احتجاجات تشيلي: الشعب الذي يدمر الإقتصاد يستحق الأزمة المالية

احتجاجات تشيلي: الشعب الذي يدمر الإقتصاد يستحق الأزمة المالية

أصبحت موضة الآن أن يخرج الناس إلى الشوارع للتعبير عن غضبهم ضد قرار معين ثم سريعا يرفعون سقف مطالبهم نحو اسقاط النظام حتى إذا تجاوب معهم سريعا.

احتجاجات تشيلي المستمرة منذ شهر هي أكبر دليل على أن الشعوب تنكر النعمة وتكبر النقمة وتنسى المحاسن وتركز على المساوئ.

  • بداية الإحتجاجات ضد أسعار المترو

بدأ كل شيء باحتجاج على ارتفاع أسعار المترو، الآن تشيلي في قبضة مظاهرات عنيفة حول النظام الإقتصادي بأكمله.

أحرق المتظاهرون العديد من المصانع والمرافق العامة والقطارات وقتل أكثر من 23 شخصا من الشرطة والمدنيين وغالبا حرقا، وهناك حوالي 1000 جريح.

قرار الرفع من سعر المترو أغضب شباب الجامعات والكليات وبدأت تلك الفئة مظاهراتها لينضم إليهم الجاهل والأمي والعالم والمتعلم.

كل هؤلاء ضد قرار رفع أسعار بطاقة المترو من 800 إلى 830 بيزوس (1.04 يورو)، في بلد يملك أوسع وأحدث شبكة لقطارات الأنفاق في أميركا اللاتينية يبلغ طولها 140 كيلومترا وتنقل يوميا ثلاثة ملايين راكب.

  • إلى المطالبة بتغيير النظام في تشيلي

في اليوم الثاني للإحتجاجات تراجعت السلطات عن قرار زيادة أسعار المواصلات إلا أن ذلك دفع المتظاهرين لرفع سقف طلباتهم.

تحرك هؤلاء بعنف ضد الشرطة وقاموا بحرق العديد من المصالح العامة والممتلكات الخاصة وطالبوا بإسقاط دستور تشيلي (عام 1980) الذي يعود إلى عهد أوغوستو بينوشيه (1973 ــــ 1990) والذي لا يقر بمسؤولية الدولة عن توفير التعليم والخدمات الصحية.

ومن المعلوم أن دولة تشيلي خصخصت كل القطاعات تقريبا بناء على الدستور الذي جعل النظام الإقتصادي ليبرالي وأنهى ديكتاتورية بينوشيه.

وحاليا هناك مساعي لإجراء تغييرات حكومية وربما اجراء استفتاء حول الدستور مجددا والذهاب بعدها إلى إجراء انتخابات جديدة.

  • تشيلي … معجزة اقتصادية

دخل الفرد في تشيلي

تعد تشيلي مفاجأة لأنها قصة النجاح الاقتصادي لأمريكا اللاتينية، لديها طبقة متوسطة كبيرة وظهرت كدولة متوسطة الدخل.

إنها حتى عضو في نادي الدول الغنية، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، لكن الإضطرابات تشير إلى أن هدف الاقتصاديين الرئيسيين على مدى العقود القليلة الماضية – النمو المطرد – قد لا يكون كافياً إذا استمر انعدام الأمن وعدم المساواة.

احتضنت حكومة تشيلي المعتقدات الاقتصادية الإنفتاحية، والصناعات المخصخصة والمعاشات التقاعدية، وكانت مسؤولة ماليا وتستخدم سياسة نقدية معقولة.

نلاحظ ازدهارًا جيدًا في سعر النحاس الذي تصدره مدفوعًا جزئيًا بالطلب الصيني، وأصبح اقتصاد تشيلي نجمًا رائعًا في أمريكا اللاتينية، بينما دخل الفرد هو ضعف المتوسط ​​تقريبا بين دول المنطقة.

كما أن لديها واحدة من أعلى معدلات متوسط العمر المتوقع 79.5 سنة مقارنة ب 75 عامًا في أمريكا اللاتينية.

إذا سألت خبراء الاقتصاد قبل 10 أو 20 عامًا، فسوف يطلقون على نمو تشيلي نجاحًا لا لبس فيه ولا أحد سيتوقع هذه النتيجة.

إن النمو الاقتصادي في تشيلي لم يخلق طبقة وسطى قوية فحسب بل أدى أيضًا إلى تحسين حياة الفقراء.

  • محاولة تبرير احتجاجات تشيلي

قدم اقتصاد تشيلي المزدهر العديد من الفوائد المادية لمواطنيها، فلماذا التظاهر والإحتجاج والتصرف بهذا الغضب؟

تقول صحيفة نيويورك تايمز إن الإضطرابات اندلعت لأن تلك المكاسب لم تكن متكافئة، وبعض الفئات استفادت أكثر من فئات أخرى.

يؤمن الناس في تشيلي كما في دول العالم الثالث وشعوب أخرى بضرورة المساواة وتقليل الفروقات في الدخل، وهذا يبدو صعبا في ظل أنظمة اقتصادية منفتحة لا تعتمد مبادئ الإقطاعية ولا الإشتراكية.

يقول بعض الخبراء أنه لا تكمن المشكلة في وجود انقسام بين الأغنياء والأكثر فقراً، ولكن لأن الطبقة المتوسطة تشعر بأنها لا تستطيع تحمل تكاليف السلع والخدمات، مثل الصحة والتعليم، اللازمة لتحقيق الرخاء والقدرة على المنافسة.

كما أنهم يواجهون المزيد من عدم اليقين بشأن مستقبلهم الإقتصادي وهم قلقون بشأن تقاعدهم، وقد تعمل شبكة الأمان الاجتماعي بشكل أفضل للفقراء، لكنها غير كافية للحفاظ على الطبقة الوسطى واقفة على قدميها

  • الأزمة المالية والركود الإقتصادي سيعاقبان تشيلي

لا يبدو العنف في الشارع وتخريب الممتلكات العامة والخاصة ووقف النشاط التجاري وحركة المرور أمرا صحيا للإقتصاد في نهاية المطاف.

فقدت عملة تشيلي 10 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية الإحتجاجات، والأمور مرشحة لتصبح أصعب بالنسبة لها.

إذا استمر الوضع على ما هو عليه، ولم يتوصل هؤلاء إلى تفاهمات لإصلاح المشاكل القائمة بشكل سلمي، فسيتم معاقبة بلد بأكمله من الأزمة المالية التي تستهدف العملة الوطنية والبورصة والنظام المصرفي مع دعم الركود الإقتصادي الذي سيمحي المكتسبات الإقتصادية التي يتغنى بها هذا البلد.

 

نهاية المقال:

تعد تشيلي معجزة اقتصادية بفضل دستور 1980 الذي أقر الخصخصة لكل القطاعات، لكن الإحتجاجات التي تعمقنا في أسبابها تبدو غير مقنعة.

إذا لم يتوقف هذا التخريب في أسرع وقت سيعاقب هذا البلد برمته بواسطة الأزمة المالية والركود الإقتصادي وللقصة بقية نعرفها جميعا.

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز