التطبيع خيانة شعار فارغ في زمن التسوية الشاملة

التطبيع خيانة شعار فارغ في زمن التسوية الشاملة

في المغرب لجأ الإسلاميون واليساريون إلى الشارع للإعلان عن رفضهم التطبيع، كذلك يفعل اخوتهم في بقية الدول العربية بما فيها الأردن الذين يرفعون شعار التطبيع خيانة.

تلك الإحتجاجات لا شك أنها مشروعة ما لم تتحول إلى ساحة لممارسة العنف ضد الشرطة والممتلكات العامة، وهي ستنتهي في كل الأحوال.

لكن المتشدقين بالشعارات الفارغة كانوا هنا في الحكم من قبل، أمثال حافظ الأسد وجمال عبد الناصر وبقية اليساريين والقوميين الذين جلبوا لدولهم الهزائم والحصار الاقتصادي ومجدوا الشعارات كثيرا على حساب المصالح الإقتصادية لدولهم وشعوبهم.

ونتيجة لذلك عانت الدول العربية من أزمات اقتصادية واستطاعت إسرائيل بناء دولة أفضل من حيث الإقتصاد والتعليم، لتندلع فيما بعد الثورات الشعبية التي زادت الطين بلة وانهارت فيها العديد من الدول.

اليوم تتقدم الدول العربية التي تركز على الإقتصاد، ونتحدث عن الإمارات والسعودية ومصر ويبحث العراق عن نفسه، فيما تريد سوريا العودة إلى الحضن العربي والمجتمع الدولي.

وفي غزة حيث تسيطر حماس، يعيش المواطن الفلسطيني أحلك الأيام وأزمة اقتصادية وصحية سيئة للغاية، وقد انتشرت منذ أسابيع صور تقدم آلاف الشباب من غزة إلى فرص للعمل في إسرائيل.

في هذه الرقعة العربية، يرى المزيد من الشباب والعائلات أنه ينبغي على المقاومة الفلسطينية التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل، ويأملون في أن تنجح الوساطة المصرية التي انضم إليها الأردن والمغرب.

ومع إعادة المغرب علاقته الرسمية مع إسرائيل والتطبيع، يتنامى التعاون بين الرباط وتل أبيب، لكن يمهد ذلك لدور مهم سيلعبه المغرب في اتفاقيات إبراهيم أو المصالحة بين إسرائيل وفلسطين.

لدى الرباط علاقات جيدة مع كل من حماس والضفة الغربية، وهو يرأس لجنة القدس، وعلى مستوى بيت مال القدس، نجد أن تمويل المغرب يشكل 87 في المئة من مساهمات الدول الإسلامية والعربية.

ولم يتخلى المغرب على الفلسطينيين، لكنه يتبنى مقاربة جديدة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، وهي مقاربة تدعمها الإمارات ومصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية.

في هذا الوقت تطبخ على نار هادئة التسوية الشاملة في المنطقة، والتي يأمل مراقبون في أن تضع حدا للصراعات الطائفية والدينية في الشرق الأوسط.

وفي مقابلة صحفية مع قناة الميادين قال زياد النخالة، أمين عام حركة “الجهاد الإسلامي” أن مصر تريد تحويل قطاع غزة إلى دبي جديدة، وتريد فتح أسواق العمل الإسرائيليّة أمام 40 ألف عامِل من أبناء القِطاع، وتريد بناء مدينة ترفيهية قُبالة مدينة رفح.

وتتضمن التسوية الشاملة انهاء حصار غزة وبدء علاقات رسمية بين إسرائيل وحماس، وتبادل الأسرى، والأهم فتح نقاش حقيقي وصادق حول القدس التي يبدو أنها ستكون مدينة دولية للأديان الثلاثة.

في هذا الوقت هناك خطط ونقاشات صادقة لإنهاء حالة الإستقطاب الطائفي والديني في هذه المنطقة من خلال تبني الحكومات للعلمانية ومنع الأحزاب الدينية وترك السياسة لأهلها والتركيز على التجارة والإقتصاد ومعالجة قضايا التغير المناخي المصيرية.

وبالنظر إلى كل هذه المعطيات، يبدو أن من يؤكد بأن التطبيع خيانة يعيش في زمن المفرقعات الصوتية اليسارية مثل حافظ الأسد وجمال عبد الناصر، أو الإسلام السياسي الذي يستخدم الدين مطية للوصول إلى السلطة.

تحتاج العقليات التي تردد الشعارات الفارغة لتغيير كبير كي لا تدخل في أزمة هوية ووجود، خصوصا عندما يتم تسوية القضية الفلسطينية ويتصافح قادة المقاومة مع قادة إسرائيل.

نحن في زمن ينبغي أن تبحث فيه كل دولة عن مصالحها الإقتصادية والتجارية، وتتعاون الدول فيما بعدها وتترك التجارة حرة، وتتوقف عن الحروب العسكرية العبثية والنزاعات الإيديولوجية الفارغة.

وقد اتضح للجميع أن هذه الرؤية هي الأنجح، وهي التي تطبقها الدول الناجحة والتي لديها علاقات مع الجميع، وتعتمد التنافس الإقتصادي والمعرفي عوض الشعارات الرنانة.

إقرأ أيضا:

زيارة محمد بن زايد لتركيا على خريطة الإقتصاد والتسوية الشاملة

نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا جزء من التسوية الشاملة

لماذا لن توقف استثمارات الإمارات انهيار الليرة التركية؟

أسباب تبني الإمارات شعار الإقتصاد أولا ودور السعودية وقطر

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز