أسباب رفض فرنسا استحواذ شركة كندية على كارفور

أسباب رفض فرنسا استحواذ شركة كندية على كارفور

تلقت عملاقة تجارة التجزئة كارفور عرضا للإستحواذ عليها من طرف شركة Couche-Tard الكندية، والصفقة تقدر بقيمة 20 مليار دولار.

ويتواجد كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركة الكندية في باريس سعياً لإنقاذ عرض بقيمة 20 مليار دولار أمريكي لشراء كارفور مع خطط الإستثمار وإلتزامات التوظيف بينما اعترضت الحكومة الفرنسية على ذلك.

تخطط شركة تشغيل المتاجر الكندية لضخ 3 مليارات يورو (3.6 مليار دولار أمريكي) في مشغل السوبر ماركت الفرنسي على مدى خمس سنوات، وفقًا لشخص مطلع على الوضع.

وتشمل التعهدات الأخرى الحفاظ على الوظائف لمدة عامين، والإحتفاظ بمقر كارفور في فرنسا، والحفاظ على الأسهم في فرنسا وكذلك كندا، كما قال الشخص الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأن المعلومات ليست عامة.

لكن وزير الإقتصاد الفرنسي برونو لو مير، أعلن من البداية رفضه للصفقة، وهي التي تهدد في نظره سيادة بلده والأمن الغذائي و 100 ألف وظيفة.

ليس لدى الشركتين الوقت الكافي للإشارة إلى أنهما تجريان محادثات “ودية” عندما حذر لو مير في التلفزيون الفرنسي من أن كارفور كان عنصرًا رئيسيًا في “السيادة الغذائية” لفرنسا، فضلاً عن كونه أحد أرباب العمل الرئيسيين في القطاع الخاص في فرنسا، وأنه لم تعجبه فكرة الصفقة.

وشهدت مبيعات وأعمال كارفور خلال أزمة فيروس كورونا ارتفاعا ملحوظا، لكنها شركة تعاني من تحول السوق إلى التجارة الإلكترونية.

حالة كارفور هي مثال كتابي لشركة تكافح فهي عالقة في معضلة دائمة بين البحث عن حصص أكبر في السوق والحاجة إلى ربحية أفضل.

وهي تتخلف عن أقرانها على أساس الربحية والتقييم، وكان سعر سهمها في منحدر دائم الإنحدار على مدى العشرين، و 10 و 5 سنوات الماضية.

لطالما دافع ماكرون عن اقتصاد السوق والمنافسة المفتوحة، لكنه يتصرف عكس قيمه وما يؤمن به منذ أصبح رئيسا، فقد أثبت المصرفي أنه براغماتي بالدرجة الأولى.

تأثر ماكرون على ما يبدو بأفكار اليمين المتطرف، وهي الجبهة التي تتنامى وتدعو لطرد الجاليات الأفريقية والمسلمة، إضافة إلى تبني مقاربة منغلقة.

رفض الحكومة الفرنسية للصفقة من البداية، يشير إلى أنه في عصر الأزمة الإقتصادية تفضل الحكومات الحمائية والتدخل المباشر عوض ترك الشركات والمؤسسات تندمج مع بعضها البعض وتنقذ الوضع.

ارتفعت أسهم كارفور بعد اعلان العملاق الكندي نيته الإستحواذ عليه، لكن مع الرفض الفرنسي تراجعت، وقد استغل عدد من المستثمرين اللحظة لجني الأرباح والخروج من شركة لا يزال مستقبلها غامضا.

الأسباب الرئيسية سياسية: وهي تشمل الخوف من فقدان الوظائف، وفقدان السيطرة الضمنية على الشركات التي تمتلكها الحكومة مع إدارة فرنسية وقاعدة مساهمين.

أضف إلى ذلك الدعاية السيئة التي ينطوي عليها مشاهدة إحدى العلامات التجارية الإستهلاكية الأقدم والأكثر شهرة في فرنسا التي استولت عليها مجموعة أجنبية.

لكن يجب على المجموعات الأجنبية التي تتطلع إلى التوسع في أوروبا أن تضع في اعتبارها أن نوع التحدي الذي تظهره باريس يمكن محاكاته في الإقتصادات الأخرى التي اهتزت حتى النخاع من تأثير جائحة Covid-19.

الواقع الجديد هو أن الحكومات في جميع أنحاء العالم الغربي أنفقت مليارات من أموال دافعي الضرائب لدعم الشركات في جميع أنحاء الوباء.

كان لابد من إنقاذ بعض الصناعات، وتم إغلاق قطاعات كاملة من الاقتصاد لأشهر، مما أدى إلى تحولات هائلة في عادات الإنفاق.

لذا فالحكومات ستتصدر المشهد بينما يتراجع قدرة المستثمرين على التحرك بشكل كبير، وهي سترفض أي عمليات استحواذ كبرى دولية من مجموعات استثمارية تحاول استغلال الأزمة.

قد تتطلب الصفقات الآن مزيدًا من البراعة السياسية أكثر من المعتاد من جانب المشترين الأجانب، إن موهبة السياسيين الفرنسيين في اعتبار أي شيء “استراتيجي” لا يريدون رؤيته يُباع إلى مشترٍ غير أوروبي لا مثيل لها، لكن هذا لا يتعلق بفرنسا فقط.

سيصبح من الواضح في الأشهر المقبلة أن الحكومات تنوي أن تُعامَل على أنها أصحاب مصلحة جادون في أعمال بلدانهم، سواء كانت تمتلك أسهمًا فيها أم لا.

لذا يتعين على الشركات التي تبحث عن عمليات استحواذ أن تفعل ما هو أكثر من مجرد الترويج لعلاوة جيدة لإبرام صفقة، سيتعين عليهم أيضًا الإنخراط في دبلوماسية لبقة والحفاظ على الوظائف.

إقرأ أيضا:

مبيعات كارفور الأفضل منذ 20 سنة: هل أشتري الأسهم؟

مقاطعة كارفور ضربة لمصالح فرنسا عربيا

4 أزمات تهدد اقتصاد فرنسا 2020 – 2021

فرنسا وألمانيا يقودان أوروبا والعالم نحو الإنهيار الإقتصادي 2021

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز