أسباب تصفية شركة الحديد والصلب المصرية وقصة الإنهيار

أسباب تصفية شركة الحديد والصلب المصرية وقصة الإنهيار

تحولت قضية تصفية الحديد والصلب المصرية، إلى قضية رأي عام في مصر، انقسم فيها المشهد بين معارض ومؤيد، واختلفت الآراء من الحكومة والبرلمان والشعب.

شركة الحديد والصلب المصرية هي أكبر شركة للحديد والصلب في مصر وأول شركة في الشرق الأوسط والتي تأسست بقرار من الرئيس عبد الناصر 1954.

الشركة عبارة عن مجمع كامل للحديد والصلب في مدينة التبين بحلوان، وهي تابعة للشركة القابضة للصناعات المعدنية، أي أنها مملوكة للقطاع العام ولديها أسهم في البورصة المصرية.

إدارات فاشلة متعاقبة:

منذ تأسيسها تحولت إلى واحد من أكبر المصانع في العالم العربي للحديد والصلب، غير أنه منذ زمن طويل، ظلت نتائجها المالية محل جدل.

في عهد مبارك كان من الممكن أن يتم الإعلان عن افلاس هذه الشركة، إلا أن المسؤولين كانوا يفضلون إخفاء الخسائر وإبقاء الموظفين يعملون وتفادي أي قرار من شأنه أن يشعل صراعا اجتماعيا.

يشبه هذا رفض الحكومة المصرية منذ 2003، خطة تعويم الجنيه المصري، بنفس المبرر حيث تفضل الحكومة تراكم الخسائر على أن تضع الحقيقة المحزنة أمام الشعب.

لهذا كانت مصر تتجه نحو انهيار اقتصادي وربما افلاس، لولا أن الحكومة قررت في عام 2016 تعويم الجنيه المصري وخصخصة الشركات العامة، والتخلي عن الشركات الخاسرة.

والآن جاء دور الحديد والصلب المصرية، فهي تخفي الخسائر وهناك تلاعب في النتائج المالية التي تعلن عنها، وهو ما أكدته رانيا يعقوب خبيرة أسواق المال لشبكة سي ان ان: “ما تضمنه بيان وزارة قطاع الأعمال العام، من تحقيق الشركة خلال الأعوام المالية من 1997/ 1998 وحتى العام المالي 2002/2003، أرباح هامشية لا تعبر عن الواقع من خلال استخدام إدارات الشركة آنذاك الفروق الدائنة نتيجة لعدم تقييم الأصول (الأراضي) التي بلغت نحو 4092 مليون جنيه، لتحقيق أرباح وهو ما كان مثار اعتراض الجهاز المركزي للمحاسبات”.

الخسائر كبيرة وتختصر الواقع:

خسائر الحديد والصلب المصرية

في الجدول أعلاه يتضح أن هناك تضاربا فعلا في البيانات، بين ما يتم الإعلان عنه وما يحدث في الواقع، ومنذ ثورة 2011، بدأت تظهر هذه الخسائر.

تحدث هذه الخسائر بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج إضافة إلى قلة الإنتاج، وهذا في ظل غياب تبني الشركة للتكنولوجيا الجديدة، التي يمكن أن تساعدهم على زيادة الجودة والإنتاج والتنافس مع الشركات الخاصة في هذا المجال.

شركات أخرى في مصر منافسة تبنت التكنولوجيا وساعدها المستثمرون في شراء الآليات الجديدة وعادت استثماراتهم بالمزيد من الصادرات لمصر إضافة إلى أرباح وتوظيف آلاف العمال.

للأسف بقيت الحديد والصلب شركة عامة ومتقادمة، وخارج المنافسة، رغم تزايد الطلب على الصلب والحديد داخليا وخارجيا وهناك فرص لتصبح شركة عالمية رائدة في هذا المجال.

كان لدى الشركة 18 ألف موظف وقد خرج معظمهم على المعاش والتقاعد، وأصبح لديها الآن 7000 موظفا فقط، وهو ما يعني أنها لا توظف المزيد من العمال منذ فترة.

أسست الشركة العريقة بتكنولوجيا ألمانية ثم تطويرها مرة أخرى في بداية الستينات بتكنولوجيا من الاتحاد السوفيتي سابقا، ومنذ ذلك الحين لم تحصل على تحديثات مهمة، حاليا لديها ديون بحجم 8 مليارات جنيه مصري.

إنتاج الحديد في مصر بين الريادة والفشل

تحتل مصر المرتبة 32 عالميا في إنتاج الحديد، وهي من الدول المهمة في هذا الشأن، ومع تسارع التنمية الإقتصادية بهذا البلد مع توجه الدولة إلى بناء العاصمة الجديدة وعشرات المدن الجديدة، فإن الطلب عليه يرتفع.

غير أن مراقبون يشيرون إلى أن التكنولوجيا المستخدمة في هذا البلد وحتى بالقطاع الخاص تحتاج إلى مزيد من التطوير والتحديث كي تكون أكثر تنافسية.

وتستورد في نفس الوقت مصر الحديد من دول أخرى مثل تركيا وأوكرانيا والصين، وهي دول تحتل المرتبة 20 و 7 و 3 على التوالي.

ومن المعلوم أن شركة عز الدخيلة للصلب- أكبر منتج للصلب في مصر- قد منيب بخسائر وصلت إلى 3.5 مليار جنيه خلال أول 9 شهور من عام 2020، وهو ما يشير إلى التحدي الذي نتحدث عنه هنا.

هذه الشركة الخاصة التي اشتراها أحمد عز كانت تحقق خسائر قبل أن يستحوذ عليها، والآن عادت للخسارة مجددا.

وتعد الخصخصة واحدة من أهم مقومات الإصلاحات التي تحدث في مصر، ويمكن للقطاع الخاص النهوض بهذه الصناعات، والتماسك في المنافسة لفترة أطول دون أن يضر ذلك دافعي الضرائب، على العكس فإن تحمل الدولة لخسائر الشركات العامة يزيد الطين بلة بالنسبة للمواطن.

إعادة هيكلة شركة افلاس الحديد والصلب المصرية

احتج عمال الشركة على قرار التصفية، وكذلك الأمر بالنسبة للمعارضة في البلاد ومسؤولين من البرلمان المصري، في نقاش مستمر.

ويطالب العمال الدولة بالتدخل لوقف قرار التصفية من خلال ضخ أموال لتطوير الشركة واعتماد التكنولوجيا الحديثة، وهي ستصبح مربحة مجددا.

غير أن الحقيقة التي توصل إليها الخبراء هو أن إعادة الهيكلة ستكلف أكثر من استمرار الشركة على هذا الحال، كما أن الحكومة لن تخاطر بأموال دافعي الضرائب في مشروع متهالك، قد يحتاج إلى مبلغ ضخم ثم قد لا يعود بالمبلغ أبدا.

أفضل ما يمكن للحكومة القيام به هو صرف مستحقات العمال لفترة من الزمن، بينما هي ستبحث عن بيع أعمالها لمستثمر محلي أو أجنبي مهتم بالمشروع.

إقرأ أيضا:

ما هي الخصخصة والقطاع الخاص؟ مميزاتها وعيوبها

3 رسائل من تراجع الفقر في مصر لأول مرة منذ 20 عاما

اقبال على بيتكوين في مصر لمواجهة الأزمة الإقتصادية

اشترك في قناة مجلة أمناي على تيليجرام بالضغط هنا.

تابعنا على جوجل نيوز