
بعد أن تدخلت الحكومة لإنقاذ جنرال موتورز خلال الأزمة المالية العالمية لسنة 2008 فقد قامت بضخ 49 مليار دولار في الشركة وحصلت بذلك على أسهم كثيرة فيها، وخلال عام 2013 وبعد ان استعادت الشركة توازنها قامت ببيع أسهمها وخسرت 10 مليارات دولار.
مرة أخرى تتصرف الحكومات الغربية على هذه الطريقة في هذه الأزمة حيث تتدخل وتشتري حصصا في الشركات الكبرى المهمة بقطاع الطيران والسياحة والقطاعات الأخرى وتفرض التقشف وتسريح نسبة من الموظفين حتى تستعيد توازنها، وعندما ستعود إلى حالتها الطبيعية بعد سنوات من الآن ستبيع الحكومة حصتها.
بالنسبة للشركات الصغيرة فهي أيضا مهمة للحكومات، وتتدخل من خلال خطط تحفيز مالية وأموال تقدمها لتلك الشركات للبقاء على قيد الحياة.
في المغرب مثلا صادقت لجنة الاستثمارات في المغرب على 45 مشروع استثماري بقيمة 2.3 مليار دولار، ومن تلك المشاريع تشجيع إنشاء المقاولات المتناهية الصغر والشركات الصغيرة والناشئة.
كما تم إطلاق مبادرات جديدة لمنح القروض مدة سداد تُعادل 7 سنوات كاملة، بالإضافة إلى فترة إعفاء لمدة سنتين وضمان من طرف الدولة يتراوح بين 80 و90%، ويصل إلى 95% بالنسبة للمقاولات الصغيرة جداً.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية فقد حصلت الشركات الصغيرة على دعم مادي، وطالب وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشن منذ أيام اعفاء المؤسسات الصغيرة من تسديد الضرائب هذا العام، إضافة إلى زيادة ميزانية برامج التحفيز.
الدول الأخرى مثل السعودية وألمانيا ومصر واسبانيا وفرنسا وبريطانيا والإمارات والقائمة تطول أصدرت تشريعات لتمويل ومساعدة الشركات الصغيرة ومنحها قروض عاجلة.
-
الشركات الصغيرة والمتوسطة مهمة لكل دولة ولكل حكومة ولكل مجتمع
لا توجد دولة في العالم قادرة على التخلي عن الشركات الصغيرة والمتوسطة، لأنها الأكثر عددا والقاعدة الأكبر في مجال الاعمال وهي تمثل أيضا المطاعم والمقاهي والأعمال التجارية الصغيرة التي تنتشر في كل بلد.
غياب هذه الشركات يعني انهيارا في عائدات الحكومات من الضرائب التي تجنيها بشكل مباشر أو غير مباشر من هذه الأنشطة التجارية، ويعني أيضا انهيارا في الطلب على العقارات التجارية وتراجع التوظيف وتزايد البطالة وانعدام المداخيل التي تحققها من إجراءات انشاء الشركات وتجديد أوراقها.
صحيح أن الشركات الصغيرة لا تصل رقم معاملاتها إلى حجم الشركات الكبرى لكن المفاجأة أنها تشكل غالبية الاقتصاد والتجارة في العالم، وهذه بعض الحقائق:
90% من القطاع الخاص عبارة عن شركات صغيرة ومتوسطة في مصر.
المنشآت الصغيرة والمتوسطة تشكل ما نسبته 95 في المائة من إجمالي عدد المنشآت التجارية والاستثمارية في السعودية.
حسب المجلس الدولي للشركات الصغيرة، تشكل المؤسسات والشركات الصغيرة والمتوسطة -الرسمية وغير الرسمية- أكثر من 90٪ من مجمل عدد الشركات في العالم، ويمثل قوامها الوظيفي في المتوسط 70٪ من إجمالي العمالة.
في الأسواق الناشئة، يتم إنشاء معظم الوظائف الرسمية من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة، والتي تخلق 7 من أصل 10 وظائف.
لذا فإن تحطيم هذه الشركات لصالح بضعة عشرات من الشركات الكبرى يعد أمرا مضحكا، حيث أن المجتمعات والدول ستعاني من بطالة هي الأشد في التاريخ، فهل ستسكت الشعوب؟ بالتأكيد لا وستلجأ للمظاهرات والثورات ما يعد ضربة للأمن القومي لكل دولة.
-
الدفاع عن مصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة
نسمع كثيرا عن مؤسسات ومنظمات الدفاع عن مصالح الشركات الكبيرة والعملاقة، لكن ماذا عن الشركات الصغيرة والمتوسطة أليس لديها من يدافع عنها؟
المجلس الدولي للشركات الصغيرة هو أبرز مثال على المؤسسات الدولية التي تدافع عن هذه الشركات ويمكنك زيارة موقعهم الإلكتروني من هنا.
وتحتفل الأمم المتحدة بيوم المؤسسات المتناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة 27 يونيو ويمكنك الإطلاع على ذلك من هنا.
هناك مؤسسات دولية أخرى مثل U.S. Small Business Administration والتي تشجع الشركات الصغيرة الأمريكية على النمو وتجاوز العقبات.
وفي كل دولة بالعالم هناك مؤسسات حكومية وخاصة للدفاع عن مصالح الشركات الصغيرة والمتوسطة والضغط لإصدار قوانين وتشريعات تساعدها على النمو.
إقرأ أيضا:
البورصة ليس لها ضمير ولا تهتم بمشاكل الشعوب وإليك الحقيقة
كذبة اكتشاف أطباء إيطاليا حقيقة فيروس كورونا OTV لبنان
حقيقة شعار الماسونية على الدولار الأمريكي
حقيقة شريحة ID2020 وشريحة الدجال 666
حقيقة صناعة بيل غيتس لوباء فيروس كورونا