استثمار السعودية في أوبر ضربة مؤلمة للشركات الناشئة العربية

أوبر السعودية
نعم ضربة من شأنها أن تقوي عزيمة رواد الأعمال في المنطقة وتقنعهم أكثر بأن الحكومات لا يعول عليها

تراجع أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة أضر بالإقتصاد السعودي الذي يعتمد بشكل أساسي على هذه الصناعة ودفع المملكة السعودية للإقتناع أخيرا بأن الاعتماد الكامل على مداخيل مبيعات النفط والبترول هو بمثابة انتحار اقتصادي.

الخطوات الإقتصادية المعلنة مؤخرا تؤكد بالفعل أن السعودية ماضية في تقليص نسبة اعتماد اقتصادها على النفط من 80 في المئة إلى أقل بكثير من هذه النسبة كما هو الأمر بالنسبة لاقتصادات بلدان نفطية اقتنعت بهذه السياسة.

لذا فإن توجهها نحو مجالات أخرى والاستثمار فيها بشكل أكبر هي خطوة متوقعة ومنطقية لتبني الرؤية الجديدة التي تعد الحل للكثير من المشاكل الاقتصادية التي تواجه المملكة السعودية كبقية دول العالم التي تعاني هي الأخرى من تبعات الأزمة المالية لسنة 2008.

ومنذ أيام قليلة أعلنت شركة أوبر “uber” الأمريكية لخدمات النقل وسيارات الأجرة أنها حصلت على استثمار يعد الأضخم في تاريخها قدره 3.5 مليار دولار من صندوق الثروة السيادي السعودي لينضم هذا الأخير إلى صف من الجهات المستثمرة فيها لتصل قيمته السوقية إلى 62.5 مليار دولار.

الخبر بقدر ما شكل فرحة كبيرة للقائمين على الشركة الأمريكية والتي تواصل توسعها في الأسواق العربية المحلية وأيضا في دول العالم وتواجه، شكل صدمة للكثيرين من السعوديين والعرب والمراقبين والمدافعين عن مشاريع الشركات الناشئة العربية.

تويتر والشبكات الإجتماعية كانت الساحة الأبرز لنشر هذه الآراء التي وصفت هذه الخطوة بأنها غير حكيمة وبأنه استثمار خاطئ، وبالطبع هناك من يدافع عن موقف صندوق الثروة السيادي السعودي ونحن في هذا المقال سنتطرق إلى قراءة لهذه الصفقة.

 

  • استثمار السعودية في أوبر ضربة مؤلمة للشركات الناشئة العربية

بعد تأكيد هذا الخبر رحبت الشركة الناشئة الإماراتية “كريم” بهذه الخطوة التي قرأتها من زاوية المنافسة على أنها تشجيع على هذه الأخيرة وبأن التنافس في قطاع الشركات التقنية لسيارات النقل بالمنطقة من شأنه أن يرفع من الجودة ويخدم المواطنين والعملاء من خلال توفير الخدمات بأعلى جودة ممكنة وبأقل تكلفة أيضا.

وبالرغم من هذا الترحيب “الديبلوماسي” إلا أننا نعلم جيدا بأن هذه الخطوة من السعودية محبطة لكريم و للشركات الأخرى في الوطن العربي، رغم أن هذه الشركة قد جمعت منذ أشهر قليلة استثمارات قدرها 60 مليون دولار من بعض الشركات الاستثمارية في الإمارات والكويت لكن هذا الرقم يظل أقل بكثير من 3.5 مليار دولار التي حصلت عليها أوبر.

الشركات الناشئة العربية العاملة في مختلف المجالات التقنية والبعيدة أيضا عن التقنية والتي تحقق نموا جيدا مثل كريم من شأنها أن تتألم وهي ترى أن الدول في المنطقة لا تزال تضع أموالها في العلامات التجارية الأمريكية والعالمية.

ونعلم جيدا ان شركة كريم بالرغم من كونها شركة ناشئة مثل أوبر إلا أنها لا تقل عنها جودة في الخدمات والتسويق والمبادرات التي تطلقها من حين لآخر في الأسواق العربية كان آخرها في الإمارات حينما نظمت حملة توعوية بخطورة الإستهانة بالحزام لركاب سياراتها وعملائها.

 

  • استثمار شركة آبل في شركة Didi الصينية ليست حجة مقنعة

قبل شهر أقدمت شركة آبل التي تبحث عن تنويع مصادر دخلها في ظل الأزمة التي تعاني منها إلى الاستثمار في Didi الصينية والتي تنافس أوبر التي تعاني من المنافسة القوية هناك، وهذا من خلال استثمار وصل إلى مليار دولار.

هذه الحادثة اتخذها البعض حجة للدفاع عن خطوة صندوق الثروة السيادي السعودي، حيث كما قامت آبل بتجاهل الشركة التي تنتمي إلى بلدها واستثمرت في شركة تحمل جنسية بلد يعادي الولايات المتحدة الأمريكية فكان منطقيا جدا أن يتقبلوا قيام السعودية بالاستثمار في شركة أمريكية وتجاهل شركات سعودية وعربية بنفس المجال.

والحقيقة أن آبل تواجه مشاكل حقيقية في السوق الصينية وهي بالطبع ستحاول الاستثمار في الشركات الصينية والمشاريع المحلية هناك لكي تضمن استمرار مداخيلها هناك وتبدي من خلال تلك الخطوات حسن النية اتجاه السلطات الصينية التي من بإمكانها أن تطردها مثل جوجل وشركات أمريكية أخرى عانت من الحظر الصيني، كما أنها خطوة جاءت بعد وقت قصير من حظر متجر أفلام وكتب آبل لذا سارعت لهذه الخطوة لتؤكد للسلطات هناك بأنها شركة مسالمة وهي تريد أن تفيد الإقتصاد الصيني بقدر ما تستفيد منه.

لكن ماذا عن المملكة السعودية؟ ما هو المبرر المقنع للاستثمار في شركة ناشئة أمريكية وتجاهل الشركات الناشئة العربية التي لا تقل أهمية مثل كريم؟ هذه الأخيرة توسعت إلى باكستان وهي تحقق معدل نمو قوي ولديها خطط ويراهن عليها خبراء أجانب أيضا.

 

  • أموال ضخمة كان من الجيد استثمارها في مشاريع محلية

صحيح أن الاستثمار في أوبر الأمريكية وامتلاك حصة 5 في المئة منها سيعود على المملكة السعودية بالأرباح والايرادات على المدى المتوسط إلا أنه كان من الأفضل ان تستثمر في شركات ومشاريع محلية، العائد منها سيكون أكبر ومضمونا.

ومن المعلوم أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تخفي سعيها خلال الآونة الأخيرة لتجميد أصول السعودية وودائعها التي تقدر بـ 750 مليار دولار تحث شماعة “تورطها في هجمات 11 سبتمبر”، وفيما يستمر هذا الخلاف بين البلدين من اللازم أن تفكر المملكة في دعم المشاريع المحلية وسحب بساط الثقة من تحث أقدام أمريكا تدريجيا.

لذا فإن الاستثمار في أوبر هو دعم للإقتصاد الأمريكي والشركات هناك وضربة لمعنويات الشركات الناشئة العربية.

هناك الكثير من الأمور التي يمكن فعلا لـ 3.5 مليار دولار أن تفيد به قطاع الأعمال في السعودية والخليج العربي أكثر من وضعها في شركة أمريكية ستضل كذلك مهما بلغت الاستثمارات السعودية فيها.

 

نهاية المقال:

عندما تم الإعلان عن استثمار السعودية في شركة أوبر، حاولت أن أجد مبررات لجدوى هذه الخطوة والحكمة منها لكن كمعظم الناس ومنهم من قرأوا الصفقة بشكل “عاطفي” لم أجد سببا مقنعا لتجاهل كريم والشركات الناشئة العربية التي تحقق معدات نمو قوية وتقدم جودة لا تقل عن أوبر في شيء.

الخطوة محبطة فعلا لمجتمع الأعمال السعودي والعربي، وهي تؤكد على أن الحكومات في العالم العربي لا تزال مصرة على وضع أموالها بيد أعدائها، بالنظر إلى أن صناع القرار في أمريكا يهددون السعودية بتجميد ودائعها التي تقدر بحوالي 750 مليار دولار بسبب مزاعم تؤكد “تورطها في هجمات 11 سبتمبر” كما قلنا سابقا.

لكن مهما كان هذا الخبر محزنا لرواد الأعمال في المنطقة نقول للجميع أن الشركات الناشئة السعودية والعربية مستمرة في مسيرتها وأن القائمين عليها يعلمون جيدا أن الحكومات لا يعول عليها.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز